اشتعال الأسعار والغلاء والركود والانكماش والتشبع.. سمات اتسم بها قطاعا العقارات والمقاولات علي حد سواء خلال العام المنقضي فبينما أكد عدد من خبراء العقارات والمتعاملين داخل السوق استمرار حالة الركود خلال العام الجديد لحدوث تشبع من الوحدات المعروضة التي تخاطب ذوي الدخول المرتفعة والأغنياء في مقابل تجاهل شريحة كبيرة من المجتمع ترغب في الإسكان المتوسط، واشتعال الأسعار بما يتجاوز ال10% لجميع الوحدات السكنية، ذهب البعض الآخر إلي أن قطاعي العقارات والمقاولات سوف يشهد رواجا ملموسا خلال العام المقبل وتحقيق توازن ما بين معدلات العرض والطلب إلي جانب حدوث طفرة معدلات نمو القطاعين. يؤكد الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ علي الثروة العقارية أن اشتعال أسعار الوحدات السكنية لجميع الشرائح والمستويات سواء للتمليك أو الإيجار، وإصابة السوق بحالة ركود في حركة البيع والشراء، وانتشار العشوائية في البناء، كانت أبرز معالم سوق العقارات خلال العام المنقضي 2010م. ويري «جمعة» أن حالة الركود والغلاء سوف تمتد خلال العام الجاري إذا ما لم تتخذ الجهات الحكومية المعنية وفي مقدمتها وزارة الإسكان ضوابط من شأنها حماية المستهلكين والسوق ككل. وأضاف أن شركات الاستثمار العقاري قامت باشعال الأسعار خاصة لوحدات الإسكان القومي للشباب والمشرفة عليها في مقابل منحها تسهيلات للحصول علي الأراضي حيث لا تتعدي مساحة الوحدة 90 متراً تباع للشاب ب150 ألف جنيه تسدد «كاش» ويصل ثمنها إلي 250 ألف جنيه بالتقسيط علي أن يسدد 30% من سعرها مقدما بما يفوق امكانيات الشباب ويفرغ مشاريع الإسكان القومي من أبعادها الاجتماعية ويقضي علي أحلام الشباب في امتلاك وحدة سكنية. عشوائيات البناء أما ظاهرة انتشار عشوائيات البناء فقد تجلت في عدة مناطق منها ضواحي الهرم وفيصل وضواحي مدينة نصر وغيرها التي لا تحصل علي تراخيص للبناء ولا تراعي مواصفات فنية تتعلق بأمان العقار من عدمه، حيث يبلغ سعر المتر للوحدة بهذه المناطق 1200 جنيه بدون تشطيب! كما شهدت الإيجارات زيادة ملحوظة بجميع المناطق بفعل مغالاة الملاك والسماسرة في تحصيل قيمة إيجارية مرتفعة عن السكان، حيث بلغت أسعار الإيجار للوحدات بالمدن الجديدة 800 جنيه للوحدة بمساحة 100 متر و3000 جنيه للوحدة بمساحة 220 متراً إلي جانب فرض زيادة سنوية تتعدي 20% من قيمة الإيجار الأمر الذي أدي بدوره لانتشار ظاهرة تأجير الغرف بالوحدات خاصة للموظفين المغتربين من جميع أنحاء الجمهورية، فيتراوح إيجار الغرفة بين 250 و300 جنيه شهريا. محدودو الدخل ويري صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال أنه سيظل هناك معدلات طلب مرتفعة داخل السوق العقاري لكن نوعية الطلب تختلف كثيرا عن نوعية المعروض من الوحدات داخل السوق، فلدينا 80% من المجتمع محدودو الدخل وهناك نصف مليون «زيجة» سنويا وهذا يعني أن هناك نصف مليون أسرة تحتاج لوحدات سكنية سنويا في حين لا يتعدي إنتاجنا من الوحدات التي تخاطب هذه الفئات سوي 20% من حجم السوق الذي يوجه لنسبة كبيرة منه للإسكان الفاخر الذي يستهدف الفئات ذوي الدخول المرتفعة والأغنياء الأمر الذي أحدث تشبعاً داخل السوق العقار، خلال الآونة الأخيرة من هذا النوع من الوحدات، مؤكدا أن هناك عجزاً متراكماً للوحدات يبلغ 900 ألف وحدة منها 500 ألف وحدة في الصعيد إلي جانب أن حجم إنتاجنا من الوحدات لا يتعدي 150 ألف وحدة سنويا ولابد من زيادتها إلي 400 ألف وحدة مع اختيار نوعية الإسكان التي تشهد معدلات طلب مرتفعة. وأضاف رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال أن هناك تحديات تواجه وزارة الإسكان خلال العام الجديد في تحفيز المستثمرين وتنظيم ومراقبة استغلالهم للأراضي وتنميتها دون المتاجرة بغير تحقيق للأهداف المرجوة من جراء عملية التخصيص، إلي جانب إعداد الأراضي الصالحة للاستثمار والمرفقة حول القاهرة والمدن، إذا ما توفرت قاعدة بيانات سليمة طبقا لمعدلات الطلب الأمر الذي يحول دون