قعدة وقت عصرية فى الفاراندة لشرب كوب شاى وتجاذب الحديث عن البيت والأسرة والعمل.. لمة على سفرة وقت غداء وتبادل الحكايات.. جلوس أسرة حول شاشة تليفزيون واحدة لمتابعة تمثيلية أو برنامج.. قعدة على البحر فى المصيف تجمع زوجين يتبادلان أطراف الحديث.. كل هذه صور من أفلام أبيض وأسود، أما الآن فقد تم استبدالها بصور أخرى تماما دخلت عليها مستجدات العصر فأصبحت المرأة تشكو من الشاى الذى يشربه الرجل فى الكافيه وقت البريك مع زملائه أو حتى بمفرده.. وتتململ من الموبايل الذى لا يترك أذنه وهو داخل البيت بعد العمل حتى فى الحمام أو اللاب توب الذى يمقق فيه عينه حتى على السرير قبل النوم.. واستكمالا لما بدأناه الأسبوع الماضى من ظواهر جديدة ومشاكل زوجية لا تنفع معها نصيحة أو خبرة جدة نوصل صوت هؤلاء الزوجات اللاتى يعانين من مية ضرة وضرة داخل البيت. ∎أنا.. وزوجى.. والنت
صدمة تتعرض لها العديد من الزوجات بعد الزواج مباشرة الآن لاعتقادهن أن الأزواج شركاء فى كل شىء الوقت والكلام والأحلام والمشاعر وهذا كلام نظرى فالواقع غير ذلك.. ندى مهندسة متزوجة منذ 7 أشهر ترى أن اللاب توب هو ضرتها الأولى فزوجها يعود من العمل مساء يغير ملابسه ويتناول الغداء ثم يجلس «على النت» وتقول ندى: لا أشعر أن زوجى يعود من الخارج فما إن يعود حتى يبدأ شات.. عمل.. ألعاب.. فيس بوك.. كله على النت وأشتاق لأحاديثنا الطويلة معا أيام الخطوبة مما دفعنى أنا أيضا للتوجه للنت ونسيت لذة الحوار معه حاولت لفت انتباهه بشتى الطرق دون جدوى وأصبحنا نبعث لبعضنا أخبارنا على الفيس بوك. أما ليلى توفيق متزوجة منذ 4 أعوام فغير مقتنعة بأى إجازة يأخذها زوجها معها فهو على حد قولها «معانا ومش معانا» وتقول: «من موبايل للنت للآى باد للفيديو جيم هذه هى أوقات الإجازة التى يقضيها زوجى معى فلا كلام ولا سلام والاسم أننا فى إجازة وأنا مع ابنى نمارس كل مانريده وهو بجانبنا وكأنه «مخاصمنا» فهو يوصلنا أو يأخذ باله مننا فقط».
∎ أنا عايزة جوزى:
ساميه أحمد محاسبة بأحد البنوك متزوجة منذ5 شهور تقول إن ضرتها الحقيقية اكتشفتها بعد الزواج مباشرة الكافيه وأصحاب زوجها فيوميا بعد أن يعود من عمله يتغدى ويرتاح لساعتين ثم ينزل تحت البيت على الكافيه مع أصدقائه وجيرانه وأتمنى أن يكون هناك وقت أستطيع الحديث معه فلا أستطيع أن «أتلم عليه» أبدا وطبعا عندما يرجع يكون شبع كلام ومش مستعد لأى شكوى أو سماع أى طلب أو الدخول فى أى حوار لكن عايز يتعشى وينام عشان شغله الصبح مما دفعنى إلى اللجوء لأى أحد أتكلم معه من صديقاتى لأنى مع زوجى لن يكون بيننا أحاديث مشتركة.. كذلك الدكتورة لينا فمع أنها متزوجة فقط من 6 أشهر إلا أن الكافيه هو المكان الذى يقضى فيه زوجها الساعات بعد عودته من عمله مع أصدقائه بدلا من الجلوس معها وتعتبر أصدقاءه والكافيه ضرتها وتعرف الكثير من أخباره بالصدفة من أخته أو أخيه الذى يسكن فى نفس عمارتهما ويجلس معه أيضا على الكافيه.
