بدأ "أتوبيس عام الإسكندرية" رحلته من "الفيس بوك" حتي خرج في كتاب صادر عن دار "العين"، هكذا تحدثت الدكتورة فاطمة البودي صاحبة الدار مشيرة إلي متابعتها كتابات آسر مطر علي الإنترنت، ونجحت في إقناعه بطباعة هذه المجموعة القصصية؛ عندما جذبها أسلوبه وتنوع موضوعاته، وعمق معالجاته. استضافت دار "العين" في صالونها الثقافي الكاتب الشاب آسر مطر بمناسه إصدار مجموعته القصصية الأولي تحت عنوان "أتوبيس عام إسكندرية"، تحدث في هذا اللقاء الناقد الأدبي الدكتور حسام عقل، كما أدارت الندوة الدكتورة فاطمة البودي صاحبة دار نشر "العين". وأكد آسر مطر أنه عاد إلي الكتابة بعد 25 عامًا غياب، ويرجع السبب في ذلك إلي وحدته في الغربة وعمله بدولة قطر، وقد أنجز هذه المجموعة خلال عامين، وهي تضم قصصًا بعضها حقيقي حدث كما صوره تماما في قصصه، وبعضه أضاف إليه رؤيته وخياله، وصر مطر بأنه يعمل حاليا علي قصة جديدة، سوف يطبعها بعد مرور عام أو عامين حين ينتهي منها. رأي الدكتور حسام عقل أن: 70% من قصص آسر مطر تصلح للترجمة إلي لغات أوروبية، وهو ينضم إلي قائمة الإعلاميين الذين أدركتهم حرفة الأدب، والقصة بالخصوص، فالمشهد القصصي عنده يستوحيه من الحالات اليومية، فهو يقتنص مشهدًا أو حالة يومية أو حتي مقابلة عابرة أو مشادة، ثم يفجر قصته البسيطة التي لا تحمل تعقيد الحدث، فقصصه يمكن أن يفهمها الكبار والصغار. قسم مجموعته القصصية إلي محطات أربعة كبيرة، وكأنه يعتبر أن التجربة الأساسية هي رحلة في قطار، قدم فيها رؤية بانورامية من خلال النظر خارج من النافذة كل النماذج الاجتماعية، كالثرثار والمتطفل والانتهازي وخفيف الظل وغير. وتضم المجموعة 23 قصة وهي تجاوز لأن بعض الفقرات المكتوبة لا تندرج بمفهوم الفن الدقيق في باب القصة القصرية، قد يكون أقرب للخاطرة الأدبية، كما أن لغة القصة عنده بها نوع من اللغة التلغرافية السريعة، وهو لا يستخدم البلاغة المسرفة، وإن كان بعض القصص عنده تحمل كثافة شعرية تظهر أحيانا في مشاهد الحزن، وهذا اتضح في قصة رحيل أحد أقاربه الذي توفي في محرقة بني سويف الشهير، وهو مشهد مفعم بالحالة الوجدانية الغنائية، وهو نجح فيه بأن جعلنا نبكي، لكنه ليس قصة قصيرة، واعتبره خاطرة أدبية لا تستوفي شروط القصة القصيرة. وقال دكتور عقل أن: آسر يستخدم في جميع القصص ضمير المتكلم كأنه يتحدث عن نفسه، وهذا يعطيه نوع من الحميمية مع القاريء، وينقد نموذج الشخصية المصرية في حالتها الراهنة، فهي شخصية في كثير من الأحيان ثرثارة، وقد تكون متطفلة، وقد تلجأ أحيانا إلي الفهلوة، لكن النقد اللاذع الذي تعامل به آسر مع الشخصية المصرية ليس نقد الحاقد، بل نقد المحب. كما أن مجموعته ممتلئة بسخرية لاذعة ومرة، و سقوف من الجرأة السياسية لم أرها في القصة منذ فترات طويلة. كما أن آسر يلعب لعبة كسر أفق التوقع، أي يغذي في القارئ توقعات حتي يتوقع نهاية القصة، وفي هذه اللحظة يفاجأه بشيء يخرج عن الجعبة خارج نطاق الحسابات والتوقعات، وهذا يحتاج بما يسمي "الحس البوليسي". في قصة "هيما الإرهابي" بدأ آسر يوضح تقنياته، فالعرق السياسي نافر جدا في مجموعته القصصية كلها، وسيصعد هذا العرق حتي يصل إلي القصة السياسية الساخنة ممثلة في قصته "في بلاد الفسافيس" واعتبرها اسقاطًا علي الحالة السياسية المصرية بكل ملابساتها وتفاصيلها، وهذه القصة أعتبرها درة التاج في المجموعة القصصية كلها.