حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطلاق احتفالات العيد ال 37 لانتصارات أكتوبر
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 05 - 10 - 2010


الرئيس يتابع العرض الفني وعروض الإبرار الجوي
وقوات المظلات ترسم لوحات البطولة
شهد الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية القائد الأعلي للقوات المسلحة أمس احتفال القوات المسلحة بالذكري السابعة والثلاثين لانتصارات أكتوبر المجيد.
تضمن العرض الذي أقيم بميدان النصر بالجيش الثاني الميداني بمحافظة الإسماعيلية عرضا فنيا وبيانا بعبور يوم السادس من أكتوبر الذي يعد عيدا من أعياد الوطنية المصرية. واصطفت عناصر من تشكيلات ووحدات الجيش الثاني الميداني التي شاركت في حرب أكتوبر، لتقديم التحية للرئيس مبارك صاحب الدور البطولي في حرب أكتوبر، وردد رجال القوات المسلحة عددا من الأغاني والأناشيد الوطنية تأكيدا لولائهم المطلق للوطن، وتمسكهم بالمبادئ والقيم التي تحفظ للوطن عزته وكرامته، وعبرت سماء العرض ست طائرات هليوكوبتر تحمل علم مصر وصورة الرئيس مبارك، وأعلام القوات المسلحة والأفرع الرئيسية.
وأطلق أثناء العرض نسخة صوتية للبيان رقم 2 للقوات المسلحة يوم السادس من أكتوبر، والذي أشار إلي قيام بعض التشكيلات الجوية بقصف مواقع للعدو في الأراضي المحتلة.
وعلي الضفة الغربية للقناة قامت مجموعات من رجال القوات المسلحة باقتحام وعبور قناة السويس مستخدمة القوارب المطاطية ووسائل العبور الذاتي للوحدات الميكانيكية والمدرعات، كما استخدمت المجموعات المعديات والكباري سريعة الإنشاء للاستيلاء علي إحدي النقاط القوية التي شيدها العدو علي الضفة الشرقية للقناة واندفعت طائرات مقاتلة في سماء العرض تلتها عدة طائرات هليوكوبتر استخدمت في الأبرار الجوي، كما اشتبكت القوات مع القوات المعادية باشتراك عناصر من القوات الجوية والبحرية ووسائل وأسلحة الدفاع الجوي، الذي أرسي أسس العسكرية الحديثة، وفرضت التشكيلات العسكرية المصرية سيطرتها علي الضفة الشرقية للقناة وتوالي عبور الوحدات العسكرية المقاتلة في مشهد يعيد إلي الأذهان لحظات عبور القوات المسلحة الباسلة في السادس من أكتوبر، ثم دوي تسجيل صوتي للبيان رقم 7 للقوات المسلحة الذي زف للمصريين والعالم بشري نجاح القوات المسلحة في عبور قناة السويس علي طول خط المواجهة وتواصل اقتحام القوات المسلحة للجبهة والتحامها مع قوات العدو.
وبينما بدأ العرض الفني وصدح الجنود بالأناشيد والأغاني الوطنية امتلأت سماء العرض بعناصر من قوات المظلات التي شكلت لوحات رائعة تجسد قوة وبطولة قوات المظلات.
وشارك المطرب محمد الحلو في إحدي فقرات العرض الفني بأغنية جديدة بعنوان «سينا رجعت لينا» وقبل نهاية العرض الفني رفع بعض الجنود علم مصر ليكون خلفية للمسرح، بالتزامن مع انطلاق البالونات التي تحمل صور الرئيس مبارك في سماء العرض مع تشكيلات متعددة من أسراب الحمام، تعبيرا عن سعي مصر إلي السلام، لينتهي العرض ويغادر الرئيس مبارك ميدان مسرح النصر متوجها إلي مقر قيادة الجيش الثاني الميداني.
أظهر العرض ما وصل إليه رجال القوات من تدريب عال، وقدرة وكفاءة قتالية، تؤهلهم لتنفيذ جميع المهام المكلفين بها تحت مختلف الظروف، وقد صاحب التنفيذ عرض فني ضم عدداً من الأغاني الوطنية التي جسدت روعة الانتصار العظيم في أكتوبر 1973 .
كان الاحتفال قد بدأ عقب وصول الرئيس مبارك إلي ساحة النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة شرق القناة بمحافظة الإسماعيلية، وكان في استقبال الرئيس مبارك، المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، واللواء أركان حرب محمد فريد حجازي قائد الجيش الثاني الميداني، وقادة الأفرع الرئيسية، وكبار قادة القوات المسلحة، ثم عزفت الموسيقي السلام الوطني.
كما حضر الاحتفال رئيسا مجلسي الوزراء والشوري، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة ومحافظ الإسماعيلية.

..و يضع أكاليل الزهور علي ضريحي عبدالناصر والسادات والنصب التذكاري للشهداء
في إطار احتفالات القوات المسلحة بالذكري السابعة والثلاثين لانتصارات أكتوبر، قام الرئيس مبارك صباح أمس بوضع أكاليل من الزهور، علي ضريحي الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات والنصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة شرق قناة السويس.
وعزفت الموسيقات العسكرية لدي وصول الرئيس مارش «يا أغلي اسم في الوجود»، وأدت القوات تحية سلام الشهيد، ثم عزفت الموسيقي نوبتي رجوع وصحيان، ثم مارش النصر، ثم السلام الوطني.