علية طبيبة أسنان متزوجة منذ 9 شهور زوجها يعمل فى مجال الدعاية والإعلان ومع أنها حامل إلا أنها لا تشعر بزوجها أبدا وتحتاج بشدة أن يشعر بها زوجها فتقول: عمله «واكل دماغه» فعمله فى مجال الدعاية والإعلان جعل حياتهما إعلاناً كبيراً فدائما يفكر فى الإعلانات والدعاية وطول الوقت يحاول الابتكار والتجديد وليس هناك أى مكان للتفكير أو التخطيط لحياتنا عندما كان يترك لى اختيار كل ما فى شقتنا لم أفطن أيام الخطوبة أنها بداية ترك كل شىء يتعلق بحياتنا لى والتفرغ الكامل لعمله لأنه كان يشاركنى فى أفكاره ويعرضها على أما بعد الزواج فلم تعد له طاقة للكلام معى أو سماعى حتى عندما أطلب منه أن يعطينى من وقته وتفكيره ولذا أنا أغار من عمل زوجى وأحاول أن ألفت انتباهه حتى عندما يأتى معى للدكتور يظل إما يتكلم على الموبايل أو يظل على «الآى باد» وكأنه فى دنيا أخرى.
∎ قنوات قليلة الأدب:
أما العديد من الزوجات فيرين أن قنوات الغناء والرقص تشد انتباه أزواجهن بعيدا عنهن.. ليلى متزوجة منذ سنة تؤكد أن الحوار بينها وبين زوجها مقطوع بسبب هذه القنوات فيعود من العمل يأكل أمامها ويتابع الرقص والهلس وهو جالس صامت وغير مستعد لأى مناقشة أو كلام وأصبحت تكره التليفزيون وتحن للأيام التى كان يجلس والدها ووالدتها يتبادلان الأحاديث ويتكلمان معا ومعها هى وإخوتها فوقتها لم يكن سوى مسلسل أو مسلسلين هو ما يتفرجون عليه ولم تكن للمياصة التى يفضلها الأزواج الآن أى مكان.. نفس المشكلة تعانى منها د.م متزوجة منذ عامين تصف زوجها بأنه مدمن للأفلام الجنسية ويقضى وقته أمامها وهو سبب الخلاف دائما بينهما ونفوره منها.. الغريب أنها نفس شكوى زوجة أخرى مضى على زواجها أكثر من 52 سنة وعندها أولاد فى سن الجامعة والثانوى وتخاف أن يعرفوا إدمان زوجها الذى ظهر مؤخرا لهذه القنوات وهذه الأفلام وتشعر أنها فى كابوس فقد تغير زوجها معها وأصبح يقارن بينها وبين بطلات هذه الأفلام وكأنهن ضراتها اللاتى يسكنّ معها بيتها.
∎ قنوات تسبب الطلاق:
فى دراسة عن «القنوات الفضائية وعلاقتها بظاهرة الطلاق» تؤكد د. عزة كريم أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث أن «موديلز» الفضائيات وفتيات الفيديو كليب ساهمن فى رفع معدلات الطلاق، وآخر إحصائية تؤكد ارتفاع نسبة المطلقات إلى 70 ألف مطلقة فى مصر خلال عام واحد.
وتقول الدكتورة عزة كريم: الفضائيات سرقت كثيرًا من الأزواج من زوجاتهم وغيرت أمزجتهم وتطلعاتهم فالقنوات الفضائية بما يبث فيها من أنماط مستوردة وغريبة عن واقعنا العربى والإسلامى وأغلبها أفكار تتسم بالتفاهة والسطحية وتهدف إلى المتعة والترفيه فقط، أدت إلى حدوث نوع من الاغتراب للشخصية العربية وتسطيح وعى المشاهد كما تسببت فى حدوث انقلاب حاد داخل أفكار ومشاعر الجماهير وتسببت فى نوع من البلبلة الفكرية وساعدت على الخلط بين الحلال والحرام والصواب والخطأ والأخلاق الحميدة والرذيلة وأصبح الجمهور العربى يتأرجح بين التضارب الفكرى والأخلاقى والسلوكى مع غياب وعى الجمهور العربى بالكثير من السلوكيات والقيم الإيجابية للأسرة عامة والمرأة والرجل بشكل خاص ومع عدم استعداده لتلقى ما تبثه الفضائيات وفرزه ومعرفة كيفية التحصن ضده وقد انعكس كل ذلك على العلاقات الأسرية والزوجية وأصبح الأزواج والزوجات يتخبطون بين ما يعرفونه وبين ما هو قادم من الفضائيات، كما يتخبطون بين خبراتهم الخاصة ورؤيتهم للرجل والمرأة، وبين ما يشاهدونه من نساء يغالين فى الحركات الأنثوية وتبادل الألفاظ والمشاهد الجنسية والعاطفية وبين ثقافتهم الجنسية الموروثة التى تختلف وتتصادم مع ما يشاهدونه.
