في ساعة مبكرة من صباح أمس انطلقت المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بعد ساعات قليلة من حفل إطلاق المفاوضات التي عقدت بالبيت الأبيض مساء أمس الأول بحضور الرئيس حسني مبارك والرئيس الأمريكي أوباما والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو وممثل الرباعية الدولية وتوني بلير. وقال السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس حسني مبارك أكد خلال لقائه الرئيس الأمريكي أوباما بالبيت الأبيض أن المنطقة العربية والدول الإسلامية حريصة علي تحقيق السلام وتنتظر التوصل إلي نهاية ناجحة لجولة المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التي بدأت في العاصمة الأمريكية. وأضاف عواد في مؤتمر صحفي عقده مساء الاربعاء - بفندق سانت ريجس بواشنطن: إن الرئيس مبارك قدم رسالة واضحة للرئيس أوباما تؤكد أن مصر تساند التوصل إلي حل سلمي سريع للقضية الفلسطينية من أجل تحقيق السلام في المنطقة، مشيرا إلي أن مصر هي أول دولة تفتح أبوابها للسلام. وأضاف المتحدث الرسمي أن مصر تأمل في أن تنجح هذه الجولة من المفاوضات لأن عملية السلام مرت خلال الفترة الماضية بلحظات هبوط وصعود، مشيرا إلي أن هناك علي الساحة كثيرا من التساؤلات والانتقادات والتشكيك في هذه الجولة التفاوضية الحالية والمهم ليس اقامة مراسم احتفالية لإطلاقها ولكن المهم هو المضي قدما بجدية وإرادة سياسية إلي أن يتم تحقيق حل والتوصل إلي اتفاق. ودعا عواد القوي الدولية لمواصلة التزامها إزاء العملية السلمية وخاصة الولاياتالمتحدة والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي الذي يعد أكبر مانح للسلطة الفلسطينية ويلعب دورا مهما في بناء المؤسسات الفلسطينية. الاستيطان وانهيار المفاوضات وردا علي سؤال حول إمكانية أن تمد اسرائيل مهلة وقف الاستيطان التي تنتهي في 26 سبتمبر الحالي، قال عواد إن الكثيرين يأملون في مد هذه المهلة، واضاف: إنني لا أريد أن أطلق علي هذه الرغبة كلمة شروط للاستمرار في المفاوضات، مشيرا إلي أنه حتي الأمريكيين يقولون إن الاستيطان يعد عقبة في طريق السلام، حيث إن المستوطنات تلتهم الاراضي التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية المرتقبة. واضاف أن الجميع يأملون في أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات بنجاح، ولكن إذا اتخذت اسرائيل القرار الخطأ باستئناف بناء المستوطنات فقد تنهار المفاوضات وعلي اسرائيل أن تتحمل عواقب ذلك. وردا علي سؤال عما إذا كان يتوقع أن يحدث تقدم خلال المفاوضات في الاسابيع المقبلة، قال عواد: إن المسألة ليست مسألة شعور أو تفاؤل أو تشاؤم، ونحن لا نمتلك كرة بلورية يمكن من خلالها أن نستطلع المستقبل. وأضاف ان أول تطلعات الحكومة المصرية والشعب المصري والشرق الاوسط برمته هو رؤية السلام يتحقق، وإذا لم يتحقق ذلك في عهد نتانياهو فمتي سيتحقق، ونحن علي ثقة بوجود إرادة سياسية لدي رئيس الوزراء الإسرائيلي لتحقيق النجاح، موضحا انه في حالة حدوث ذلك سينفتح الباب أما انجازات مماثلة علي مسارات أخري في سوريا ولبنان. وردا علي سؤال حول ما دار في اللقاء بين الرئيسين مبارك وأوباما، قال: إن الزعيمين تبادلا وجهات النظر حول التطورات الجارية في منطقة الشرق الاوسط، وتنسيق المواقف لضمان أن تصل المفاوضات إلي نهاية ناجحة وبدون مزيد من العقبات، وقال عواد: إن الرئيس مبارك أبلغ نظيره الأمريكي استعداد مصر للمشاركة في استضافة الجولات القادمة من المفاوضات بين الطرفين. واضاف عواد أن الرئيس مبارك ذكر أنه لا يريد أن يكرر ما جري في عملية أنابوليس للسلام من تجميع للقادة لالتقاط الصور التذكارية، ولكن مصر تتطلع إلي مساندة قوية من الإدارة الأمريكية لأنها ملتزمة بالسلام منذ يومها الأول. وأشار عواد إلي أن مبارك قال لأوباما: إذا كنا قد تركنا كلاً من السادات وبيجين بمفردهما لما كانا قد توصلا إلي اتفاق للسلام، وإننا جئنا إلي الولاياتالمتحدة