مضحكة هي تلك المصطلحات التي يبتدعها بعض المعارضين في مصر. ومنها مؤخرًا مصطلح «البرلمان الموازي».. الذي يقتضي أن يكون العضو في هذا الكيان موصوفًا بأنه «النائب الموازي»، وهذا بالطبع يختلف تمامًا عن «الطريق الموازي».. و«الخط الموازي». عقلية رياضية مبتكرة هذه التي ابتدعت ذلك المصطلح اللطيف، وكما نعرف فإن «تعريف المتوازيان» في الهندسة هو أنهما: خطان مستقيمان يسيران في اتجاه واحد ولا يلتقيان.. وإذا عرف «الموازيون» هذا التعريف فإنهم سوف يرفضون المصطلح ببساطة لأنهم معوجون.. ولأنه قد يعني أنهم يسيرون في اتجاه واحد مع مجلس الشعب الشرعي.. وهم لا يريدون ذلك.. بالتأكيد هذا الذي ابتدع المصطلح ينتمي إلي الحزب الوطني وأراد توريط المعارضة «!!». عمومًا، الحياة عامرة بالمتوازيات، الشرطي والحرامي متوازيان.. لا يلتقيان إلا في قاعات المحاكم لحظة إدانة المجرمين.. وإذا كان الشرطي ممثلاً للشرعية.. فإن الفاسدين ومهربي المخدرات والمغتصبين والنشالين يؤسسون وحدهم عالمًا آخر سريا.. يناقض الشرطة ولا يلتقي معها أبدًا. مباريات الكرة الشراب في الشوارع تمثل أيضًا نوعًا من النشاط الموازي للدوري العام الشرعي.. الناس تستمتع أحيانًا بمباريات الحواري.. لكنهم يعرفون أن الأندية لا تفوز بالبطولات فيها.. وإنما من خلال دوري معروف ينظمه اتحاد الكرة.. ولو جرؤ أي لاعب حافٍ علي أن يدعي أن الدوري الشوارعي الذي يلعب فيه هو الدوري الحقيقي لن يلتفت إليه أحد وسوف يسخرون من قدراته العقلية. وفيما مضي كانت في مصر سوق صرف شرعية وسوق صرف موازية.. الثانية كانت توصف بدقة بأنها سوق سوداء.. إلي أن تعدلت الأوضاع والقوانين وأصبحت في مصر سوق صرف واحدة للعملات.. ودخل كثير من نجوم السوق الثانية إلي السجون باعتبارهم تجار عملة. وعلي أجهزة الكمبيوتر وفي شبكة الإنترنت هناك موقع للعالم الافتراضي يجعل المستخدم يعتقد أنه في مكان موازٍ.. يقول لك: إنه يمكنك أن تحج.. وأن تسافر.. وأن تبني جنتك.. وأن تشيد مدينتك.. عالم موازٍ.. ينهدم بمجرد أن تغلق صفحة الموقع.. وهو ليس الحياة الحقيقية التي تعيشها. ما علينا، لنفترض جدلاً أن الجماعة.. أعضاء الموازي.. قرروا فعلاً أنهم سيشكلون هذه اللعبة السمجة والتافهة التي يسمونها البرلمان الموازي.. فهل سوف يكون لهم مقر موازٍ؟.. وهل سوف تكون لكل منهم حصانة موازية.. ومكافأة موازية.. وهل سوف يكتب كل منهم في كارته الشخصي «فلان الفلاني.. عضو لا مؤاخذة الموازي».. ومن إذن سوف يكون رئيسه الموازي؟ هل سيتركها حمدين صباحي لمصطفي بكري.. أم سوف تستولي علي المنصب جماعة الإخوان.. وتأتي بأي شخص كي يكون هو رئيسه الموازي؟ بالتأكيد حين ينادي الرئيس الموازي للبرلمان علي أحد الأعضاء فإنه لن يقول له: حضرة النائب المحترم.. وإنما حضرة العضو الموازي! هل سيكون لهذا البرلمان الموازي لجان موازية.. ومكاتب موازية.. من أين؟ هل هناك تمويل موازٍ؟ ولنفترض مثلاً أن ناخبًا ذهب إلي أي نائب موازٍ هل سوف يقدم له الخدمة التي يطلبها عن طريق وزير موازٍ أو رئيس حي موازٍ أو محافظ موازٍ؟ هذه معضلة.. لكن علي الناخب أولاً أن يقدم طلبه علي ورق موازٍ بقلم موازٍ ويكتبه بلغة موازية.. وينتظر في غرفة موازية.. ويطلب النائب من رقم موازٍ. وأعتقد أنه سيكون علي أي نائب موازٍ أن يقدم طلب إحاطة أو سؤالاً للوزير الموازي.. وفقًا للائحة الموازية.. وإذا ما عَنَّ لأي موازٍ أن يقدم استجوابًا فإنه سوف يشن هجومًا موازيا ويوجه اتهامًا موازيا.. ويطالب بإسقاط الوزير الموازي.. ويصفق له الأعضاء الموازون.. ويخرج ليصرح في جريدة موازية.. ومحطة موازية. السؤال الأهم هنا، حين تنقضي مدة هذا البرلمان الموازي.. هل سوف تجري انتخابات موازية.. بحيث يعاد انتخاب الموازين في البرلمان الموازي.. أم أنهم سوف يعودون للترشح في البرلمان الشرعي.. فإذا ما فازوا مجددًا ودخلوا إلي رحاب الشرعية هدموا الموازي.. أو لعلهم سوف يتركونه إلي آخرين يسقطون في الانتخابات فيذهبون إلي الموازي حيث يفشون غيظهم. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]