وتلقي الرئيس عدداً كبيراً من برقيات التهنئة من كبار المسئولين في الدولة بمناسبة احتفالات مصر بذكري النصر، تقدمهم رئيس مجلس الشوري صفوت الشريف، ووزير الدفاع المشير حسين طنطاوي، ووزير الداخلية حبيب العادلي.
كما تلقي وزير الدفاع برقيات مماثلة لتهنئة القوات المسلحة بذكري النصر.

مبارك يترأس اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة ..
ويفتتح مركز أورام الجيش الثاني
ترأس الرئيس حسني مبارك أمس، اجتماعًا للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، بمقر قيادة الجيش الثاني الميداني، استعرض خلاله عددًا من القضايا التي تهم الوطن داخليًا وخارجيًا، وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، والملامح الرئيسية لدور القوات المسلحة خلال المرحلة المقبلة. تم التقاط صورة تذكارية تجمع الرئيس مبارك مع أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ثم توجه الرئيس مبارك إلي قيادة الجيش الثاني الميداني غربي القناة، حيث حضر مأدبة إفطار مع أبنائه من ضباط وجنود الجيش الثاني الميداني.
وقام الرئيس بافتتاح مركز الأورام بقيادة الجيش الثاني الميداني.
ثم قام الرئيس بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، وقص الشريط إيذانا بافتتاح المركز، وحضر مراسم الافتتاح د.أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، ود.حاتم الجبلي وزير الصحة، ومحافظ الإسماعيلية.. واستمع الرئيس إلي شرح علي نموذج مصغر حول إنشاء وإمكانات المركز، من اللواء طبيب أحمد محمد عبدالحليم مدير إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة، واللواء أركان حرب كمال الدين حسين مدير إدارة المهندسين العسكريين، مقدم طبيب أحمد عبدالحليم خليفة مدير المركز.
ثم قام الرئيس بتفقد قسمي العلاج الكيماوي والإشعاعي، وغرفة التحكم والمحاكي، وحجرة التخطيط، ويشمل هذا المركز أحدث التقنيات الطبية في عالم علاج الأورام، ويمثل صرحا طبيا، وحضاريا جديدا يضاف إلي الصروح الطبية المتميزة للقوات المسلحة.

مبارك: علينا استعادة روح أكتوبر ..و مصر المستقبل دولة قوية آمنة ..
ومجتمع متطور.. وديمقراطية أكثر رسوخاً
دعا الرئيس حسني مبارك المواطنين إلي استعادة روح أكتوبر لصنع مستقبل أفضل لمصر وقال الرئيس في حوار له مع جريدة «القوات المسلحة» بمناسبة الذكري 37 لانتصارات أكتوبر: إن أسعد لحظات حياتي عندما تلقيت تقارير نجاح الضربة الجوية.. أدركت وقتها أن الطريق أصبح مفتوحًا للعبور من الهزيمة إلي النصر.
وأكد مبارك أن عملية السلام لا تحتمل فشلاً جديداً محذرا من تصاعد العنف والإرهاب في العالم إذا انهارت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وشدد الرئيس علي أن دور مصر الإقليمي سيظل أساسيا.. وقال: «نمارس دورنا كقوة اعتدال دون صخب أو ضجيج».
وأشار إلي أن الملفات المطروحة مع إيران تتجاوز مجرد اسم شارع وجدارية تمجد قاتل الرئيس السادات إلي ملفات أمنية وسياسات إيرانية مناهضة للسلام وحاضنة لقوي التطرف. في موضوع آخر أكد الرئيس أن العلاقات المصرية -الجزائرية لا ينال منها حدث عارض مهما كان- لافتًا إلي بذل مصر قصاري جهودها ليصبح خيار الوحدة جاذبا لأهالي الجنوب السوداني وقال الرئيس: إن الإعلام ساهم في تضخيم موضوع مياه النيل.
وجدد مبارك تأكيد حرصه علي أن تأتي انتخابات مجلس الشعب المقبلة حرة ونزيهة داعيا الأحزاب للتقدم بأفضل مرشحيها، معربًا عن تفاؤله لمستقبل مصر في كونها دولة قوية آمنة ومجتمعا متطورًا ومتماسكا وديمقراطية أكثر رسوخًا.
وإلي نص الحوار:
سيادة الرئيس.. كل عام وسيادتكم بخير بمناسبة احتفال مصر وقواتها المسلحة بالعيد السابع والثلاثين لنصر أكتوبر المجيد.. هذا النصر الذي رفع هامات الشعب المصري وأثبت أن العسكرية المصرية صاحبة الجذور الضاربة في التاريخ لا تقبل المساس بأمن مصر أو انتقاص حبة رمل من أرضها.
سيادة الرئيس.. ماذا يمثل هذا الاحتفال لسيادتكم.. وهل حقق نصر أكتوبر أهدافه كاملة؟
كل عام ورجال قواتنا المسلحة وشعب مصر بخير.. احتفالنا بنصر أكتوبر هو احتفال بيوم مجيد في تاريخنا.. استعاد العزة والكرامة لمصر.. الدولة والشعب.. واستعاد للعسكرية المصرية العريقة مجدها وشرفها العسكري.. واسترد سيناء لسيادة الوطن بعد سنوات الاحتلال.
أما عما يمثله لي الاحتفال بذكري النصر.. فيكفي أن أقول لك إن أسعد لحظات حياتي كانت عندما تلقيت تقارير نجاح الضربة الجوية يوم 6 أكتوبر.. فقد أدركت ساعتها أن الطريق أصبح مفتوحًا أمام أبطال القوات المسلحة للعبور من الهزيمة إلي النصر.
