استكمالا لسلسلة تحقيقات سابقة رصدنا من خلالها ظاهرة اختفاء السينما فى الأحياء الشعبية رغم قيامها منذ عقود طويلة وتأثيرها اجتماعيا وثقافيا وسياسيا على سكان تلك المناطق نستكمل الآن الملف ونقدم بعض الشخصيات التى أثرت فى وجدانها سينما الحى بشكل فعلى واستطاعوا فيما بعد أن يقدموا أعمالا ناجحة ويصبحوا هم أساطين الفن والفكر فيما بعد بسبب سينما أدمنوها منذ الصغر . ∎الأفلام الأمريكانى
الفنان عادل إمام يقول : من صغرى وأنا عاشق للسينما ويوجد بجوار منزلى بالحلمية الجديدة سينما بعنوان «سينما وهبى » إلى جانب العديد من دور العرض التى كانت قريبة من المكان الذى أقطن فيه مثل ريفولى ومترو وإيديال وهذه تعتبر أول سينما أنشئت فى مصر بجوار مسرح الجمهورية وسينما أوليمبى وسينما «استديو مصر» فى شارع عماد الدين «بيربوا فيها فراخ حاليا» وسينما الهلال فى حىالسيدة زينب والعديد من السينمات التى لا يوجد إلا بقياها الآن.
وأضاف الزعيم قائلا: لم أرتبط بسينما الحى الذى أسكن فيه بدرجة كبيرة لأن السينمات التى كانت توجد به دائما ما كانت تعرض أفلاما عربية وأنا كنت عاشقاً للأفلام الأمريكية فى ذلك الوقت ، فكنت أضطر إلى التوجه إلى سينمات الأحياء المجاورة وكنت دائم حضور الأفلام التى أحبها، فسينما مترو وسينما كايرو وبوسط المدينة.. وصرح قائلا: من وجهة نظرى أن السبب الحقيقى وراء اختفاء سينما الزمن الجميل هو أن الحكومة المفروض أنها كانت تمول هذه الصروح واستبدلوها بسينما المولات التى لها جمهورها الخاص ولها سعر تذاكر مرتفع تصل إلى 75 جنيهاً.
وأوضح الزعيم قائلاً : هناك ذكريات ومواقف كثيرة جمعتنى بسينما الحى ولم أنسها طوال حياتى فكنا نخصص يوم الخميس أنا وأصدقائى للسينما وأنا نشاهد أفلاماً أمريكية فى سينما «ريو بباب اللوق » وهىسينما صيفى وكانت تعرض ثلاثة أفلام فى وقت واحد عربى واثنين أجنبى والعرض مستمر طوال الوقت وكان ذلك يسبب لى مشكلة كبيرة لأننى كنت أتأخر عن البيت وكانوا يعاقبوننى عقابا شديداً وموقف آخر لم أنسه أيضا حدث فى سينما إيزيس بحى السيدة زينب الفيلم يوجد فى أحد مشاهده حريق هائل ونظرا لأن فى هذه الفترة ولم يتعود الجمهور على هذه المشاهد توقع جميع الحاضرين للفيلم أن السينما تحترق وأسرعوا بالخروج منها، ظللت بمفردى أتابع الفيلم ولم أتأثر بحالة الهرج والمرج التى حدثت والسبب فى ذلك أننى كنت متابعاً كما ذكرت للسينما الأمريكية وتعودت على هذه المشاهد منها ، والحقيقة أنهم قدموا لنا سينما عظيمة وأفلاماً رائعة تعلمنا منها الكثير والكثير فقد جعلتنى أشاهد أحداث الحرب العالمية الأولى والثانية، لكن للأسف الشديد الأفلام الأمريكية لم تعد كما بدأت الآن فقد تراجعت كثيرا.
∎ «3تعريفة »
أما جمال بخيت فيقول: طفولتى كانت فى حى مصر القديمة وبداية عشقى للسينما كانت من إخوتى الكبار الذين كانوا يذهبون إلى السينما باستمرار وهذا كان شيئاً مقدساً لديهم ، وأتذكر أن هذا الحى كان به خمس سينمات وهى «ميراندا وسينما الجزيرة وسينما جرين وسينما الروضة وسينما ابن البلد وهذه كانت توجد فى المدبح وكان لها اسم شعبى الناس كان يسمونها «سينما فريد » لأنها كانت دائما تعرض أفلام وحش الشاشة الذى كان يعتز بجمهور الترسو ويستطرد قائلا: ولى ذكريات مع هذه السينما العريقة التى كانت سعر التذكرة فيها ب 3 تعريفة إلى جانب ذلك كان يوزع علينا داخل السينما «ساندوتش» وجميع هذه السينمات كنت أحضر فيها الأفلام فى المرحلة الابتدائية مع إخوتى الكبار.. واستكمل الشاعر حديثه قائلا : هناك موقف طريف لم أنسه مطلقا كنت أنا وأصدقائى نرتب لدخول فيلم فى «سينما الجزيرة» وقمنا بجمع الفلوس التى كانت توجد معنا ولم يتبق معنا أى أموال للمواصلات وقرر أصدقائى أن يركبوا الأتوبيس يتشعبطوا بدون تذاكر وأنا رفضت هذا السلوك وقررت أن أمشى حوالى محطتى أتوبيس وكان معى فلوس التذاكر كلها فى يدى وقافل عليها وأثناء سيرى فى الطريق حدثت حادثة وقام تاكسى بخبطى وأسرع المارة فى الشارع فى إسعافى وأخذونى داخل مخبز لكى يطمئنوا أننى لا يوجد بى كسور أو كدمات والحمد لله لم يحدث لى أى شىء وبعد ذلك أكملت طريقى إلى السينما ووجدت أصدقائى منتظرين أمام شباك التذاكر وأسرعت لهم وعندما سألتنى المسئولة عن قطع التذاكر عن الفلوس سكت لبضع ثوان ونظرت إلى يدى وجدت برغم كل ما حدث لى وما تعرضت له ظللت محافظاً على أسعار التذاكر و«متبت عليهم».