فبعد أن كان الزوج مقتنعًا بزوجته أصبح الآن يرى نساء جميلات يمارسن حركات مثيرة لا تعرف زوجته كيفية ممارستها وهو ما يدفع الزوج إلى إجراء مقارنة تكون فيها الزوجة بالطبع خاسرة فقد أصبح واقع الزوجة وحياتها بالكامل مهددا خاصة أن الواقع الذى يعيشه الزوج يجذبه إلى هذه الفتيات ويجعله غير قانع بجمال زوجته فالزوج يكون لديه أفكار وخيالات وتطلعات عن العلاقة الحميمة، وما إن يجتمع بزوجته حتى يجد الواقع مختلفا تمامًا، يجد طموحاته الجنسية قد أصيبت بالإحباط وهو ما يدفع الزوج إلى البحث عن متعة جنسية كوسيلة للهروب من الواقع ومع استمرار التراكم اليومى لهذه الإحباطات يهرب الأزواج من هذا الواقع المر الذى يعيشون فيه إلى عالم آخر يشبعون فيه غرائزهم ورغباتهم ويحقق لهم نوعا من المتعة، ويشجعهم على ذلك فتيات الفضائيات و«موديلز» الإعلانات ونجمات الإغراء وهو ما قد يؤدى إلى ظهور علاقات عاطفية وجنسية بديلة لا تتناسب مع جو الأسرة العربية تكون نتيجتها الحتمية الانفصال مع الأخذ فى الاعتبار ظروف المرأة التى أرهقتها المشاكل اليومية وإعداد الطعام وتنظيف المنزل وتربية الأبناء.. كل هذا يؤثر بالسلب على اهتمامها بزوجها ولا تنتبه الزوجة لنفسها إلا بعد فوات الأوان وفى خضم المشاكل اليومية التى يعانى منها الزوجان وكثرة الأعباء الأسرية وصراعات العمل وضغوط الحياة يزداد بالطبع عمق واتساع الفجوة بين الزوجين وتزيد معها المشاكل والخلافات الزوجية وتكون هذه هى مقدمة للانفصال.
∎ الحل فين؟؟
هذه الصدمة، التى تتسبب بها وسائل تكنولوجية جديدة لم تكن غالبا موجودة بالسابق، يمكن امتصاصها على حد قول الدكتورة صفاء عبدالعال مستشارة العلاقات الزوجية فتقول: إنه كما زادت الضغوط والتوترات فى حياة كل شريك بسبب الحياة السريعة والمزدحمة التى نعيشها زادت الحاجة لتفريغ الطاقات فى شىء يحبه لمواصلة الحياة ولأن الآن أصبحت هناك وسائل جديدة وكثيرة تجعل الإنسان يشرد ويبعد بنفسه عن شريك حياته وهو لا يزال فى بيته ولا يغير ملابسه ليخرج وقود السيارة بل يجلس بالبيجامة أمام شاشة الكمبيوتر مثلا.. أو بالرغى فى الموبايل أثناء السواقة أو الجلوس على مقهى بجانب البيت بدلا من الذهاب لقهوة فى الحسين كالسابق كما أن تأخر سن الزواج الآن جعل الشباب يتعودون على نمط حياة معين فيه الجانب الترفيهى ويصبح من الصعب التعود على نمط حياة جديد فيه شريك آخر ودائما ما يكون الشريك غير مدرك لشعور شريك حياته وغالبا ما يكون الزوج فى معظم الحالات التى أراها هو الأنانى الذى لا يعبأ بشعور زوجته ومتعود على جلسة المقهى مثلا وترى الدكتورة صفاء أن هناك حلاً من ثلاثة أولا أن تظل الزوجة تزن وتزن للمطالبة باهتمام زوجها بها وفى رأيى أن هذا الاختيار هو سبب كل المشاكل وسينتهى بخسارتها.
والحل الثانى أن تتأقلم مع الواقع وتتعامل بسلبية وتصبر نفسها وتجد ما يشغلها هى الأخرى من تنظيم للبيت أو ذاكرة أولاد أو ممارسة هواية معينة ولكن حتى هذا الحل لست معه لأنه يوسع الهوة بين الطرفين وإذا شعر الزوج أن زوجته تترك له الحبل على الغارب سوف يبحث عمن تهتم به.
أما الحل الثالث وهو المفترض القيام به وهو الأصعب فأن تحاول الشريكة اجتذاب الشريك لها بطريقة غير مباشرة فتشاركه هواية أو لعبة على النت أو بلاى ستيشن أو فرجة على القنوات التى يفضلها وأن تفتعل الأجواء المشتركة حتى لو تظاهرت أول الأمر بذلك حتى يجمعهما الكثيرئوالأهم أن تخفف من توترها قدر المستطاع فتعطى لنفسها حقها وتستمتع بحياتها حتى لا تصبح كالقنبلة الموقوتة طوال الوقت وتكون مشحونة ومتوترة ودائمة الشكوى أثناء جلستها معه.