إحساس الشعب بحجم نصر أكتوبر وعظمته.. جاء في حجم الصدمة من هزيمة عام 1967 وفداحتها وتداعياتها.. كما جاء النصر ليعكس الجهد الضخم الذي تم لإعادة بناء قواتنا المسلحة.. تخطيطًا وتدريبًا وعتاداً.. والخبرات والدروس المستفادة التي اكتسبها المقاتل المصري خلال حرب الاستنزاف.. فدخل حرب أكتوبر مؤمنًا بالنصر أو الشهادة.
احتفالنا بذكري النصر يأتي تخليدًا لأرواح الشهداء، وتكريمًا لكل من شارك في ملحمة أكتوبر من أبناء القوات المسلحة، ولجيل عظيم من شعب مصر وقف إلي جانبهم وقدم العديد من التضحيات من أجل تحرير الأرض واستعادة العزة والكرامة.. وفضلاً عن ذلك.. فإن الاحتفال بذكري النصر يضع أمام أجيالنا الجديدة هذه المرحلة الفارقة في تاريخ الوطن. لسنوات الهزيمة والنصر.. لكي لا ننسي.. ولكي تظل مصدر إلهام لشعبنا في بناء مستقبل الوطن، علينا أن نستعيد (روح أكتوبر) ونحن نجتهد لصنع المستقبل الأفضل.. وعلينا أن نؤمن بأن أي إنجاز نحققه هو انتصار للإرادة المصرية ولأبناء الوطن.. فالقوة العسكرية رغم أهميتها لابد أن تصاحبها قوة الاقتصاد والبحث العلمي والثقافة.. بما يحقق في النهاية القوة الشاملة للدولة. أما عن التساؤل عما إذا كان نصر أكتوبر قد حقق جميع أهدافه.. فيكفي أنه استعاد لمصر أرض سيناء، وفتح الطريق إلي السلام ولتوجيه مواردنا للتنمية ولخير شعبنا بعد سلسلة من الحروب استنزفت ثروات مصر ومواردها.. خرجنا منها ببنية أساسية متهالكة أعدنا بناءها وحققنا انجازات عديدة بجميع قطاعات الإنتاج والخدمات، إنجازات أتاحت لنا استيعاب زيادة سكانية تقترب من الضعف.. بين تعداد شعبنا عندما رفعت علم مصر فوق سيناء.. وبين تعدادنا اليوم.
السلام لا يحتمل الفشل
سيادة الرئيس.. مع ذكر سيادتكم لعملية السلام كاستثمار رئيسي لنصر أكتوبر العظيم، وتحمل مصر مسئوليتها كاملة في ذلك، واتصالاً بكل الأطراف، والسعي لإقناع الجميع بأهمية السلام، سواء كاستثمار لنتائج الحرب، أو من أجل مستقبل أفضل للمنطقة.
سيادة الرئيس.. تبدو جهود سيادتكم واضحة، سواء علي المستوي الدولي أو الإقليمي، وقد تحملتم مسئوليات جساماً من منطلق أن مصر هي الراعية الرئيسية للسلام في المنطقة وشاركتم في اجتماع واشنطن لإطلاق المفاوضات المباشرة التي استقبلت مصر جولتها الثانية يوم 14 سبتمبر الماضي في شرم الشيخ، وبذلتم الجهد لتقريب وجهات النظر ما بين الأطراف.. فما رؤية سيادتكم لعملية السلام برمتها، وهل ستحقق المفاوضات المباشرة أهدافها في إقامة الدولة الفلسطينية؟
نعم.. مصر فتحت الطريق للسلام في الشرق الأوسط.. ولم تدخر جهدًا خلال الأعوام الماضية لدفع مسيرتها وإقالتها من عثراتها، نحن نؤمن بالسلام العادل والشامل والدائم كشرط ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.. والسلام لن يتحقق إلا بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. القضية الفلسطينية هي جوهر النزاع العربي الإسرائيلي ومفتاح تسويته.. وتحقيق تقدم وصولاً لاتفاق سلام علي المسار الفلسطيني.. يفتح الطريق أمام تحقيق تقدم مماثل واتفاقات مماثلة علي المسارين السوري واللبناني.
مواقفنا معروفة.. وما نقوله في العلن هو ما نقوله وراء الأبواب المغلقة.. نتمسك بثوابت الموقف الفلسطيني والعربي.. ونحن مع السلام العادل الذي يعيد الحقوق لأصحابها.. علي نحو ما تضمنته مبادرة السلام العربية المطروحة منذ عام 2002 .
لقد بذلت جهودًا كبيرة لتهيئة الأجواء لإطلاق المفاوضات المباشرة في واشنطن.. وطرحت رؤية مصر بقوة ووضوح في كلمتي بالبيت الأبيض.. كما عاودت طرحها خلال استضافة الجولة الثانية من المفاوضات في شرم الشيخ، من غير المعقول أن تنطلق المفاوضات ثم تتوقف بسبب استئناف بناء المستوطنات.. فالنشاط الاستيطاني يلتهم الأراضي المحتلة علي نحو ينال من أهم مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة.. وهو الأرض.
