في الأسبوع الماضي ذكرنا أن كلمة طلاق هي كلمة بغيضة يكرهها كل الناس وهي كلمة صغيرة ولكنها خطيرة لأنها دليل علي الفشل وخراب البيوت وتشتت الأبناء.. الكثير من الزوجات يسعين للطلاق بكل عزمهن وقوتهن ويحاربن من أجله، وعندما يحصلن عليه نجدهن في معظم الأحوال يندمن ويرددن مقولة «يارتني ما اتطلقت» والدليل علي ذلك مجموعة من الرسائل تلقيتها من زوجات ندمن علي الطلاق وطلبن مني نشرها كي تفكر أي زوجة أخري مائة مرة قبل طلب الطلاق ويتعرفن علي مساوئه. - نادمة.. نادمة!! زوجة شابة جميلة تزوجت وهي في المرحلة الجامعية بعد قصة حب مع زميل لها عاشا الحب بكل جنونه وحلاوته وأنجبا طفلين واستمرت حياتهما الزوجية حوالي 10 سنوات ثم بدأ يحدث بينهما انشقاق بسبب اختلاف في وجهات النظر وطريقة نظرة كل منهما إلي الحياة.. هي بعد تخرجها من الجامعة شغلت وظيفة إعلامية بارزة وهو تخرج أيضا وأصبح رجل أعمال ناجحاً وكانت طبيعة عملها تحتم عليها التواجد خارج المنزل لفترات طويلة وربما في بعض الأحيان تمكث إلي وقت متأخر من الليل فبدأ الزوج يتذمر ويعترض.. ثم أصبح يغار عليها بجنون.. وبدأ يضايقها بشتي الطرق ويقهرها. تحملت هذه المعاملة الخشنة فترة طويلة وبدأ يتحكم في حياتها جدا.. ويتحكم في صداقاتها مع إنها لم تفعل أي شيء خطأ يشينها أو يشين زوجها ومع ذلك كان متذمرا دائما وبدأت هي تقضي معظم وقتها خارج المنزل هروبا منه ومن مشاكلها معه وازدادت الفجوة بينهما وكثرت لحظات الصمت بينهما وبدآ يتباعدان نفسيا وجسديا وارتفع جدار الجليد بينهما وأصبح عاليا عاليا ثم جاءت لحظة قرار الطلاق.. قالتها له: «طلقني» وبعد الكثير من المفاوضات من جانب الأهل والأصدقاء للصلح بينهما فشلت كلها وتم الطلاق!! وعن شعورها بعد الطلاق تقول الزوجة: في البداية شعرت بفرح عظيم بخلاصي من معاملته القاسية وشعرت بالحرية التامة واستمتعت بها تماما ودخلت في عدة علاقات حب ولكنها لم تستمر لأني في كل مرة أكتشف أنني اندفعت نحو هذه العلاقات بدافع أن أستمتع بحريتي فقط.. ولم أكن مقتنعة بأي رجل منهم لأن يصبح زوجي وبمرور حوالي عام علي طلاقي بدأت أسأل نفسي طيب وبعدين- وبدأت أشعر بالملل والرتابة وتعبت من تربيتي لأبنائي وتحملي مسئوليتهم وحدي.. وبدأت أندم علي طلاقي وقلت لنفسي كنت أستمر معه أحسن أهو «ظل راجل ولا ظل حيطة» وإلي متي سأستمر في الجري والانطلاق ومعظم الرجال الذين تعرفت عليهم كانوا ماكرين وخادعين و لا يعنون الكلام المعسول الذي يتفوهون به وهم دائما يهربون من المسئولية والارتباط عند الاقتراب من الجد. وبصراحة لو سألتني لو الأيام عادت بي إلي الوراء ماذا سأختار- ستكون إجابتي الحاسمة والمؤكدة كنت سأختار الاستمرار معه.. بصراحة أنا نادمة نادمة وأفتقد بشدة