«قنابل موقوتة» يفجرها رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي فى وجه البسطاء فجاء قرار زيادة الضرائب صدمة لجميع القطاعات والتراجع عنه يفتح الأبواب لهروب المستثمرين من السوق المصرية، فهذا التخبط فى القرارات الاقتصادية لا يراعي ما تمر به مصر من خسائر.. جميع هذه التوترات تؤكد أن المواطن البسيط هو الضحية..!!.. موجة غضب أصابت المواطنين بسبب قرار رئيس الجمهورية محمد مرسى برفع الضرائب على بعض السلع والمنتجات الذي تراجع فيه بعد ساعات من إعلانه وبعد ذلك أعلن رئيس الوزراء هشام قنديل أنه سوف يتم طرح هذه الزيادة على حوار مجتمعي خلال الأسبوع المقبل ورغم تأجيل هذا القرار إلا فإن المواطنين مازالوا فى حالة خوف ورعب من هذه القرارات غير المدروسة فقد تضمنت هذه الزيادة عددا كبيرا من السلع اليومية من أبرزها السجائر، فقد جاءت السجائر على رأس أولويات السلع التى تمت زيادة ضريبة المبيعات عليها.
وتتضمن تعديلات قانون ضريبة الدمغة، فرض ضريبة نسبية على أرصدة التسهيلات الائتمانية والقروض والسُلف، وأى صورة من صور التمويل، التى تقدمها البنوك ذلك بواقع 4 فى الألف سنويا، على أن يلتزم البنك بسداد 1 فى الألف على أعلى رصيد مدين، خلال كل ربع سنة، وعلى أن يتم السداد خلال 7 أيام من نهاية كل ربع سنة ويتحمل البنك والعميل الضريبة مناصفة.
∎ تقرير!
حذر تقرير صادر عن البنك المركزى من تراجع الاستثمار فى مصر طوال هذه الفترة.. فقد ذكر البنك المركزي في تقريره أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر خلال الفترة من يوليو وحتى نوفمبر الماضي انخفض ليسجل صافى تدفق للداخل1,801 مليون دولار مقابل صافي تدفق للداخل بلغ 1,044 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق.
وأرجع البنك المركزى تحقيق الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات أو زيادة رؤوس أموالها صافي تدفق للداخل بلغ 1,045 مليون دولار مقابل 9,125 مليون دولار خلال فترة المقارنة، وأن الاستثمارات فى قطاع البترول حققت صافى تدفق للخارج بلغ 8,644 مليون دولار مقابل صافى تدفق للخارج قدره 412.4 مليون دولار خلال فترة المقارنة.
كما أظهرت المعاملات الرأسمالية والمالية خلال الفترة من يوليو وحتى ديسمبر من العام المالى الجارى تحقيق الاستثمارات بمحفظة الأوراق المالية فى مصر صافى تدفق للخارج بلغ 327.1 مليون دولار مقابل صافى تدفق للخارج بلغ نحو 1.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الذى يسبقه.
وأرجع المركزى ذلك إلى محصلة تعامل الأجانب فى أذون الخزانة والسندات المصرية ليسجل صافى مبيعات بلغ 133.5 مليون دولار وكذلك صافى مبيعات فى الأسهم بلغ 6,193 مليون دولار.
∎ الركود!
وفى هذا الإطار أكد حمدي رشاد رئيس لجنة الاستثمار لشعبة المستثمرين أن قرار ارتفاع الضرائب خطأ للغاية فى ظل الركود الاقتصادي التي تمر به البلاد فمثل هذه القرارات تعتبر قتلاً مع سبق الإصرار والترصد للاقتصاد المصري فزيادة الضرائب تؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، لأن الميزة النسبية للاستثمار كانت توفر الأمن والأمان والآن أصبحت غير موجودة، إضافة إلى زيادة الضرائب وبهذا تتحول مصر لدولة غير جاذبة للاستثمارات فى ظل الوضع الأمنى والسياسى الراهن، وخاصة أن هناك دولاً بالمنطقة توفر العديد من الحوافز الاستثمارية للأجانب.
وأشار رشاد إلى أن هذه الضريبة سيدفعها الاقتصاد المصري من هروب المستثمرين وغلق العديد من المصانع مما يتسبب فى تشريد العمال مما يؤدى فى النهاية إلى أن هذه الضريبة لا يتحملها إلا المواطن البسيط، بالإضافة إلى أن الظروف الحالية للاقتصاد المصرى لا تسمح بصدور هذه القرارات التى تتعارض مع قوانين الاستثمار وحالة السوق المتردية، متسائلاً كيف يمكن فرض المزيد من الضرائب على نشاط اقتصادى يمر بأسوأ حالاته وأقل معدل ربحية؟؟ فهذه القرارت لها العديد من السلبيات التى يجب أن نأخذها فى الاعتبار حتى يخرج الاقتصاد المصرى من عنق الزجاجة.
∎ المأزق!
ومن جانبه أكد رجل الأعمال شريف دلاور أن قرارات رئيس الجمهورية تضع مصر ومؤسساتها الاقتصادية فى مأزق إما التراجع عن تنفيذ هذه القرارات فهو مأزق آخر يخرج مصر من المنافسة ويجعل أمام المستثمرين طريقا واحدا وهو خروج مصر من خريطتهم فضلا عن الأحداث السياسية المضطربة التى أثرت بشكل مباشر على الاستثمار.