نواصل اتصالاتنا مع الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة وأوروبا لإنقاذ عملية السلام.. وزيارتي السريعة لألمانيا وإيطاليا جاءت في هذا السياق وقبل أيام معدودة من انتهاء مهلة تجميد الاستيطان، رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصل بي مرتين في محاولة لإيجاد مخرج من المأزق الراهن.. وقلت له إن استئناف بناء المستوطنات يعرقل المفاوضات ويقوض عملية السلام، وأبومازن طلب اجتماع لجنة المتابعة العربية.. واتطلع لمواقف إيجابية ومسئولة من إسرائيل تنقذ مفاوضات السلام.
عملية السلام لا تحتمل فشلاً جديدًا.. وأحذر فيما أقوم به من اتصالات من تصاعد العنف والإرهاب في المنطقة وعلي اتساع العالم.. إذا انهارت المفاوضات.
مصر قوة إعتدال
سيادة الرئيس.. الوضع في الشرق الأوسط، يحتاج إلي وقفة لمحاولة الفهم، فالمحللون يشيرون إلي تراجع قوي إقليمية، وبروز قوي أخري، والبعض يشير إلي اختلال التوازن الإقليمي لصالح الدول غير العربية التي تسعي إلي توسيع نفوذها من أجل فرض هيمنتها علي المنطقة علي حساب القوي العربية ذاتها، كما ظهرت خلال المرحلة الأخيرة تحالفات ومحاور واستقطابات تخل بالأمن القومي العربي، وأدت إلي تدخل القوي العالمية في تسيير أمور المنطقة، كل ذلك يدفعنا سيادة الرئيس لمحاولة فهم ما حولنا، وأثره علي أمن مصر القومي؟
الشرق الأوسط يتمتع بأهمية جيواستراتيجية فائقة لأسباب عديدة.. هكذا كان دائمًا.. وسوف يظل، لدي هذه المنطقة البترول والغاز.. والممرات البحرية لإمدادات الطاقة عبر خليج (هرمز) و(باب المندب) و(قناة السويس).. كما أن المنطقة تمثل نقطة التقاء آسيا وأفريقيا مع أوروبا ومنطقة القوقاز.
نحن في مصر نعي كل ذلك تمامًا.. ونعي ارتباطه بأمن مصر القومي بمفهومه الشامل.. وفي صلته بأمن الخليج، وأمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي، والأمن الأورومتوسطي والأوروأطلنطي... وندير تحركنا وعلاقاتنا الخارجية.. بما يحفظ أمن الوطن ويحقق المصالح المصرية علي جميع دوائره ومحاوره، نتعامل بمنطق الصداقة والصراحة مع الجميع.. بما في ذلك القوي الكبري.. وعندما اختلفنا مع مفهوم (الشرق الأوسط الكبير) الذي طرحته الإدارة الأمريكية السابقة.. أعلنا موقفنا بقوة ووضوح.
الدور المصري الإقليمي سيظل دورًا أساسيًا.. لاعتبارات عديدة.. وبحكم التاريخ والجغرافيا والمكانة.. مصر تمارس دورها كقوة اعتدال.. دون صخب أو ضجيج.. وكالتزام قومي تجاه أمتها وهويتها ومنطقتها العربية.. وأيضًا كمتطلب من متطلبات الأمن القومي المصري.. فمصلحة مصر وأمنها يقتضيان العمل من أجل سلام وأمن واستقرار هذه المنطقة الصعبة والحساسة.
المواجهة مع إيران
نحن في مصر نرحب بأي إسهام يعزز استقرار الشرق الأوسط، إيران دولة إقليمية مهمة وعضو بمنطقة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز.. ويمكنها أن تصبح جزءًا من حل أزمات الشرق الأوسط بدلاً من أن تكون أحد أسباب مشاكله، مصر لم تبادر بقطع علاقاتها مع إيران.. وإنما كانت إيران المبادرة إلي ذلك بعد توجه الرئيس السادات إلي السلام. لا يزالون في طهران يطالبون مصر بإلغاء اتفاق (كامب ديفيد).. في حين أنه لا يعدو أن يكون (اتفاق إطار) انتهي عندما تمت بلورته في معاهدة سلام نحرص عليها ونلتزم بها.. طالما بادلتنا إسرائيل حرصًا بحرص والتزامًا بالتزام، استقبلت خلال الأعوام الماضية العديد من كبار المسئولين في إيران.. الرئيس خاتمي عندما كان في موقع الرئاسة وبعد أن غادره.. والدكتور علي لاريجاني عندما كان مسئولاً عن الملف النووي الإيراني، والسيد علي ناطق نوري كبير مستشاري المرشد الأعلي، والسيد حداد عادل الرئيس السابق للبرلمان.. وغيرهم.. والملفات المطروحة تتجاوز مجرد اسم الشارع والجدارية في طهران التي تمجد قاتل الرئيس السادات، وإنما في ملفات أخري بعضها له طابع أمني، والبعض الآخر يتصل بسياسات إيران المناهضة للسلام والحاضنة لقوي التطرف.
المشكلة الآن أن تصاعد المواجهة حول برنامج إيران النووي.. يجر المنطقة بأكملها إلي حافة الهاوية.. إيران لها الحق في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.. مثلنا ومثل جميع أطراف معاهدة منع الانتشار. وأتطلع مخلصًا لأن تستمر إيران في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي.. لتثبت الطابع السلمي لبرنامجها النووي.. ولتجنب شعبها وشعوب المنطقة تداعيات كارثية نحن جميعًا في غني عنها.. فالشرق الأوسط ليس في حاجة للأسلحة النووية سواء جاءت من إسرائيل أو إيران.. فهذا يفتح الباب أمام سباق للتسلح النووي في المنطقة.. بكل ما يحمله ذلك من مخاطر وتبعات.
