بسم الله الرحمن الرحيم «إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزيز وما أهل لغير الله به».. هل عرف الإنسان الحكمة الإلهية لتحريم أكل وشرب «الدماء»؟! لماذا يقبل الجهلاء من البشر على أكل وشرب الدماء ويعتقدون أن هذا التحريم هو إرهاق للعباد وتعكير لأمزجتهم!! إن هذه الآية التى تحرم أكل وشرب الدماء هى واحدة من آيات الإعجاز الكثيرة فى القرآن الكريم، سواء علمنا أو جهلنا بالحكمة الإلهية لهذا التحريم، تعالوا معا نتأمل ماذا يصيب الذين يأكلون ويشربون الدماء؟ وصدق الله إذ يقول: « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم».
هل تصدقون - أنه ومنذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا - مازال الاعتقاد الشائع بين الناس بأن «الدم» هو سر الحياة وهو مصدر القوة والنشاط والحيوية، لذلك كانوا يتدافعون ويلتفون حول حلبات المصارعة «ليشربوا» من دماء المتصارعين الذين يسقطون قتلى اقتناعا منهم بأن دماء المصارعين الأقوياء هى سر قوتهم وحيوتهم!! وتوجد طوائف وجماعات فى الصين وبنجلاديش والهند يفضلون الدم كغذاء وشراب، وهى طوائف وثنية تؤمن بآلهة الشر «كالى» التى جسدها الهنود القدماء فى صورة امرأة مولعة بشرب الدماء!! وأيضا هناك بعض شعوب العالم تهوى الدم كغذاء منها دول فى أوروبا الشرقية مثل رومانيا، يوغسلافيا «السابقة»، وشمال القارة الأوروبية، لأن شعوبها تعتقد فى القيمة الغذائية للدماء!! كما كان العرب فى الجاهلية يملأون أمعاء الحيوان بالدماء ثم يشوونها ويأكلون منها، وكان الأعرابى فى الصحراء عندما يجوع يستخدم آلة حادة يخدش ويجرح بها الجمل ويجمع ما يخرج من دماء ويشرب ويأكل!! عمر الرجل عند «الماساى» 54 عاما فقط!! العجيب أيضا أن قبائل «الماساى» الأفريقية يعشقون دماء أبقارهم، ويتعود أفرادها على شرب كوب من دم الماشية الممزوج باللبن الحليب، فهذه القبائل التى بسطت سيطرتها على مساحات شاسعة من مراعى كينيا الخضراء لا تكتفى بحلب أبقارها، بل يقوم رجالها من حين لآخر بطعن واحدة من أبقارهم فى الوريد ليتدفق الدم بغزارة لتلهث وراءها الأفواه المتلهفة لطعم الدم الطازج، يشربونه بمفرده وتارة يمزجونه «يخلطونه» بالحليب، ورجال الماساى يفضلون شربه فى الصباح اعتقادا أنهم بذلك ينعمون بقوة طيلة نهارهم، كما يسقونه للمرضى والحوامل من النساء وكذلك الأطفال، إذ تؤمن قبائل الماساى بشدة فى خواص الدم الخارقة، ويزعمون بأنه يمنحهم مناعة ضد الأمراض ويطيل أعمارهم وللأسف كلها مزاعم واهية وبعيدة تماما عن الحقيقة، ويكفى أن نعرف أن متوسط عمر الرجل من الماساى لا يتجاوز «54 عاما» فقط!! وهذا يؤكد أن كلها اعتقادات خاطئة وكاذبة وتؤدى بالإنسان إلى الهلاك. مصاصو دماء قاتلون!! لا شك أن ما تروج له السينما العالمية هو كارثة ومأساة إنسانية بكل المقاييس، فلا أظن أن مخلوقا نال من الشهرة والشعبية كتلك التى نالها «مصاص الدماء» فى العديد من الأفلام خاصة «مصاصو دماء هوليود الخارقين»، وبعد أن كانت صورته فى الأفلام القديمة هى الوحشية والبشاعة والقتل والدموية ورمز «لثقافة الرعب»، فإن المؤسف والمخيف أن أرباب صناعة السينما العالمية رسموا لمصاص دماء القرن الواحد والعشرين صورة حديثة فريدة محببة للقلوب، فقد تحول بالتدريج من وحش مرعب مخيف إلى «أيقونة» وجوهرة للوسامة والجمال