الكيان الأسري ودفء البيت الذي كان يجمعنا!! - بعد الطلاق الحياة صعبة! زوجة ثانية نادمة علي طلاقها تقول: علي الرغم من أنني أنا اللي طلبت الطلاق وأصررت عليه لاستحالة العشرة بيني وبين زوجي إلا إني نادمة بشدة الآن لأني بعد طلاقي عشت فترة طويلة وصعبة ونفسيتي محطمة فعقب سمعي لفظ الطلاق استرجعت شريط حياتي مع هذا الرجل بكل حلوها ومرها.. وبدأت أستقبل حياة جديدة مجهولة. فحتي يوم أمس كنت أعيش في هذه الشقة في بيتي في حجرتي وفجأة اليوم تركت هذا البيت بكل ما فيه من ذكريات وتركت هذا الرجل وانفصلت عنه إلي الأبد نفسيا وجسديا ورجعت أعيش في بيت أهلي أجتر في مرارة الفشل وقسوته! عشت بعد الطلاق شهرين راقدة في فراش لا أقوي علي الحركة أتناول المهدئات بكثرة وبعد أن بدأت أفيق بدأت ترتيب أوراقي من جديد أراجع دخلي ومصروفاتي واحتياجاتي فمن الآن سأعتمد علي نفسي وحدي!! استمررت في تعبي النفسي الشديد حوالي عام كامل لا أكلم أحدا لا أخرج فقدت الكثير من وزني ودخلت في مرحلة اكتئاب حادة حسيت معها أن الحياة انتهت علي الرغم من أنه في يوم طلاقي كان عمري 32 سنة فقط! مر علي طلاقي الآن حوالي خمس سنوات ومازلت أشعر أن الحياة بلا طعم ولا لون أفتقد الحنان والحب وأيضا الأمان وهي أهم شيء بالنسبة للمرأة ومازلت لا أجد الرجل المناسب الذي أرتبط به فمعظم الرجال يريدون العلاقات السريعة التيك أواي.. فالمطلقة كما تعلمين فريسة سهلة للرجال ومطمعاً لهم.. فالكل يعتبرها مباحة سهلة ومتاحة وهذا الشعور يقتل أي امرأة ويجرحها ولا ننسي نظرة المجتمع أيضا للمطلقة فكثير من البيوت والأسر يرفضون الاختلاط بمطلقة خوفا من أن «تلطش» رجل البيت! بصراحة أنا نادمة وأتمني أن أعيش حياة زوجية هادئة دافئة ومستقرة. - خلعته وندمت! أغرب رسالة وصلتني كانت لزوجة «خلعت» زوجها ومع ذلك ندمت بعد ذلك وتقول: أنا نادمة أشد الندم مع أني خلعت زوجي بنفسي وبعد الخلع شعرت أنني تسرعت في هذا القرار وعانيت من قسوة الوحدة وتحملي المسئولية وحدي.. ونصيحتي لكل زوجة أن تتمهل وتفكر طويلا قبل طلبها الطلاق لأنه ليس بالشيء الهين ولا السهل علي الإطلاق. - يعد اكتئاب ما بعد صدمة الطلاق أكثر الأشكال انتشارا من بين الأشكال المختلفة للاكتئاب فكل صدمة أيا كان شكلها تصيب الفرد تظهر لها آثار اكتئابية بعد مرور فترة زمنية غير محددة فقد تكون هذه الفترة قصيرة كأن تكون بعد يوم أو شهر من الصدمة أو طويلة تمتد لسنوات هذا الاكتئاب مشكلته في أنه يأتي بعد فترة من حدوث الصدمة بحيث يجهل الفرد العلاقة بينه وبين الصدمة السابقة ومن هذا المنطلق فإن حدوث الطلاق بين الزوجين ينتج عنه في بعض الأحيان ولدي بعض الناس اكتئاب لا يظهر إلا بعد فترة من زمن الطلاق بل إنه في حالات كثيرة نجد