تكامل مصري تركي
أما بالنسبة لتركيا.. فإنها تمثل هي الأخري دولة إقليمية مهمة بالشرق الأوسط.. تربطنا بها علاقات متميزة.. تشهد تشاورًا مستمرًا علي المستوي السياسي.. وتعاونًا مطردًا في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة.. والزيارة الأخيرة للرئيس عبدالله جول.. ومشاركته في حفل تخرج الدفعة الأخيرة للكلية الحربية.. خير شاهد علي ذلك.
يحلو لبعض الدوائر الغربية أحيانًا أن تصور تركيا وكأنها تتباعد عن الغرب وتتجه للاصطفاف مع الراديكاليين في العالمين العربي والإسلامي، كما يحلو للبعض في منطقتنا أن يحاول الإيحاء بتنافس الدورين المصري والتركي في الشرق الأوسط.. خاصة فيما يتصل بالقضية الفلسطينية بوجه عام.. والوضع في (غزة) بوجه خاص.. وأنا لا اتفق مع هذا الطرح أو ذاك.. فتركيا عضو مهم في حلف شمال الأطلنطي.. وتسعي لاستكمال مقومات انضمامها للاتحاد الأوروبي.
بل وتربطها بإسرائيل علاقات وطيدة للتعاون بجميع المجالات بما في ذلك التعاون العسكري، صحيح أن العلاقات فيما بينهما تضررت بالاعتداء الإسرائيلي علي (قافلة الحرية).. إلا أن كلا الجانبين يسعيان لاحتواء هذا الضرر.
الدوران المصري والتركي يتكاملان ولا يتنافسان.. فتركيا تتجه لاستعادة عمقها الجنوبي بالمزيد من الاهتمام بقضايا العالمين العربي والإسلامي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. ولأن هذا الاهتمام حديث العهد نسبيًا.. فإن الأمر يقتضي توضيح بعض خلفيات المواقف وتعقيداتها للأصدقاء في تركيا.. وهو ما يتم من خلال التشاور المستمر فيما بيننا.
دعم الوحدة في السودان
سيادة الرئيس.. تتعدد الأخطار المؤثرة علي الأمن القومي العربي، والتي تترك آثارًا علي أمن مصر القومي، فهناك مشاكل خطيرة في السودان وفي الصومال، وهناك أزمات في لبنان وفي العراق، وهناك أخطار تتعرض لها دول الخليج، كما كان هناك أزمة بين مصر والجزائر، هذا إلي جانب ما يحدث في فلسطين.
سيادة الرئيس.. يدعونا ذلك إلي الاستماع إلي رؤية سيادتكم لمسار ومستقبل تلك الأزمات وأثرها علي الأمن القومي المصري؟
أزمات المنطقة ليست جديدة عليها.. فنحن نعيش في منطقة صعبة.. والمهم أن نتعامل مع هذه الأزمات بما يحفظ الأمن القومي المصري والعربي.
السودان الشقيق يمر بمرحلة دقيقة في تاريخه مع اقتراب موعد الاستفتاء يناير المقبل وفق اتفاق السلام الشامل الموقع في (نيفاشا) يناير العام الماضي، ولقد بذلت مصر قصاري الجهد مع الأشقاء في الخرطوم وحكومة الجنوب ليصبح خيار الوحدة جاذبًا وليس الانفصال.. وإنني أتطلع مخلصًا لأن تأتي نتيجة الاستفتاء أيا كانت محققة لصالح كل أبناء السودان.. بعيدًا عن أي مظاهر للعنف أو المواجهة، أما الوضع في (دارفور) فإنه يشهد تحسنًا مطرداً آمل أن يتواصل تحقيقًا لسلام أبناء الإقليم وجميع أبناء السودان.
دعم الاستقرار في الصومال ولبنان والعراق
أما الصومال.. فإنه لا يزال نهبًا لعدم الاستقرار.. ولا يزال أبناؤه تتنازعهم الخلافات والانقسامات.. مع ضآلة قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.. وعزوف الأمم المتحدة عن نشر قوة تابعة لها.. أو قوة مهجنة مع الاتحاد الأفريقي علي نحو ما تم في دارفور.. ومن المؤسف حقًا أن نري هذا البلد العربي والأفريقي الشقيق معرضًا طوال هذه السنوات للعنف وغياب الأمن والاستقرار.. بما يهدد وحدته وسلامته الإقليمية بالنظر للوضع القائم في (بونت لاند) و(صومالي لاند).
وبالنسبة للبنان.. هناك سحب تتجمع في سمائه خلال الأشهر القليلة الماضية.. ندعو الله أن يقي الشعب اللبناني الشقيق عواقبها وشرورها، الحركة علي الساحة اللبنانية الآن تدور حول القرار الظني المتوقع للمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري.. ومصير الوفاق اللبناني وتعايش جميع طوائفه وأبنائه لا يصح أن يصبح رهينة لهذا القرار الظني.. أيا كان محتواه.
أما العراق.. فالأمل معقود علي توافق أبنائه علي تشكيل حكومة متسعة القاعدة.. تمثل جميع قواه وأطيافه السياسية.. تعكس نتائج الانتخابات التشريعية دون تهميش لأحد.. تحفظ هوية العراق العربية.. وتستكمل العملية السياسية واستعادة الهدوء والاستقرار.. بعيدًا عن الطائفية.