يقطن مع بخيت فى نفس المنطقة «مصر القديمة» الفنان خالد صالح الذى استعاد ذكرياته مع سينما الحى وقال : كنت دائم الذهاب ومشاهدة الأفلام داخل سينما ميرندا التى هى الآن بعنوان «فاتن حمامة » وكان يوجد بينى وبينها مجرد كوبرى واصل إليها.
وأضاف صالح : كان يوجد فى محطة الباشا فى المنيل سينما وما يقرب من ثلاث أو أربع سينمات فى منطقة المنيل وأتذكر أننى فى المرحلة الابتدائية والإعدادية شىء أساسى ومهم جدا هو الذهاب إلى السينما وكنا نتفرج على ثلاثة أفلام فى الحفل الواحد وأنا وأصدقائى.. وصرح صالح قائلا : سينما الحى هى الى جعلتنى أعشق التمثيل بهذا الشكل وهى التى شكلت وجدانى وثقافتى.
∎أنا وأختى وسينما الحى
سعيد الشيمى يقول «أنا حبيت السينما بسبب والدى كان طبيبا وكان دائم المشاهدة للسينما مع أصدقائه وخصوصا حسن خان وهو والد المخرج محمد خان وكنا نقطن فى حى عابدين، وخصوصا فى الميدان وكان والدى يرجع من العيادة ويأخذنا إلى سينما الحى والذى كانت توجد به العديد من السينمات التى لا حصر لها مثل سينما ستراند وسينما سوق باب اللوق وغيرهما وأنا كنت أشاهد أفلاماً فى كل هذه السينمات المجاورة لحى عابدين وكان أهم سينماتين بالنسبة لى سينما الكرنك الصيفى وسينما بارادى، وأضاف شيمى أن السينمات كانت جزءاً أساسيا من تكوين الثقافة المصرية فى الأربعينيات والخمسينيات وجزءاً كبيراً جدا من الستينيات ولكن بدءا من 51 يوليو 1960 افتتح فى مصر وسوريا التليفزيون العربى أعتقد أن هذا أثر على انتشار دور العرض وصرح شيمى أن سينما الحى شكلت وجدانى بشكل فعلى وهى الأساس التى جعلتنى أحب السينما.
∎سينما الحى وسينما المولات
تامر حبيب : عشت طفولتى فى حى الدقى الذى كانت توجد فيه أكثر من سينما وللأسف الآن لا توجد ولا واحدة منها وهى سينما شهر زاد وسينما سفنكس وسينما صيفى أنا كنت دائم الذهاب لها بعنوان سينما حديقة نادى الجزيرة.. وأضاف حبيب قائلا: السينمات كانت خروجة.. مهمة جدا جدا بالنسبة لأسرتنا جميعا على الأقلمرة أو مرتين فى الأسبوع، ومن درجة عشقى للسينما عندما كان أهلى يخرجون يقضون مشاويرهم الخاصة «كانوا يودونى السينما وهما راجعين ياخدونى ويرجعوا يلاقونى على نفس الكرسى متحركتش».
∎سينما فقدناها
ويقول محسن أحمد : ولدت فى شارع محمد عنايت فى حى السيدة زينب الذى كان يكتظ بدور العرض وعلى بعد أمتار من المنزل أربع دور عرض سينمائى فقدنا ثلاثا منها «سينما أيزيس وسينما الأهلى، وسينما الهلال الصيفى».. وأضاف محسن أحمد قائلا: هذا الشارع ودور العرض التى كانت توجد فى الحى جمعت العديد من الفنانين منهم صديقى الفنان نور الشريف والممثل محمود مسعود ومخرج التليفزيون حافظ أمين والمخرج الراحل علاء كريم.
يوسف القعيد يروى : قضيت فترة من حياتى مرحلة الدراسة فى مدينة دمنهور وكان والدى استأجر لي حجرة مشتركة وكان بجوار هذا المكان مكتبة البلدية ، وذهبت إليها وجدت الدور الأول منها سينما ومسرح يحملان نفس الاسم غيرت طريقى فورا وتركت المكتبة ودخلت السينما. وأضاف القعيد قائلا : كل مرة أذهب فيها إلى السينما أشعر أننى أرتكب إثما بسبب نصائح والدى ووالدتى طوال الوقت وهى «ذاكر وانتبه إلى دروسك » لا تنشغل بأى شىء آخر وأنا كنت عاشقاً للسينما.