بعد رحلة من العمل في مجال التصميم الجرافيكي السينمائي والموسيقي، صنع فيها اسما في مجاله، أهله للعمل مع المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، قرر سامح إسماعيل، خريج قسم الحفر بكلية الفنون الجميلة عام 1997، بدون مقدمات التوقف والعودة للفن، بعد أن تساءل ما الذي سيفعله وسط كل هذا الزحام والصخب الفني ليثبت نفسه؟ وسرعان ما تذكر دراسته للخط العربي، التي توقفت مع بداية دراسته الثانوية، وقرر أن يتناول الخط العربي فنيا بأسلوب معاصر، فزاوج بينه وبين التصوير وغيره من الفنون، وأقام مؤخرا معرضا تشكيليا بمركز الجزيرة للفنون، وبمناسبة المعرض تحدثنا معه في "روزاليوسف" الخط العربي مظلوم دائما ومتهما بأنه فن استهلاكي.. فما سر حماسك واختيارك لهذا الفن تحديدا؟ - أنا لم اختر الخط، فهو من اختارني، فالحرف يمثل لي طاقة لا حدود لها، ولقد درست خطوطا كلاسيكية: كالفارسي والنسخ والرقعة والثلث والديواني، ثم توقفت أثناء دراستي الجامعية لصعوبة الجمع بين الدراستين، وبدأت أصمم شعارات، ولفت انتباهي أن كل شعاراتنا نرسمها باللاتيني، فلماذا لا نرسمها بالعربي؟، وبدأت أطور في الحرف تصميما وتشكيلا، وبدأت أذاكر الحروف الصينية واليابانية، خاصة أن فنونهم عنصرها الأساسي هو الحرف، ثم درست أعمال مصممي الحرف العربي في المنطقة العربية مثل: أحمد مصطفي (مصري)، وحسن المسعودي (عراقي)، ونجا المهداوي (تونسي)، وسمير الصايغ (لبناني)..... إلخ، وفي مصر وجدت تجارب ليوسف سيدة وكمال السراج وحسين الجبالي ومحمد طه حسين، لكنه يوجد فراغ فني كبير بعد تجاربهم، فأخذت القرار بالرغم من أن الكثير من المقربين نصحوني بالابتعاد دون أن يعرفوا حجم طاقتي في هذا المشروع وخطتي. وأري أن كل المدارس الفنية تستطيع ببساطة أن تتعامل مع الحرف العربي، إنما الفكرة في قدرتك وإيمانك، وأنا معجب ومهتم جدا بالفن الإيراني فالفنانين الإيرانيين يعملون بشكل منظم جدا، وقائم علي التعاون والجماعية، بينما نحن من يعمل بشكل عشوائي، ونضعف من الثقة بأنفسنا، فمفهوم الهيمنة الآن أصبح للثقافة والفنون. ما نوعية الصعوبات التي واجهتك في هذا الطريق؟ - أنا متهم طوال الوقت أنني أقدم فنًا زخرفيا أبعد ما يكون للفن المفاهيمي، وأنني لم أضف شيئا حتي الآن للفن المفاهيمي، تهمتي الثانية أن الجمهور العادي لا يستطيع قراءة ما أكتبه، لكن الحرف ليس مصمم فقط كي يقول جملة إنما هو عنصر تشكيلي، والحركة التشكيلية وجهة نظرها أنني أعمل علي موضوع يمكن أن يكون له علاقة بالموضة. وما رد فعلك علي هذه الاتهامات؟ - الوصول إلي العالمية أساسه التركيز في تراثنا وخلفياتنا، لذلك مدخلاتي كلها لها علاقة بالتراث فقد تربيت في عائلة متوسطة بوسط البلد وكنت أسكن أمام قصر عابدين و قريب من السيدة زينب والقلعة وشارع الصليبة، ودرست الخط العربي والفن التشكيلي فلا استطيع أن أكون غير نفسي، حتي عندما عرض علي العمل الفني في أسبانيا لم أشعر أنها مكاني، ولن تضيف لي أي شيء أوتغير من اتجاهاتي أوتطور من أدائي، وفضلت التواجد بعملي وليس بشخصي. كل فنان له علاقة بأعماله، لكن علاقتك بها صراع وتحدي وهو ما نراه في البقع اللونية مثلا، فلماذا؟ لأن الحرف العربي فن مكتمل، ومن أجل أن أضيف عليه يجب أن أفككه لأخلق لنفسي مناطق فيه تحتاج أن تكتمل فدائما هناك صراع، فالحرف العربي وحده فن قائم بذاته لأنه حل لكل مشاكل الكتلة والفراغ ومشاكل الظل والنور وهكذا، فكيف استخرج منه شيئًا جديدًا؟ لذلك هناك العديد من التشكيليين أعتز بآرائهم يظنون أني خائف بينما المشكلة أن الحرف يشعر بالغيرة حين أركز مع التقنية والسطح بشكل قوي فهو يحب أن يظهر جدا ويظهر عبقريته، فمشكلتي أنني أعطي للحرف قيمته ولا آخذ منها. هل لديك خطة في تدعيم فن الخط العربي وعمل قاعدة في الحركة التشكيلية المصرية؟ - في الفتره الحالية أحاول التواصل مع من يعملون علي الحرف من مقام الخط العربي مثل أحمد فارس وهو فنان معاصر لديه رؤية ومهيأ للتفاعل مع الحرف، أيضا منيب أوبرازوليش "بوسني" مقيم في مصر يتعامل مع خط الثلث بثقافته الأوروبية، وآخرين أحاول أن أصيبهم بعدوي التجديد والمعاصرة، وأن يتناولوا الموضوع بشكل مختلف، ليتمردوا لأن الخط مشكلته أنه بأدائه المكتمل وتقربه من الصوفية والدين، يشعر الخطاط أنه يتعامل مع نص قرآني فيخشي التحريف فيه والإضافة، فالفنان شخص مختلف في كل شيء فإن لم يكن مختلفًا لن يخرج فنًا. مًن مِن الفنانين التشكيليين الذين تري أن لديهم مشروعًا فنيا حقيقيا؟ - الفنان خالد حافظ لديه مشروع مهم جدا يحققه بينه وبين نفسه، ولديه قدرة كبيرة جدا علي التواصل مع الآخر، نظرا لأن ثقافته واختلاطه بالاجانب جعله يقدر قيمة البحث ويظل شغوفا، ويحترم تجربة الآخر وأن يتواصل معه، ولديه منهجية في أعماله وكذلك الفنان عادل السيوي، أيضا ممن أحترم حماسه جدا وصدقه مع نفسه الفنان عماد أبوزيد، من الفنانين الكبار أحترم جدا أعمال الفنان فاروق حسني لأني أشعر أنه يكون مسرورا أثناء تنفيذه للوحته، فأكون مسرورا وأنا أري أعماله رغم أن أدواته ثابتة. وما رؤيتك حيال القاعات الخاصة الموجودة حاليا؟ - أري أن الجاليريهات الخاصة فكرة جيدة، نتيجة غياب الدور الذي تقوم به المؤسسة الفنية الرسمية في تسويق الفنان والحفاظ علي فنه، والجاليري لا يملي شروطه علي الفنان، إنما الفنان هو من يحدد ما يحتاجه من الجاليري، ومشكلتي للأسف في التسويق بمصر نتيجة ثقافة المجتمع، لكن في المنطقة العربية والغربية حظي أوفر. وما توقعاتك للفترة المقبلة خاصة بعد تزايد أعداد القاعات الخاصة والرسمية؟ - للأسف أشعر أنني غير متفائل، فطالما نعمل بدون منظومة سنخسر الكثير. غدا افتتاح المعرض بمركز الجزيرة للفنون، فما الذي ستقدمه؟ - سأقدم أعمالا جديدة ضمن مشروعي مع الخط، ولدي مفاجأة في استخدامي للشخوص بشكل مختلف مع "حروفياتي"، فمن خلال الشخوص سأنتقل لمرحلة أخري في مفهوم التعامل مع الموضوعات الحياتية المعاشة.