وحول الأخطار التي تتعرض لها منطقة الخليج.. فمصر علي اقتناع راسخ بارتباط أمنها القومي بأمن الخليج.. وتربطها بدوله العربية علاقات تشاور وتنسيق مستمر.
وبالنسبة لفلسطين.. فقضية شعبها هي الشغل الشاغل.. ومصر تتحرك علي مسارين أولهما هو ضمان استمرار وإنجاح مفاوضات السلام ودعم المفاوض الفلسطيني.. والثاني هو إنهاء الانقسام الراهن بما يتيح رفع الحصار المضروب علي (غزة) وإنهاء معاناة أهاليها.. وبما يوحد الصف الفلسطيني.. ليتحدثوا بصوت واحد دفاعًا عن قضيتهم وحقوقهم المشروعة.
أما عن علاقات مصر والجزائر.. فهي علاقات بين إخوة أشقاء.. لا ينال منها حدث عارض مهما كان.. خاصة إذا تعلق بمباريات رياضية المفترض أن تقرب بين الشعوب.. وليس العكس، هذا ما قلته لأخي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عندما التقيته في (نيس) خلال قمة فرنسا/أفريقيا شهر مايو الماضي، وعندما زرته بالجزائر شهر يوليو اللاحق.. وقد بادلني الرئيس بوتفليقة ذات الاقتناع والمشاعر.. فهو صديق عزيز تمتد صداقتي به لسنوات عديدة مضت.
سيادة الرئيس.. عودة إلي الموقف الدولي، وفعالية الدور المصري في محيطنا الإقليمي والنظام العالمي، قمت سيادتكم خلال هذا العام بالعديد من الزيارات الخارجية، كما استقبلتم العديد من زعماء العالم والعديد من كبار المسئولين العرب والأجانب، اسمح لي سيادة الرئيس بفتح ملف العلاقات المصرية الدولية؟
عن الدور المصري.. يكفي أن أقول إن مصر تتولي حاليًا الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط مع فرنسا.. ورئاسة (حركة عدم الانحياز) منذ العام الماضي ولثلاث سنوات.. وسوف تستضيف قمة دول (منظمة المؤتمر الإسلامي) شهر مارس المقبل وتتولي رئاستها لثلاث سنوات، تربطنا علاقات صداقة وتعاون مع جميع القوي الكبري والتجمعات الاقتصادية الرئيسية.. ونجحنا في إبرام العديد من اتفاقات التجارة الحرة لتفتح أمام صادراتنا أسواقًا جديدًا بمزايا تفضيلية.. وآخرها مع تجمع (الميركسيور) لدول أمريكا اللاتينية.
أضع لزياراتي الخارجية دائمًا أهدافًا محددة.. سواء علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي.. وأسعي لتحقيق مصالح مصر وشعبها.. أينما كانت.. ولطرح مواقفنا من قضايا وأزمات منطقتنا العربية.
التعاون مع دول حوض النيل
سيادة الرئيس.. تصاعدت في بداية هذا العام أزمة مياه النيل، ووصلت إلي ذروتها عندما وقعت خمس دول من دول المنبع بصورة منفردة الاتفاق الإطاري لدول الحوض، والذي اعترضت عليه مصر والسودان، في حين امتنعت دولتان من دول الحوض عن التوقيع عليه.
سيادة الرئيس.. هل يمكن لنا فتح هذا الملف كي يطمئن شعب مصر تجاه هذه الأزمة التي لعب فيها الإعلام دورًا كبيرًا لتصويرها بأنها تمس أمن مصر القومي؟
هذا صحيح.. الإعلام علي كلا الجانبين ساهم في تضخيم هذا الموضوع.. الإعلام لدينا تناول الأمر وكأن مياه النيل في سبيلها للتوقف عن التدفق إلي مصر.. والإعلام في دول المنبع تعامل مع الموضوع وكأن مصر تريد حرمانهم من مياه النهر.. ومن حقهم في تنمية بلادهم.
لدينا اتصالات لا تنقطع مع دول الحوض.. سواء من قام بتوقيع الاتفاق الإطاري في إثيوبيا وتنزانيا وكينيا وأوغندا ورواندا أو من امتنع عن التوقيع في بوروندي والكونغو الديمقراطية، وتتواصل هذه الاتصالات سواء من خلال رسائلي لقادة تلك الدول أو من خلال إيفاد الوزراء المصريين إلي عواصمهم.. ونقوم بهذه الاتصالات بالتنسيق المستمر مع الإخوة في السودان.
عندما طرحت مبادرة حوض النيل.. كنت - ولا أزال- علي اقتناع بأن مياه النيل يجب أن تكون مجالا للتعاون والتنمية المشتركة.. وليس محلا للتنافس أو الخلاف.. مياه النهر تكفي وتزيد عن حاجة دول الحوض.. إذا ما أحسن استخدامها بتطوير إدارتها وتقليل الفاقد منها.. ونحن في مصر نعزز علاقات التجارة والاستثمار مع دول الحوض.. ونتمني لهم المزيد من النمو والتقدم.. ولا نعارض أي مشروعات لتوليد الكهرباء.. طالما لم تؤثر علي حصة مصر من المياه.
