علي الرغم من مرور تسعة عشر عامًا علي وفاته إلا أنه مازال مادة خصبة للسرد، فمازال الكثير من الإسرائيليين يرون في "مناحم بيجن" الشخصية الأسطورية القوية التي حققت المجد للدولة العبرية. صدر في إسرائيل موخرا كتاب جديد عن "بيجن"، أحد قيادات منظمة "إيتسل" العسكرية التي مارست العنف مع الفلسطينيين، وزعيم حزب حيروت، ورئيس الحكومة السادسة في إسرائيل، فقد صورت مؤلفة الكتاب علي صفحات عملها بيجن بالبطل، فكتبت علي الصفحة الخلفية من الغلاف "إن هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية ولكنه قصة ملحمية". وتزامنت فترة ميلاده مع فترة اضطرابات عنيفة من العداء للسامية اجتاحت أوروبا، ونشأته في روسياالبيضاء وانضمامه لحركة الشباب "هاشومير هاتسعير" الصهيونية بإيعاز من أبيه، ودراسة للقانون في جامعة وارسو، وفي بولندا انضم لمنظمة "البيتار" والتقي بالرجل الذي أثر عليه طيله حياته، هذا الرجل هو الصهيوني "زائيف فلاديمير جابوتنسكي" رائد تيار الصهيونية وسياسة العنف والذي اعتنق بيجن منهجه، ثم هروبه مع زوجته من وارسو المحترقة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وتجوله في بلدان العالم قبل رحلته الأخيرة لإسرائيل. تناول الكتاب أدق التفاصيل عن حياة رئيس الحكومة الأسبق المرتبطة بنشأته وبخاصة علاقته مع زوجته عليزة - أو "إيلاه"، عرض الأحداث الكبري والمشاكل العصيبة التي واجهت بيجن علي مدار حياته، مثل حرب أكتوبر واتفاقية السلام. ويحوي العديد من خطاباته في الكينست وفي المحافل الأخري في المدن الإسرائيلية والتي تشغل مساحة كبيرة من ذلك العمل، منها خطاب أرسله "مناحم بن جوريون" - أول رئيس للوزراء في إسرائيلي - إلي حاييم جوري - صحفي وشاعر إسرائيل بارز - في مايو 1963 والذي وصف من خلاله بيجن بأنه "عنصري ومستعد لتدمير كل العرب من أجل أرض إسرائيل الكاملة". وكانت هناك ثغرات بين الصفحات وقعت بها الكاتبة، فقد أسقطت أحداث هامة ورئيسية مرتبطة بحياة بيجين، مثل عدم إيضاح ملابسات نشأة حزب الليكود، فبعد اقتباس للخطاب "الملحمي" الطويل لبيجن في الكينست بانسحاب حزبه من الحكومة الإسرائيلية عام 1970 يصل الكتاب مباشرة لحرب يوم الغفران - أكتوبر 1973 - دون الإشارة إلي الأحداث التي واكبت تلك الفترة، فقبل شهر من ذلك الخطاب كانت هناك خطوات هامة من جانب بيجن من أجل الوصول للسلطة، كذلك تجاهلت كيفية خروجه من المجر المحتلة ليصل إلي سويسرا عام 1944. وإسقاط الأحداث ليس الخطأ الوحيد الذي وقعت به الكاتبة، فالكتاب مليء بالأخطاء التاريخية وعدم تحري الدقة والخلط بين الوظائف والصفة لكثير من المسئولين في إسرائيل وخارجها.