أن الزوجة لا تتأثر كثيرا بحدوث الطلاق وتجد من حولها أكثر تأثرا وحزنا منها لحدوث الطلاق.. لكن بعد مرور الوقت نجد أن أقارب المطلقة قد زالت عنهم آثار الصدمة وبدأت تظهر علي الزوجة المطلقة من خلال عدة مظاهر من البكاء والانعزال والتفكير الدائم في ذكريات تلك الفترة من الحياة الزوجية ومهما كانت تلك الزوجة علي صواب في حياتها الأسرية السابقة وأن سبب الطلاق كان بسبب تصرفات زوجها السيئة إلا أنه في الغالب تبدأ مظاهر الندم علي التفريط في ذلك الكيان الأسري وتبدأ تتزاحم الأفكار السلبية حول تصرف سلبي حصل منها مما يزيد من ندمها وحسرتها!! والملاحظ أن هذا النوع من الاكتئاب يصيب النساء أكثر مما يصيب الرجال لأسباب عديدة لعل من أهمها تعلق الزوجة بزوجها وحاجتها الدائمة أكثر من الرجل للحب والعطف والحنان والأمان! ودرجة الاكتئاب تتفاوت بنسب مختلفة وتتحكم في زيادة نسبته أو انخفاضها درجة الحرية المتاحة للمرأة من حيث التصرف في حياتها الشخصية. وعلي أي حال فإن اكتئاب ما بعد الطلاق لا يعتبر من الأنواع الخطيرة من الاكتئاب، خصوصا إذا أمكن تداركها منذ بداية ظهورها فكلما كان العلاج مبكرا أمكن معالجته والتخفيف من آثاره! ولكن للأسف في بعض الحالات النادرة فإن الاكتئاب يكون شديدا جدا وقد يصل بالبعض إلي الانتحار. ولقد أصبح من المعتاد في الدول المتقدمة أن يلجأ الزوجان قبل اتخاذ قرار الطلاق إلي إخصائي نفسي متخصص في المشاكل الزوجية. ويجب أن يدرك المطلقان أن هناك خطرا قادما بعد الطلاق لابد من الاستعداد له من خلال زيارة مكتب مشورة لتجاوز الأزمة والتخفيف من آثارها وفي نفس الوقت يحصل كل طرفي الطلاق علي تأهيل نفسي لمرحلة جديدة من حياته.. في الغالب تكون نهايتها زواجا جديدا وتجربة جديدة تحتاج إلي تقييم الماضي ورسم خطة واستراتيجية جديدة! وبالفعل المطلقة تتعرض لصدمة عنيفة نفسية بعد الطلاق حتي لو كانت ترغب في الطلاق وحاربت من أجله كثيرا.. لأن الطلاق كما ذكرنا هو في النهاية نوع من الفشل والدليل علي ذلك هو اعترافات بعض الزوجات المطلقات وغالبا ما يرددن مقولة «يارتني ما اتطلقت!!
إحصائية: 70% من المطلقات يندمن! تشير الإحصائيات الحديثة الصادرة من المركز القومي للبحوث الاجتماعية إلي أن 70% من المطلقات اللاتي طلبن الطلاق بنفسهن يندمن فيما بعد علي هذا ويفضلن العودة. مرة ثانية بعد أن يكتشفن أن عليهن مواجهة مجتمع ينظر إليهن نظرة غير صحية خاصة إذا كان لديهن أبناء وهي ليست دعوة للأزواج لكي يمارسوا الظلم ضد زوجاتهم متوقعين أنهن سيندمن ويرجعن إليهم ثانية. لكنها حقيقة تؤكد أنهن لا يستطعن تحمل أعباء الحياة المادية والمعنوية بمفردهن وأحزان المطلقة لا تنتهي بوصول ورقة الطلاق بل تبدأ لها مشكلات أخري بعد الطلاق.