وعلي أي حال.. فإنني علي ثقة بأنه عندما يحين الوقت لتناول الأمر علي مستوي القيادات السياسية.. فسوف يتم حسمه علي نحو يحقق مصالح الجميع.. فعلاقتي بهم جميعا أكثر من ممتازة.. وتقوم علي الصداقة والاحترام المتبادل.. والاقتناع بالمصالح المشتركة بين مصر ودولهم. مصر تغيرت
سيادة الرئيس.. كما ذكرتم.. فإن نصر أكتوبر فتح الطريق للتركيز علي التنمية.. ولقد حققتم لمصر إنجازات عديدة في البنية الأساسية وشتي قطاعات الإنتاج والخدمات.. وفي مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. هل لنا أن نفتح هذا الملف بشيء من التفصيل؟
مصر تغيرت كثيرًا منذ حرب أكتوبر ومنذ تحملي المسئولية.. التحدي الأول كان إعادة بناء مرافق البنية الأساسية المتهالكة.. ومواجهة قوي الإرهاب والتطرف.. وقد نجحنا في مواجهة كلا التحديين.. مضينا في توسيع البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار.. من الطرق وخطوط التليفونات وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها ومضينا في إقامة المجتمعات العمرانية والمدن الصناعية الجديدة وتطوير خدمات التعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات والإسكان.. وحققنا في هذه المجالات وغيرها إنجازات عديدة غيرت وجه الحياة علي أرض مصر.
نجحنا في ذلك رغم الزيادة السكانية الضخمة التي تلتهم أولا بأول قدرًا كبيرًا من ثمار ما يتحقق من إنجازات.. وتلقي بضغوط متزايدة علي مواردنا.. ويكفي أن أشير هنا لارتفاع قيمة إجمالي الدعم من «2» مليار جنيه عام 1981 إلي ما يزيد علي «مائة» مليار جنيه حاليا.. بكل ما يعنيه ذلك من ضغوط علي موارد الدولة والموازنة العامة.. وأنا أتابع- أولا بأول- تنفيذ البرنامج الذي خضت به الانتخابات عام 2005 وشددت في اجتماعي بمجلس الوزراء بكامل هيئته شهر أغسطس الماضي علي ضرورة استكماله خلال العام المتبقي من إطاره الزمني المحدد.
إنتخابات حرة ونزيهة
وبالنسبة للإصلاح.. فالتعديلات الدستورية عامي 2005 و2007 فتحت أمام حياتنا السياسية والحزبية أبوابا جديدة.. وأنا حريص علي أن تأتي الانتخابات المقبلة لمجلس الشعب حرة ونزيهة وأدعو الأحزاب للتقدم بأفضل ما لديها من المرشحين، كما أدعو اللجنة العليا للانتخابات لممارسة صلاحياتها بأقصي قدر من المسئولية والفعالية.
أما الإصلاح الاقتصادي فقد صحح اختلالات عديدة دامت لعقود.. وأصبح معها اقتصادنا أكثر قوة وأكثر قدرة علي مواجهة الأزمات العالمية بإمكاناته الذاتية.. علي نحو ما حدث خلال أزمة الغذاء العالمي عام 2008 والأزمة المالية والاقتصادية العالمية العام اللاحق.. والأكثر أهمية من ذلك.. أن مصر أصبحت بين أكثر الدول الجاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا.. بما حققته من تطوير في بنيتها الأساسية وبنيتها التشريعية.. وبما حازته من مصداقية.. المصداقية هنا عامل أساسي وضروري.. وإن فقدتها إحدي الدول لسبب أو آخر.. فإن الأمر يستغرق سنوات لاستعادة ثقة المستثمرين.. والاستثمارات تعني مشروعات جديدة والمزيد من الصادرات وفرص العمل وفتح أبواب الرزق والعيش الكريم لأبنائنا.
الإصلاح الاجتماعي يمثل لي أولوية قصوي.. فالنمو الاقتصادي لا بد أن يصاحبه توسيع لقاعدة العدل الاجتماعي لتصل ثمار النمو والتنمية لجميع شرائح المجتمع ولجميع المحافظات.. ولكي تقف الدولة إلي جانب الفقراء والبسطاء وسكان القري الأكثر فقرا والعشوائيات.
والتشريعات التي اعتمدتها الدورة البرلمانية الماضية بشأن تطوير قانون الضمان الاجتماعي، وقانون التأمين والمعاشات خطوة في الاتجاه الصحيح.
مستقبل المنطقة مرتبط بالسلام
سيادة الرئيس.. أنتم تقودون مسيرة الوطن منذ نحو الثلاثين عاما.. وعشتم سنوات الحرب والسلام.. كيف تستشرفون مصر ومنطقتها.. بعد عشرة.. أو ثلاثين عاما من الآن؟
نعم.. لقد عشت سنوات الحرب بآلامها وضراوتها.. وعشت مراحل عملية السلام منذ بدايتها.. وأعلم تماما أن السلام يصنعه قادة يمتلكون الشجاعة والرؤية الواضحة للمستقبل.. يؤمنون بأن السلام يحقق مصالح شعوبهم.. ويستطيعون اتخاذ القرارات الصعبة التي تحقق هذه الرؤية وهذه المصالح.
أقول ذلك لأن مستقبل منطقة الشرق الأوسط الذي أستشرفه يرتبط بتحقق أو غياب السلام.. فهو المفتاح لأمن وتنمية دول وشعوب المنطقة.. والعكس صحيح.
