بالرغم من الأزمة التي يعانيها المسرح من عزوف الجماهير طوال الفترة الماضية إلا أن قرار إنشاء إدارة مختصة بالتسويق بالبيت الفني للمسرح لم يأت إلا خلال شهر مضي فقط، عندما أصدر الدكتور أشرف زكي رئيس قطاع الإنتاج الثقافي إبان إشرافه علي البيت الفني قرارا بتعيين الفنانة منال سلامة مديرة لإدارة التسويق بالبيت الفني حتي تتم مسألة التسويق بشكل علمي مدروس عكس ما كان يحدث سابقا. عن ذلك يقول مدير مسرح السلام والمخرج المسرحي هشام جمعة: بالنسبة للتسويق هناك إدارة أنشأها الدكتور أشرف زكي في الفترة الأخيرة أثناء إشرافه علي البيت الفني للمسرح، وهذه الإدارة حاليا برئاسة الفنانة منال سلامة التي حصلت مؤخرا علي مسمي فنان قدير حتي يتواءم مع منصبها الجديد فمن المفترض أن لديها تصورات متعددة وذلك بعد عدد من الاجتماعات والمناقشات الكثيرة بيننا وبينها حيث اقترح كل فريق تصوره لعملية التسويق بالبيت الفني خلال الفترة القادمة ومن المتوقع أن يتم تعاون وتنسيق تام بين الفرق المسرحية التسعة وإدارة التسويق وإدرات العلاقات العامة في المسارح ، ومنال تسعي لعمل شكل أكثر حداثة وتطورا وتنظيما حيث كانت هناك من قبل مجموعة من المحاولات الفردية لمسألة التسويق أو اجتهادات شخصية يقوم بها أفراد بعينهم منهم علي سبيل المثال محمد عابدين الذي كانت له علاقات بتجمعات معينة علي مستويات متنوعة، في شكل محاولات واجتهادات شخصية فردية ليست لها إدارة منظمة وواعية تعلم ما الهدف و ما المستهدف من العملية التسويقية. ويضيف جمعة: إلي جانب ذلك لابد أن يواكب الشكل المضمون لأننا ونحن نسوق للمسرح بعد أن دخل ضمن السلع الاستهلاكية للأسف التي تحتاج إلي تسويق، فلابد أن نهتم دائما بمظهر من سيتحرك لمقابلة هذه الجهات والتجمعات التي نأمل أن تمدنا بالجماهير حتي تصل هذه الرسالة لأكبر عدد ممكن من الجماهير بمختلف فئاتها العمرية وبمختلف درجاتها الثقافية ومنال سلامة لديها المقدرة الكاملة للقيام بهذه العملية علي أكمل وجه . واكمل: بالطبع أنا آسف لأن المسرح تحول إلي سلعة فهناك اتجاه عام منذ عشرين سنة مضت لتخريب المسرح والتعتيم عليه إعلاميا وقد أصبح ذلك ملموسا للغاية فعلي سبيل المثال البرامج التي كانت تقدم عن المسرح بالتليفزيون أحد أجهزة الدولة كانت تقدم في الساعة السادسة أو الخامسة مساء وأذكر أنه في أحد عروضي عام 1994 "الموقف" بطولة سهير المرشدي وسامي مغاوري شاهدت الناقدة الكبيرة ثناء فتح الله حلقة عنه في برنامج "تياترو" التي كانت تقدمه وقتها مني جبر وجاءت للمسرح لمشاهدة العرض في التاسعة مساء إذن كانت هذه البرامج تستطيع أن تحرك وتؤثر في المتفرج بشكل عام وليس الناقد فقط ، لكن حاليا برامج المسرح تذاع في مواعيد ما بين الثانية والثالثة صباحا بحيث لا يراها أحد وأعتقد أن هذا موقف مقصود ومخطط ، فأصبح لابد أن نبذل مجهودا مضاعفا حتي يأتي الجمهور للمسرح ، إلي جانب ذلك لابد أن نهتم بنوعية الأعمال المقدمة فلا نبذل جهدا في التسويق لأعمال لا تستحق حتي لا يفاجأ الجمهور بأن العرض دون المستوي، حتي إذا كانت عروضا ترفيهية فلابد أن تكون عروضا ذات قيمة فنية وهذا نوع من التعاون مع إدارة التسويق أن نقدم منتجاً جيداً في كل عناصره كعرض مسرحي. وعن صعوبة التسويق لفرق مسرح الشباب والغد يقول: الفرق التسعة لابد أن تصنف إلي فئتين فئة ذات قاعدة جماهيرية عريضة مثل "القومي" و"الحديث" و"الكوميدي" والمستهدف