عقد الرئيس حسني مبارك جلسة مباحثات مهمة قبل ظهر أمس مع جاكوب زوما رئيس جنوب افريقيا الذي وصل الي القاهرة أمس في زيارة لمصر تستغرق يومين يرافقه خلالها وفد يضم مجموعة كبيرة من الوزراء ورجال الأعمال. تناولت المباحثات عدداً من القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومجموعة من القضايا الافريقية المتعلقة بحل النزاعات وتحقيق الاستقرار في القارة، ودعم عملية التنمية والمشروعات المشتركة التي تهدف الي تحسين البنية الاساسية وتشجيع التجارة والاستثمار بما ينعكس علي تحسين الأحوال المعيشية في البلدين. كما تناولت المباحثات سبل توسيع نطاق التعاون في مختلف المجالات خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حيث تتمتع مصر وجنوب افريقيا بأكبر اقتصادات في القارة الافريقية. اجريت مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس جنوب افريقيا حيث عزفت الموسيقي العسكرية السلام الوطني للبلدين، واستعرض الرئيس زوما حرس الشرف الذي اصطف لتحتيه، ثم صافح كبار مستقبليه وفي مقدمتهم الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والانتاج الحربي ووزراء الثقافة والبترول والتجارة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رئيس بعثة الشرف المرافقة للرئيس زوما والزراعة والسياحة والري والوزير عمر سليمان والسفير محمد زايد سفير مصر لدي جنوب افريقيا، كما صافح الرئيس مبارك اعضاء الوفد المرافق للرئيس زوما. كما التقت السيدة سوزان مبارك قرينة الرئيس جاكوب زوما حيث تم استعراض عدد من المسائل المتعلقة بتحسين اوضاع الاسرة والقضايا الاجتماعية في البلدين. هدفت الزيارة الي ارساء اطار للتشاور والتنسيق بين دولتين كبيرتين علي المستوي الاقليمي والدولي يمكنهما من القيام بدور في تعزيز العمل الافريقي المشترك. مما يصب في خدمة مصالح شعوب البلدين والقارة الافريقية. وتم الاتفاق علي تعزيز العلاقات الاقتصادية في مختلف المجالات حيث تم توقيع مذكرة اعلان نوايا حول التعاون بين البلدين في كثير من المجالات منها مجالات الصناعة والتكنولوجيا والاستثمار والبحث عن المعادن والبترول والغاز وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والزراعة والمواصلات وتطوير البنية التحتية وتنشيط السياحة بين البلدين. كما تم الاتفاق خلال زيارة الرئيس مبارك علي أن تقوم مصر بارسال عدد من المهندسين والاطباء والمدرسين الي جنوب افريقيا وجار تفعيل التعاون. وكان الرئيس جاكوب زوما قد قام صباح امس بزيارة النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر حيث وضع اكليلاً من الزهور وشهد ظهر امس اعمال منتدي رجال الاعمال المصري الجنوب افريقي الذي تنظمه وزارة التجارة والصناعة والاتحاد العام للغرف التجارية المصرية بالتعاون مع وزارة التجارة في جنوب افريقيا ويشارك فيه عدد كبير من رجال الاعمال من البلدين ويهدف الي توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية واستكشاف فرص جديدة للتعاون بين القطاع الخاص بالبلدين. ويقوم رئيس جنوب افريقيا اثناء زيارته لمصر بزيارة عدد من المناطق السياحية والأثرية. من جانبه صرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الزيارة تأتي ردا علي الزيارة التي قام بها الرئيس مبارك إلي العاصمة بريتوريا في يوليو 2008 والتي أعطت دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين. وأضاف: إن المشاورات بين الزعيمين تناولت عددا من القضايا الدولية والإقليمية مع التركيز علي القضايا الافريقية