إنني آمل ألا نترك للأجيال القادمة تركة ثقيلة من النزاع وعدم الاستقرار.. وأتطلع لأن نترك لمن يأتون بعدنا منطقة أكثر استقرارا وأمنا وسلاما.. ونحن في مصر معنيون بذلك تماما.. فمن الصعب أن تنعم بالهدوء والاستقرار والحياة الآمنة.. والنيران تشتعل في بيت جارك.. والسلام والأمن كل لا يتجزأ.. فإما أن تصبح المنطقة ساحة للتعايش والتعاون.. وإما أن تظل مسرحا للصراع والعنف والإرهاب.
أما عن مصر.. فإنني استشرفها دولة قوية آمنة.. ومجتمعا متطورًا متماسكًا.. أكثر رسوخا في ديمقراطيته.. وأكثر قوة في اقتصاده ومؤسساته وجيشه.. هذا ما أراه لمصر ومستقبلها.. فقد وضعنا أقدامنا علي الطريق الصحيح.. وقطعنا عليه شوطا كبيرا.. لكنني أري مصر- أكثر ما أراها- دولة مدنية حديثة.. ترعي الاعتدال.. وتواصل دورها باعتبارها رمانة الميزان في منطقتها.
الثقة في القوات المسلحة
سيادة الرئيس.. اسمح لنا سيادتكم أن ننتقل إلي الجزء الأخير من الحديث والذي تركناه لنختتم به هذا اللقاء الذي نعتز به ونعتبره وساما علي صدر جريدة القوات المسلحة نفتخر به كل عام.. ألا وهو القوات المسلحة التي تتحمل المسئولية الأولي في الدفاع عن أمن مصر القومي.. ورؤية سيادتكم لقدرتها علي إحداث التوازن في المنطقة، وعلي درء أي تهديدات مستقبلية؟
إنني كرئيس للجمهورية والقائد الأعلي للقوات المسلحة أثق ثقة كاملة في أبنائي القادة والضباط والصف والجنود.. وفي قدرتهم علي الاضطلاع بما يكلفون به من مهام.. بأقصي قدر من المسئولية وبأعلي مستوي من كفاءة الأداء.
أبناء قواتنا المسلحة يعلمون مدي اعتزازي بهم وبمؤسستنا العسكرية العريقة.. فقد قضيت عمرا بين صفوفها.. وخضت معاركها وحروبها.. وهي الصرح الذي تعلمت فيه قيم الولاء والانتماء للوطن ورايته.. وتعلمت فيه أسس الإدارة والقيادة والانضباط منذ التحاقي بالكلية الحربية عام 1947 .
أعلم ما يعيشونه من حياة خشنة، وما يقدمونه من تضحيات.. ولا ينسي شعب مصر أن نصر أكتوبر تحقق ببسالتهم ودمائهم وأرواح شهدائهم.. وبما بذلوه من جهود شاقة لسنوات استعدادًا لحرب التحرير.. فحققوا انتصارا عظيما أدي لتغيير جذري في العلوم العسكرية.. ونظم التسليح والقيادة والسيطرة.. علي مستوي العالم.
أقول بكل الثقة إن قدرات وإمكانيات قواتنا المسلحة أفضل بمراحل الآن عما كانت عليه عندما حققنا نصر أكتوبر عام 1973.. وهي أكثر قوة- تسليحا وتدريبًا وعتادا- بما يواكب التطور الهائل الذي شهدته جيوش العالم خلال السبعة وثلاثين عاما الماضية.
هذه الثقة لا تأتي من فراغ.. وإنما ألمسها في متابعتي المستمرة لأوضاع وإمكانات قواتنا المسلحة.. وأنا حريص علي توفير احتياجاتها من التسليح والمعدات وكل ما يلزم للارتقاء المتواصل بقدراتها واستعدادها القتالي، وأتلقي تقارير عما تجريه من تدريبات ومناورات، وعن مشاركة أبنائها في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي حازوا خلالها ثقة المنظمة الدولية لما لقواتنا المسلحة من خبرات منذ عملية الكونغو عام 1960 ولما يتمتع به أبناؤها من كفاءة وانضباط.
مرة أخري.. أعبر عن تقديري وثقتي الكاملة في قواتنا المسلحة.. فهم درع الوطن.. وحماة السلام.. وسند أمتنا.. ودورهم في حرب تحرير الكويت لا يزال ماثلا في ذاكرة مصر ومنطقتنا العربية.. كما أن إسهامهم في بعض المشروعات المهمة للبنية الأساسية يدعم جهود التنمية.. ويحظي بتقدير الشعب.
سيادة الرئيس.. في ختام اللقاء التاريخي، ما الرسالة التي تود سيادتكم توجيهها لأبناء القوات المسلحة وشعب مصر بمناسبة احتفالنا بذكري الانتصار العظيم في أكتوبر 1973؟
أقول لأبناء قواتنا المسلحة إنكم أبناء هذا الشعب العظيم.. ونصر أكتوبر قد فتح الطريق إلي السلام.. لكن السلام في حاجة مستمرة لمن يحميه.. فلتكونوا دائما علي أهبة الاستعداد للدفاع عنه.. وللذود عن أرض مصر وسيادتها ضد أي عدوان أو تهديد.
وأقول لأبناء الشعب.. إن نصر أكتوبر قد برهن علي المعدن الحقيقي للمصريين.. وسيظل دليلا علي أصالتهم وصلابتهم وقوة عزيمتهم وقدرتهم علي صنع المستحيل.. لتكن ذكري النصر زادا نستلهم منه كل ذلك عامًا بعد عام.. ولتكن «روح أكتوبر» حافزًا لنا جميعا.. في سعينا للحاضر والمستقبل الأفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.