منها الإيراد والشباك لذلك تكون ميزانيات عروضها أكبر من الفرق الأخري فالأفيش لابد أن يكون غنيا بعناصر فنية متميزة لاستقطاب الجماهير حتي يخرج من منزله أما المسارح الأخري: المتجول والطليعة والشباب والعرائس والغد والقومي للطفل هذه المسارح فميزانيتها أقل ومن المفترض أن يزيد إنتاجها لأن طبيعة عروضها مختلفة وبسيطة ومعظم العاملين بها مجموعة من الشباب وليس صعبا التسويق لها لكن قد يصعب التسويق للعروض الكبيرة لأن هناك الكثير من الكليات والمعاهد المتخصصة التي تدرس علوم المسرح وفنونه ليس فقط معهد فنون مسرحية هناك جامعات متعددة فتحت أقسام مسرح إضافة إلي ذلك هناك جامعات تدرس الأدب الفرنسي والمصري والإنجليزي ومهم أن يجدوا عملاً تطبيقيا لعملهم بالجامعات والكليات. أما مدير مسرح الغد المخرج ناصر عبد المنعم فقال: هناك خلط بين الدعاية والتسويق ، لأن الإعلان مختلف تماما عن التسويق فالتسويق يحتاج إلي مجموعة من المتخصصين لعمل تخفيضات للرحلات الجماعية لعروض مسرحية معينة لكن خلال الفترة الماضية كان ذلك يتم بشكل عشوائي وغير مدروس باستثناء فرق الأطفال فهي الوحيدة القادرة علي تسويق عروضها بشكل مفعل وجيد ، وبالطبع كان عدم وجود إدارة متكاملة للتسويق بالبيت الفني حتي وقت قريب نوعا من التقصير لأننا اقتصرنا فقط طوال الفترة الماضية علي مجموعة من الاجتهادات الفردية وهذه لم تكن كافية، لكن حاليا هناك الفنانة منال سلامة تدرس الموقف لوضع أسس علمية. أما عن إمكانية عمل خطة تسويقية لعروض مسرح الغد فيقول: أعتقد أن التسويق لعروض مسرح الغد قد يكون أقل من عروض النجوم لأن الأخيرة قابلة للتسويق بشكل أكبر بينما عروض مسرح الغد تعتمد بشكل أكبر علي العروض ذات الصفة التجريبية فليس لها طبيعة جماهيرية وتعتمد بشكل أكبر علي جمهور المكان نفسه الذي اعتاد أن يأتي إليه . ويضيف: من خلال عملي بالقطاع الخاص أكثر من مرة أري أن القطاع الخاص أحرص علي عمل خطة تسويقية لعروضه مثل حرصه علي سلامة معدات دار العرض الخاصة به لأن منتج القطاع الخاص يكون حريصًا دائما علي تحقيق ربح من وراء العمل لكننا للأسف في القطاع العام نعمل بمنطق الدعم وهذا ما يجعلنا متكاسلين لأننا نستند دائما إلي فكرة أننا مدعومون. الناقدة نهاد صليحة قالت: فكرة الإعلان نفسها عن العرض هي نوع من التسويق فعلي سبيل المثال منذ اختراع المسرح والممثلون دائما يحاولون الإعلان عن أعمالهم المسرحية لاستقطاب الجمهور ولكن بطرق مختلفة مثلا عن طريق السير في الشوارع بملابس العرض ، فالإعلام يعتبر الخطوة الأولي في التسويق فلا يمكن تسويق سلعة دون الإعلان عنها لكن بالطبع يجب أيضا أن نقوم بالمرحلة التالية للإعلان وهي ضرورة وجود متخصص في علم التسويق يستطيع الذهاب للتجمعات الشبابية وأماكن التجمعات ، لكن للأسف هذا لا يحدث في مصر بشكل دوري ومنتظم أو من قبل متخصصين لأنه في جميع مسارح العالم تتم عملية التسويق بشكل علمي حتي إن العروض يتم التسويق لها قبل افتتاحها لأن الأمر يتعلق بدارسة السوق . وأضافت: قرار تعيين منال سلامة مديرة لإدارة التسويق بالبيت الفني للمسرح كان مفاجأة بالنسبة لي لأنه مع احترامي لها كممثلة هي فنانة عظيمة ومتميزة لكن لا أعتقد أن لها أي علاقة بالتسويق فلا ينبغي أن نحملها أشياء تحد من إبداعها الفني ويجعلها تكون في النهاية موظفة وللأسف غير مؤهلة ، ففي الحقيقة لا أعلم كيف تتم التعيينات في هذه الهيئة الموقرة.