حدوث ركود داخل السوق ويحفز المطورين العقاريين علي التنمية. مدينتي والتمويل العقاري أكد دكتور إبراهيم عوض خبير عقاري أن السوق العقاري ليس نشطاً وقد شهد حالة ركود علي مستوي البيع والشراء خلال الآونة الأخيرة إلا أنه شهد نشاطا ملحوظا في عملية البناء والتشييد، وأضاف أن تجاوز أزمة مدينتي يعد الحدث الأبرز خلال العام الماضي التي أثرت بدورها علي أحجام المستثمرين عن الشراء إلي جانب تراجع أرباح الشركات بنسبة تصل إلي 35% ودفع الشركات نتيجة حالة الركود وصعوبة تحصيل الأموال من السوق بشكل سريع للجوء للاقتراض من البنوك لاستكمال مشروعاتها القائمة، واشعال أسعار وحدات المدن الجديدة بنسبة تصل إلي 70%. ويتوقع أمين سعيد سكرتير جمعية خبراء التقييم العقاري ثبات أسعار الوحدات لجميع الشرائح خلال العام الجديد، إلي جانب تزايد المنافسة بين الشركات العقارية الجادة لصالح المستهلك، مؤكدا ضرورة نشر ثقافة التمويل العقاري الذي يحتاج لإعادة نظر من قبل الجهات الممولة لتسهيل الاجراءات وخفض أسعار الفائدة وإيجاد آلية للتمويل العقاري للوحدات تحت التنفيذ الأمر الذي ينعكس علي تنشيط سوق العقارات ويحدث معدلات نمو مرتفعة بالقطاع. مجلس تصديري العقارات ويختلف معه في الرأي أحمد مطر رئيس الاتحاد العربي للتنمية العقارية في أن العام الجاري سوف يشهد ارتفاعا في الأسعار لجميع الوحدات السكنية بمعدل 10% علي الأقل مؤكدا أن العام الماضي اتسم بالثبات نتيجة الخروج من حالة الركود التي شهدها السوق العقاري العام قبل الماضي 2009م وحدوث رواج نسبي في عمليات البيع والشراء وزيادة لجميع الوحدات المعروضة داخل السوق. ويري مطر أن 2010م عام الأحداث العقارية فقد تجاوز السوق أزمة مدينتي التي تسببت في حالة عدم ثقة في درجة أمان الاستثمار العقاري والتي كادت تسبب كارثة بالسوق لولا تعديل عقدها الأمر الذي أنقذ السوق وبقي تأثيره بها محدودا. وأضاف رئيس الاتحاد العربي للتنمية العقارية أن إعلان انشاء المجلس التصديري للعقارات جاء من أهم الأحداث العقارية التي شهدها العام الماضي والذي يقع علي عاتقه التركيز خلال الفترة المقبلة علي فتح أسواق جديدة للمنتج العقاري المصري وجذب استثمارات عربية لتنشيط السوق العقاري وتذليل العقبات لتشجيع ملكية الوحدات السكنية لغير المصريين، كما شهد الشهران الماضيان تسجيل 25 ألف حالة ملكية للأجانب في الشهر العقاري بما يمثل استثماراَ مباشراً يحدث رواجا ويوفر السيولة وينعش السوق بأكمله. الأموال الأجنبية أكد الدكتور علاء لطفي رئيس المجلس التصديري للاستثمار العقاري أن تبني فلسفة التوجه للبناء علي مساحة 63 متراً فأكثر من قبل شركات الاستثمار العقاري أخذت في التوسع بنهاية العام المنقضي الأمر الذي يلبي رغبات شريحة كبيرة من المواطنين لامتلاك وحدات سكنية بأسعار مناسبة كانت لا تقدم في السابق علي الشراء نتيجة لارتفاع الأسعار إلا أن العام الجديد سوف يشهد استمرارا لتلك الفلسفة من قبل الشركات العقارية بما يخلق توازناً بين معدلات العرض والطلب داخل السوق. وأضاف أن المجلس التصديري للاستثمار العقاري سوف يقوم بدور مهم خلال الفترة المقبلة في جذب رءوس الأموال الأجنبية والتواجد بقوة داخل الدول العربية. وأنه سوف يبدأ أولي خطواته باقامة مؤتمر ملتقي الاستثمار المصري السعودي الأول والتي تعد أحد الأسواق المستهدفة في خطة المجلس إلي جانب تملك الوحدات السكنية بمصر ومختلف الدول العربية. البنية التحتية علي جانب آخر يؤكد محمد الهيتمي أمين عام اتحاد مقاولي التشيد والبناء أن العام المنقضي شهد انكماشا في حجم استثمارات قطاع المقاولات بلغت نسبته 15% نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية وحدوث انكماش لمشروعات البنية التحتية في مصر إلا أن العام الجديد سوف يشهد رواجاً في حركة التشييد والبناء والمقاولات بمعدل 10% مدفوعا برواج في مشروعات البنية التحتية ومشاركة القطاع الخاص مع الحكومة في تمويل تنفيذ تلك المشروعات مما يعود بالفائدة علي القطاع ككل.