والإثارة الجنسية، ويروجون فى أفلامهم الدموية أن الدم هو «الرحيق الأحمر» الذى يبعث فى جسد مصاص الدماء جذوة الحياة ونشوتها وهو الاعتقاد الأبله والخاطئ لمصاص الدماء!! المثير للتأمل فعلا أن هناك «مصاصو دماء حقيقيون وطبيعيون» على هذه الأرض وكلهم قاتلون ويحملون معهم أمراضاً خطيرة تؤدى بالإنسان إلى الموت والهلاك، منها على سبيل المثال «أنثى البعوض» فهى الأبرع والأسرع فى مص دماء الإنسان وتنقل إليه عدوى الأمراض الخطيرة مثل الملاريا والحمى الصفراء، و«القراد» كائن آخر من مصاصى الدماء وينتشر فى أمريكا الشمالية وأفريقيا ويصيب الإنسان بمرض خطير وقاتل ويعرف باسم «داء لايم»، و«البرغوث» من أخطر مصاصى الدماء وهو ناقل خطير لوباء «الطاعون» أو «الموت الأسود» وهو من أخطر الأوبئة التى قتلت البشر عبر التاريخ، وكان سببا فى إبادة ما يقارب ثلثى سكان القارة الأوروبية، وغير ذلك الكثير من الكائنات المصاصة للدماء منها بعض الحشرات والأسماك والثدييات والطيور وغيرها مثل «القمل- ذبابة الرمل- ذبابة التسى تسى- الخفاش- عصفور مصاص للدماء- دودة العلق- سمكة «كاندرو».. وغيرها»، وكلها كائنات وحشرات ناقلة للأمراض المميتة. «شوربة الدم»!! الإنسان الطبيعى السوى يجد صعوبة شديدة فى رؤية الدم، فهو لا يستسيغ مذاقه ولا رائحته ولا طعمه ولا لونه، وكلها أمور تسبب له الغثيان، بل إن مجرد النظر إليه ورؤيته قد تؤدى إلى حدوث دوخة وإغماءة لدى بعض الناس، ومعروف أن «الدم» سائل أحمر لزج يتكون من كرات الدم الحمراء، وكرات الدم البيضاء، الصفائح الدموية، البلازما، ويوجد فى جسم الإنسان المتوسط من «5 إلى 6 لترات» من الدم، وبالنسبة لدم الإنسان هناك للأسف الشديد من يشربه بعد مزجه بالخمر والنبيذ الأحمر فى حفلات خاصة تقيمها جماعات مهووسة بمصاصى الدماء!! المحزن جدا أن شرب الدم أو طهيه لا يقتصر على أفريقيا فقط، بل يمتد لأرجاء واسعة من المعمورة، فهناك أكلات وأطعمة متنوعة تصنع من الدم أشهرها حساء الدم «شوربة الدم» أو السجق أو الحلوى المصنوعة فمثلا يحلوا «للسويديين» تناول دم الأوز، أما «البولنديون» فيفضلون دم البط، وفى «الفلبين» يستخدمون الدم فى طهى نوع من المرق يدعى «دنجوان»!! وهناك «سجق الدم» وهو منتشر فى أوروبا وأجزاء من آسيا، كما يستخدم الدم فى صناعة أنواع من الحلويات تباع فى متاجر الصين وكوريا، كما تقوم كثير من مصانع الأغذية فى أوروبا بطهو وطبخ الدم لإنتاج أنواع من مصنعات اللحوم مثل «سجق الدم بالأرز» فهم يخلطون الدم بالأرز والملح والتوابل ويتركونه قليلا حتى يتجمد ويتجلط ثم يأكلونه مقليا فى الزيت أو السمن، وهى بلا شك وجبة مثيرة للقرف والاشمئزاز لأصحاب الفطرة السليمة، ليس هذا فقط بل المفزع أن صانعى الأغذية يتوسعون فى استخدام «الدم وبروتيناته» فى تصنيع منتجات غذائية أخرى كالحلوى وغيرها، والمثير للتأمل أن الإنسان السوى تعاف نفسه رؤية الدم ومنظره، بل إن الكثير من الناس يصاب بالإغماء فما بالنا بمن يشربه أو يأكله كطعام أو غذاء. بسم الله الرحمن الرحيم «يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون، إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير لله، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم».. صدق الله العظيم الأسبوع القادم بمشيئة الله لماذ حرم الله أكل «الدم»؟.