وأشار دلاور إلى أن رفع الضريبة التصاعدية لمستوى 52٪ سيؤثر سلبياً على مناخ الاستثمار، وقد يدفع بعض رءوس الأموال للهرب إلى دول لا تفرض ضرائب بنسب مرتفعة، ولا تعانى مشكلات عدم الاستقرار السياسى، فضلاً عن أن التوقيت خطأ، ويأتى بعد رفع أسعار الطاقة والخدمات عن المستثمرين، بما لا يتماشى مع مساعى الحكومة لجذب الاستثمارات، موضحا أن التعديلات الضريبية الأخيرة لا تراعى البعد الاجتماعى أو الاستثمارى، مشيرا إلى أنه ليس من المعقول أن يكون حد الإعفاء السنوى لدخل المواطن هو 5 آلاف جنيه فقط، وكان من المتوقع فى ظل الظروف الحالية أن يرتفع الحد إلى 02 ألف جنيه، مع العمل على رفع الحد الأدنى للأجور.
∎ المفاجأة!
ويرى الخبير الاقتصادى سعيد عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بكلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة أن القرارات الفجائية تضر بالأسواق، لافتا إلى أنه كان متوقعا أن تلجأ الحكومة إلى رفع أسعار عدة سلع وخدمات لتمويل عجز الموازنة ومواجهة الخفض الكبير فى الإيرادات.
وأضاف إن صدور القرار وإلغاءه، بعد رفع أسعار الكهرباء والوقود، يعطى مؤشرا على أن الحكومة فى طريقها إلى فرض ضرائب بالجباية وبذلك نعود إلى العهد السابق فكانت الحكومة عندما تعجز عن خلق موارد جديدة تلجأ إلى تقمص فكرة الضريبة الجبائية.
وأشار د. عبدالخالق إلى أن الضريبة تشكل 70٪ من موارد الدولة وفى ظل توقف نشاط السياحة والإنتاج وتوقف التصدير، فإن الأمر قد يتخطى حاجز ال09٪، مضيفاً أن كبرى الدلائل على فشل الحكومة الحالية فى إدارة موارد الموازنة العامة فى مصر أنه كلما زاد سوء الوضع السياسى يزداد الوضع المالى والاقتصادى سوءا ويكفى أن حجم العجز فى الدين العام المحلى والخارجى ارتفع من 1,1٪ إلى 3.1٪ خلال فترة لم تتعدَّ 3 أشهر.
وأوضح د. عبد الخالق أن حجم الاقتصاد غير الرسمي يصل إلى نحو 40٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وخارج نطاق المنظمومة الضريبية، وبالتالى ليس من المنطقى أن نقوم بزيادة نسبة الضريبة على الاقتصاد الرسمة الذى يمثل نحو 60٪، وأضاف إن الصين قامت بتخفيض نسبة الضرائب على الممولين بنحو 05٪ بعد أن لاحظت تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. واتفق المهندس على عيسي نائب رئيس الجمعية فى أنه ليس من العدل أن يتم رفع سعر الضريبة على من يدفع الممولين الملتزمين وتغض الدولة الطرف عن الاقتصاد غير الرسمى. ومن جانبه أكد مصطفى عبدالقادر رئيس قطاع المناطق الضريبية بمصلحة الضرائب أن هناك استراتيجية داخل مصلحة الضرائب تقوم على دعم المواد البشرية ومأمورى الضرائب، خاصة أنه تلاحظ فى الآونة الأخيرة أن هناك العديد من المشكلات فى تطبيق القانون، بالإضافة إلى بفرض ضرائب على المبيعات بنسبة 3٪ على 50 سلعة أن الموازنة العامة للدولة تعرضت لحالة انخفاض تدريجي وفقًا للأحداث المتتالية وتأثر الاقتصاد بعد الثورة وهو ما جعل الحكومة تبحث عن سبل أخرى للتمويل.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار قد ينعكس على المستهلك بشكل غير مباشر من حيث زيادة الأسعار من قبل الشركات المطبق عليها القرار إلا أن الدولة مطالبة بوضع ضوابط لحل الأزمة التي قد يواجهها المواطن.
∎ كارثة!
ويرى الخبير المصرفى أحمد قورة أن قرار فرض الضريبة على التسهيلات الائتمانية فى البنوك كارثة يرتكبها الرئيس فى حق الاقتصاد المصرى فالقطاع المصرفى هو من أكثر القطاعات التى تسهم فى سد عجز الموازنة ففى النهاية يكون مصيرها هكذا.
وأشار قورة إلى فرض ضريبة نسبية عن أرصدة التسهيلات الائتمانية والقروض وكل الخدمات التمويلية التي تقدمها البنوك.
وأوضح أن تنفيذ مثل هذا القرار في القطاعات الائتمانية بالبنوك سيؤدي حتمياً إلى إحجام المستثمرين على التوسع في القروض والمشروعات القائمة، بينما سيضاعف المستثمرون الجدد في تكلفة مشروعاتهم بعد إضافة تكلفة الضرائب الجديدة، وهو ما كان سيؤدي إلى انهيار الكثير من الاستثمارات المستهدفة فى الفترة القادمة.