الإنسان كرمه الله وحثت الأديان والقوانين الوضعية علي صيانة حقوقه ونفسه وعرضه وماله وعلي عدم الإتجار بالبشر ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الأهلية وذوي الإعاقة. صدر القانون 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر وعرف المجني عليه بأنه الشخص الطبيعي الذي تعرض لأي ضرر مادي أو معنوي وعلي الأخص الضرر البدني أو النفسي أو العقلي أو الخسارة الاقتصادية إذا كان الضرر أو الخسارة ناجمين مباشرة عن جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون..كما عرف الجماعة الإجرامية المنظمة بأنها الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص علي الأقل بهدف ارتكاب جريمة من جرائم الإتجار بالبشر من أجل الحصول علي منفعة مادية أو معنوية. وحسب القانون يعد مرتكبا لجريمة الإتجار بالبشر كل من يتعامل بأي صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الاستخدام أو النقل أو الاستقبال إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو التهديد أو الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال السلطة أو الاستغلال في أعمال الدعارة وأشكال الاستغلال الجنسي واستغلال الأطفال في ذلك والمواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو التسول.. وأنه لا يعتد برضاء المجني عليه أو برضاء المسئول عنه علي الاستغلال. وفصل القانون العقوبات من غرامات وسجن وشددها في حالات منها تأسيس أو تنظيم أو إدارة جماعة إجرامية لأغراض الإتجار بالبشر وإذا كان الجاني موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة أو كان الجاني ممن له الولاية أو مسئولاً عن المجني عليه أو عن تربيته أو ممن له سلطة عليه..وشدد العقوبة إذا كان الجاني موظفا عاما ووقعت الجريمة إخلالا بواجبات وظيفته. وينص قانون مكافحة الاتجار بالبشر أنه لا يعد المجني عليه مسئولاً مسؤلية جنائية أو مدنية عن أي من جرائم الإتجار بالبشر متي نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنيا عليه.. وأن الدولة تكفل حماية المجني عليه وتهيئة الظروف المناسبة لمساعدته ورعايته وإعادة تأهيله ودمجه في المجتمع في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية. وإذا كان القانون قد تناول الإتجار في البشر وهي جريمة نكراء بكل المعايير فما أدراك بجرائم الإتجار في أفكارهم واغتيال أحلامهم وأمانيهم وإفساد أجيال بأسرها وقبر افكارها والسيطرة علي عقولها وتضليلهم. ألا تتوازي في سوء منقلبها مع جرائم الإتجار في البشر بل قد تفوقها أثرا وإن كان كل منهما مستهجنا. وما أدراك بالإتجار بالافكار وخداع العقول ومن ذلك إثارة النعرات الدينية والطائفية أو القبلية سعيا وراء مجد شخصي أو سلطة زائلة او منفعة مادية او معنوية وتثور المشاكل والفتن ويفسد المجتمع بينما يتربح مثيروها من انتهاك أرواح واجساد ضحاياهم غير عابئين بما أصاب المجتمع من أضرار قد يصعب تداركها قبل عقود. ومن ذلك أيضا إشاعة ثقافة التسيب وعدم الانضباط وفقدان الانتماء وعدم احترام قيم العمل والمثابرة وانتشار ثقافة الاستسهال والمحسوبية والتواكل فتتأخر الأمة ويزيد اعتمادها علي من سواها. وما أدراك بالغش والتدليس والتصريحات الخادعة والتقارير الزائفة وانكشاف حقيقتها يفسد الأحلام والأماني المشروعة ويشيع روح اليأس والقنوط. بل ما أخطر محاولات هدم الرموز والقدوة فهذا فاسد وذاك جاهل وهذا مرتش والأخر إمعة والثاني عميل والجميع معيوب ولا يصلح فيضحي المجتمع بلا تاريخ أو حاضر أو مستقبل أو أبطال أو امل أو قدوة فيفسد من داخله ويسهل اختراقه وإفساده. وإذا كان قانون الاتجار في البشر ينص علي أن تنشأ لجنة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية المجني عليهم فما أحوجنا أن تنشأ أيضا لجنة وطنية وقانونا للحماية من الإتجار في أفكار البشر ومنع تضليلهم وتغييبهم ومحاسبة من تسول له نفسه ذلك علي ألا يكون ذلك حجرا علي الأفكار أو دعوة للانغلاق بل هي دعوة للانضباط وحماية البشر وأفكارهم وأمالهم. كلية الهندسة- جامعة الاسكندرية