في رأس السنة الصينية لعام النمر (حيث يسمي الصينيون كل عام بإسم حيوان معين) كنت علي شواطيء تايلاند للمرة الاولي.. كان الفندق الشاطيء بمدينة (بوكيت) الساحلية جذابا هادئا وخياليا .. صحيح ان روعة اشجار جوز الهند المنحنية والتي تكاد تقفز الي قلب البحر في هذا البلد الاستوائي هي مايجذب العيون والقلوب الا ان أكثر الذي مازال عالقا في ذهني هي تلك (الغرفة) الجانبية في الفندق والتي تحمل اسم leisure time أو وقت الاسترخاء .. هذه الغرفة المبهرة دخلتها فوجدتها عبارة عن HOME THETRE أو غرفة منزل مسرحي ضخمة بها شاشات تليفزيونية عريضة واضاءة ذكية علي مستوي عال ومنخفض .. وريموت يحملك لكل اقمار العالم وشرائط دي في دي لاحدث الافلام العالمية وخلف كل ذلك مجموعة كراسي جلدية مفرودة تماما ككراسي البحر التي تلقي علي الشاطيء مع الفارق انها مريحة جدا وتساعد علي الاسترخاء او لنقل ان وظيفتها ان تجعلك نصف نائم .. خلف كل هذا الهيلمان هناك مكتبة ممتلئة بالمجلات التي يتركها نزلاء الفندق .. فتشت فيها فوجدت العديد من الاصدارات العالمية باللغة الانجليزية والروسية والالمانية .. وللصدفة كان معي مجلة المصور المصرية .. فكرت ان اتركها لتعبر عن ثقافة بلدي .. ولكنني استدركت اني لن اكون مفيدا .. وقعت عيناي علي مجلة الناشونال جيوجرافيك هذه المجلة التي كانت تصدر الي ما قبل اكتوبر 2010 ب 33 لغة الا اللغة العربية مع الوضع في الاعتبار ان دار نهضة مصر اصدر منذ عام 2007 نسخة خاصة بالاطفال... المهم اني وجدت اهداء بتوقيع عروسين من اسرائيل كتبا فيه التالي :" نحن من اسرائيل وقد استمتعنا بالبقاء هنا لاننا بطبعنا نحب السلام ونحن نترك لكم هذه النسخة من هذه المجلة العالمية لتتذكروا من اين جئنا "..! بكل بساطة تقمصت دور رأفت الهجان وحملت النسخة معي الي القاهرة .. لأقول في سري ان كل سائح اسرائيلي يحاول ان يكون سفيرا للوطن المغتصب ويستخدم اي وسيلة ثقافية ليكسب الراي الشعبي العالمي وطبعا أنا وملايين عابري السبيل العرب "بنبرطع " دون اي وعي او تواصل ذكي ولماح مع الأخرين .. كل هذا الشريط مر من امام عيني وانا احضر احتفال الناشونال جيوجرافيك بمنطقة الجيزة بفندق مينا هاوس علي مقربة من الاهرامات لإطلاق طبعتها العربية من ابوظبي لتكون الطبعة رقم 34 كل هذا مر كشريط السليلويد السينمائي وانا ألمح فرحة الشباب بالناشونال جيوجرافيك وبالنشر العلمي والاسهام الحضاري والتواصل الشعبي العابر للاكتشافات العلمية والجغرافية وهو ماسعت اليه الناشونال جيوجرافيك منذ اطلاقها قبل 122 عاما في عام 1888 ... ان مجلة الناشونال جيوجرافيك هي (ابتكار) في حد ذاتها .. فما السر ؟! ان الجمعية الجغرافية الوطنية في بداية نشاتها عام 1888 اصدرت مجلة الناشونال جيوجرافيك بصور عالية الجودة وتقنية غير مسبوقة ومادة تحريرية مميزة لتباع ب 25 سنتا ثم تغيرت الادارة لتبتكر افتكاسة رائعة تتلخص في توزيع المجلة مجانا لكل عضو ينضم للجمعية وبذلك تضمن انها تخاطب جمهورها المستهدف وان الجمعية تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع من تمويل لرحلات استكشافية من الاموال التي تنهال نتيجة اشتراك الملايين حيث اشترك في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي 5.5 مليون مشترك اما الان فانها تضم 10.5 مليون مشترك .. وقد كان من العيب ان تكون اللغة العربية غائبة عن 33 طبعة للناشونال جيوجرافيك بكل لغات العالم حتي المحلية منها ..! لولا شركة ابو ظبي للاعلام والدكتور زاهي حواس الذي يحتل مكانة تقدير بارزة لدي الناشونال جيوجرافيك ورئيس تحرير الطبعة العربية محمد الحمادي ..