والعلاقات الثنائية.. وأنه علي مستوي تطورات الأوضاع علي الساحة الإفريقية أولي الرئيس مبارك عناية خاصة للوضع الحالي في السودان، وموقف تنفيذ اتفاق السلام الشامل في السودان مع اقتراب موعد الاستفتاء في يناير المقبل، كما تطرق الزعيمان لتطورات الوضع في دارفور، ثم انتقل الرئيسان لمناقشة قضايا السلم والأمن في إفريقيا والوضع في الصومال ومنطقة البحيرات العظمي. وأكد عواد تطابق وجهات النظر بين الزعيمين فيما يتعلق بالمشكلة الصومالية، وأعرب الرئيسان عن أملهما في أن يتخذ مجلس الأمن قرارا بنشر قوة أممية في الصومال، وهو الأمر الذي تعزف عنه بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن حتي الآن. وقال: إن وجهات نظر الرئيسين تطابقت أيضا حول ضرورة السعي من الآن لتوفير كل أسباب النجاح، للاستفتاء المقبل حول تقرير المصير في جنوب السودان، علي نحو يجنب السودان شمالا وجنوبا أي تداعيات غير مواتية قبل وخلال وفي أعقاب الاستفتاء. وأضاف: إن الرئيس مبارك استعرض مع رئيس جنوب إفريقيا الوضع الراهن في الشرق الأوسط، حيث شدد الرئيس زوما علي دعم جنوب إفريقيا للقضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط، إذ تناول الرئيس مبارك بالشرح المأزق الحالي الذي تمر به عملية السلام، والذي أدي إلي وقف المفاوضات المباشرة. وأوضح أن الرئيسين تناولا بمزيد من التفصيل سبل تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات ورحب الرئيسان بتوقيع مذكرات التفاهم الست بين البلدين، والتي وقعها عدد من الوزراء في الجانبين. وأبدي الرئيس اهتماما خاصا باتفاقيات التعدين، وتسويق الذهب من منطقة جبل السكري. وقال عواد: إن الرئيسين تحدثا عن ضرورة تحقيق التنسيق والتكامل بين التجمعات الاقتصادية الاقليمية في إفريقيا - وأن الرئيس أبدي اهتمامه بأن الاندماج الاقتصادي بين دول افريقيا يجب أن يسبقه تعاون وتنسيق بين التجمعات الاقليمية الرئيسية، وأن الرئيس زوما أبدي ترحيبه واتفاقه مع هذا الطرح، مشيرا إلي أنه من المقرر أن تعقد قمة العام المقبل للتعاون والتكامل بين التجمعات في كل من منطقة الكوميسا ومنطقة تجمع شرق إفريقيا ومنطقة السادك. وأضاف السفير سليمان عواد: إن الصادرات المصرية تتمتع بمزايا تفضيلية عند تصديرها إلي دول الكوميسا، وإذا ما تم تحقيق هذا التعاون فسوف تتسع السوق التي تتاح لمصر وغيرها من الدول تتمكن من تسويق صادراتها في دول التجمعات الأخري. ودا علي سؤال حول مواصلة جهود عملية السلام بعد ارجاء قمة باريس، قال السفير عواد: أنا لا أريد أن أتحدث هذا الموضوع بالتفصيل، لكن عملية وجهود السلام تتعرض لمأزق حقيقي أدي لتوقف مفاوضات السلام المباشرة، بعد أسابيع من انطلاقها في واشنطن 2 سبتمبر الماضي، بسبب سياسات إسرائيل الاستيطانية وكانت هناك مجموعة من المقترحات والأفكار كان من بينها دعوة الرئيس ساركوزي لهذا المؤتمر 21 أكتوبر الجاري، وأن الرئيس مبارك قال: إن مصر تشارك في أي جهد يهدف لتحقيق عملية السلام، ولكن لا بد لأي اجتماع أن يخرج بنتائج ملموسة، ولذا فإن أي اجتماع لن يسفر عن نتائج ملموسة ليس هناك مبرر لعقده. وردا علي سؤال حول ما تم تنفيذه من نتائج قمة بريتوريا عام 2008 قال السفير عواد: إن ما تم تنفيذه كثير علي صعيد التعاون بين البلدين، وإن اجتماعات اللجنة العليا المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين في بريتوريا مارس الماضي رصدت ذلك وأن قمة الرئيسين مبارك وزوما بالقاهرة قد فتحت المجال للكثير مما يمكن البناء علي المستقبل.