عندما يذكر اسم رمز من رموز الثقافة الفرنسية، مثل أندريه مالرد المولود في الثاني من نوفمبر سنة 1901، لابد أن تقفز إلي الأذهان -بلا عناء- بعض عناوين روائعه الروائية، مثل «الغزاة» و«قدر الإنسان» و«الأمل»، ولن تغيب -بالضرورة- مواقفه النبيلة في المقاومة وحقوق الإنسان وحتمية أن يكون المثقف ملتزما بالقضايا التي تتجاوز الذات والوطن الصغير.. وقد يستدعي ذكر اسمه منصب وزير الثقافة الذي تقلده لفترة غير قصيرة، لكن المنصب الوزاري لا يبدو شيئا ذا بال بالنظر إلي روعة أن تكون مثقفا. تفخر فرنسا وتباهي برموزها من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية، وليس بعيدا عن المتابعين أن الاحتفال بمئوية ميلاد مالرد، قبل تسع سنوات، كان حدثا يليق بروعة عطائه الذي لا يموت، ففي «أوروبا والدول المتقدمة»، وحق العبارة محفوظ لفيلم «الإرهاب والكباب»، يعرفون قيمة الثقافة والمثقفين، ويبلون الأدباء والفنانين، مدركين أنهم فصيلة نادرة استثنائية، لابد أن تحاط بالعناية والتبجيل والاحترام، فما بالنا في مصر، نملك ثروة طائلة ونهدرها، ويأبي بعضنا إلا أن يشكك فيها ويهيل عليها التراب؟! بعد أسابيع قلائل، يبدأ اليوم الأول في مئوية العملاق نجيب محفوظ، فما الذي أعدته المؤسسات الثقافية المختلفة؟ وما الذي سيقدمه الإعلام بوسائله المتعددة؟ وهل تعرف وزارتا التعليم والتعليم العالي أن مثل هذه الذكري لا ينبغي أن تمر هكذا بلا اهتمام؟! قيمة محفوظ لا تقل عن مالرد، ولا يليق أن تكون مصر أقل من فرنسا، لكن المؤشرات جميعا تنبئ عن اللاشئ، فلا أحد يعرف برنامج وزارة الثقافة لاستقبال الذكري المهمة. ولابد أن الإعلام سينشغل بالمعارك الوهمية والقضايا التافهة. أما القائمون علي التعليم فالأولوية عندهم للمدرس الذي ضرب تلميذا، والطالب الذي اعتدي علي أستاذه، ولعلهم لا يعرفون معني قامة كنجيب محفوظ!