عرض: أمنية الصناديلي "صعود وسقوط مصر القديمة" و"أساطير وخرافات مصر القديمة" و"فجر مصر" ثلاثة كتب جديدة صدرت مؤخرا تتناول التاريخ الطويل للحضارة المصرية التي فتنت الغرب بسحرها وعظمتها وبما يكتنفها من غموض وألغاز لم يستطع أحد حلها علي مدي 3000 عام. وتعد الكتب الثلاثة الصادرة في شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين بمثابة تحقيق موسع عن آلهة وملوك مصر القديمة إذ تتناول الكتب أسلوب حياة الملوك برؤية مختلفة في محاولة لكشف بعض من غموض الحضارة القديمة، والكتاب الأول "صعود وسقوط مصر القديمة" للإنجليزي توبي ويلكنسن أستاذ علم المصريات بكلير كوليدج في كامبريدج البريطانية هو كتاب موثق ويحمل دراسة استثنائية تعد مساهمة متميزة جديرة بالثناء ويحاول فيه الكاتب رصد الحياة الشخصية للملوك القدامي ومعرفة فحوي سياستهم من خلال طريقة معيشتهم ويسرد الأحداث الاستثنائية مثل بناء الأهرامات وغزو النوبة وثورة إخناتون الدينية وقوة وجمال نفرتيتي وحياة وموت توت عنخ أمون وقسوة وجبروت الملك رمسيس وكذلك غزو الإسكندر الأكبر واشتباك كليوباترا الفادح مع روما والذي أدي لسقوط مصر البطلمية وكذلك يسرد المؤامرات ويركز علي الاغتيالات الغامضة والمعارك الملحمية وقصص البطولة الفردية. ويشير ويلكنسن إلي مواقف الفراعنة السياسية من المعارضة ويقول إن بعض الملوك اعتمدوا الدعاية السياسية وأيديولوجية كراهية الأجانب وإبراز ذلك باعتباره غريزة طبيعية للحفاظ علي الذات من أي هجاء محتمل وهو ما بدا جليا في عدد من البورتريهات الملكية إلا أن هناك ملوكا في الحقبة الفرعونية المتوسطة مثل سنوسرت الثالث أحد أعظم ملوك الأسر الثانية عشرة والذي حكم مصر لمدة ستة وثلاثين عاما كان يقيم العدل ويهتم بالرعية ولذا نحت الفنانون تمثاله بآذان كبيرة ليس لأن أذنيه كبيرتان ولكن كناية علي اهتمامه بالاستماع لشعبه واهتمامه العميق بشئونه. ويخوض ويلكنسن في صميم الفكر المصري مؤكدا التدين الذي يسكن المصريين منذ القدم إذ إن المصري لم يكن يعتبر الملوك فقط نسخة إلهية مصغرة ولكن المصري القديم كان يعتقد في أنه هو نفسه سيعيش حياة مثالية ترقي لحياة الآلهة بعد موته. أما الباحثة جويس تيلدسلي أستاذة الحضارة فتركز في كتابها الجديد "أساطير وخرافات مصر القديمة" علي الآلهة المصرية والتي يزيد عددها علي 15000 إله كما تشير إلي فكرة الخلود باعتبارها ركيزة أساسية في الحضارة المصرية التي تبقي علي العديد من أسرارها بغموض محبط إلا أن الباحثة تحاول تجريد القصص من متونها ووضعها في قالب إنساني خالص للتعرف علي الملامح الإنسانية في الشخصية المصرية القديمة وتركز في كتابها علي ملحمة إيزيس وأوزوريس الخالدة الشبيهة لملحمة بلوتارخ اليونانية ، وتقول تيلدسلي إن المثالية التي كتبت بها قصة إيزيس وأوزوريس كانت زائدة علي الحد بدرجة تجعلها مملة ومليئة بالثغرات، كذلك تقول تيلدسلي أن أي شخص يتجول في معبد الكرنك أو عند أهرامات الجيزة فإنه سيشعر برغبة قاتلة في اختراق العقلية المصرية القديمة وفهم الحكم العتيقة والغامضة حول قصصهم وأساطيرهم. أما الكتاب الأخير لروبرت تمبل والذي يحمل عنوان "فجر مصر" فإنه يركز فيه علي الأهرامات ويطرح نفس فكرة إيريك فون دانكين في كتابه "عربات الآلهة" والذي يقول فيه أن أهرامات مصر بنيت بواسطة مخلوقات فضائية وأن بناء خوفو للهرم الأكبر هو "كذبة كبري" مدعيا أن الفرعون الأكبر كان يفتقر إلي الموارد اللازمة لبناء مثل هذا الصرح المذهل. والكتب الثلاثة تكشف ولع الغرب بالحضارة المصرية وعلم المصريات وتظهر أنه مع اختلاف الرؤي تبقي الحضارة المصرية القديمة هي أعظم وأعمق الحضارات أثرا علي وجه الأرض.