ليس لالتقاط الصور التذكارية ولكن لكي تشارك الولاياتالمتحدة بقوة في العملية السلمية لمواصلة التزامها ومشاركتها من أجل تقريب المواقف وحل الخلافات. تنسيق مصري - أمريكي وردا علي سؤال حول ضرورة عقد جولات عديدة من المفاوضات قال عواد: من قال إن السلام سيتحقق خلال فترة قصيرة او في دفعة واحدة، وقال "ينبغي ان تواصل الاطراف الاقليمية والدولية التزماتها بالسلام، واشار الي ان الرئيس مبارك علي علاقة طيبة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو منذ ولايته الاولي في رئاسة الوزراء في التسعينيات واشار الي ان لقاء اليوم هو اللقاء السادس منذ تولي نتانياهو الحكم في إسرائيل وأضاف عواد اننا نعتقد ان نتانياهو علي علم بالمنعطف الاخير الذي تمر به منطقة الشرق الاوسط ولا أحد يريد ان تضيع هذه الفرصة لان فشل المفاوضات يمكن ان يؤدي الي موجة جديدة من الارهاب ليس في المنطقة فقط ولكن في مختلف مناطق العالم بسبب تاخر حلول السلام واشار عواد الي ان الفلسطينيين يعانون منذ اكثر من 60 عاما وهذا هو سبب الارهاب مشيرا الي ان القيم التي يعتنقها الغرب مثل الحرية والعدالة لا تصل للشعب الفلسطيني. مستقبل المفاوضات وردا علي سؤال حول مستقبل المفاوضات في حالة عدم تجديد اسرائيل لمهلة تجميد الاستيطان، قال عواد إنه إذا لم يتم مد المهلة فستتوقف الأمور موضحا انه ليس من المنطق أن يتوقف الاستيطان خلال فترة المفاوضات غير المباشرة ثم يستأنف في حالة المفاوضات المباشرة، وأنه في حالة عدم تجديد المهلة فسيضطر الرئيس أبو مازن إلي الانسحاب من المفاوضات خاصة أن هناك كثيراً من الاراء المعارضة سواء الفلسطينية أو العربية لعملية التفاوض. وردا علي سؤال حول ما إذا كانت هناك انتقادات عربية لواشنطن لعدم قيامها بجهد كبير لدفع السلام، قال عواد إنه كانت هناك تطلعات كبيرة في العالمين العربي والإسلامي بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما بجامعة القاهرة والذي اثار موجة من التفاؤل واعتقد الجميع أنه ستكون هناك صفحة جديدة في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، ولكن الذي حدث أن مشاعر الإحباط هي التي ظهرت علي السطح سواء فيما يتعلق بعملية السلام أو فيما يتعلق بالمخاوف التي ظهرت من التجمعات الاسلامية في الغرب وما يطلق عليه صراع الحضارات. واختتم عواد أننا لن نتوقف عن الأمل والتفاؤل إلي أن يتحقق السلام في منطقة الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق التنمية لشعوب المنطقة. مراسم الاحتفال كان الرئيس الأمريكي أوباما قد أقام حفلاً في البيت الأبيض لإطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي بداية الحفل رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضيوفه، وقال: اليوم «الخميس» يستأنف الفلسطينيون والإسرائيليون المحادثات بعد ما يقرب من عامين من التوقف. أضاف: إن المحادثات قائمة علي إقامة دولتين دولة إسرائيلية وفلسطينية يعيشان جنبا إلي جنب في أمن وسلام ثم أعطي الكلمة للرئيس مبارك. دعم الشعب الفلسطيني وأكد الرئيس مبارك في كلمته استمرار مصر في دعمها للشعب الفلسطيني في قضيته العادلة ومواصلة جهودها من أجل تحقيق تطلعاته واستعادة حقوقه المشروعة.. وقال: إن مصر ستظل إلي جانب الشعب الفلسطيني إلي أن تقوم دولته المستقلة. وقال الرئيس: إن التوصل إلي السلام العادل يتطلب من إسرائيل اتخاذ قرارات مهمة.. لافتا إلي أن الاستيطان علي الأرض الفلسطينية المحتلة يتم بالمخالفة للقانون الدولي، وهو لن ينشيء لإسرائيل حقوقا أو يحقق لها سلاما أو أمنا. وطالب الإسرائيليين باغتنام الفرصة الحالية وألا يدعوها تفلت من بين أيديهم، وقال «اجعلوا السلام الشامل هدفا.. ومدوا أيديكم لتلاقي اليد العربية الممدودة إليكم بالسلام». وأشار أوباما إلي أن الزعماء المشاركين يعتبرون امتدادا لمن أطلقوا المسيرة، ومن بينهم الرئيس الراحل أنور السادات وإسحاق رابين ومناحم بيجن والعاهل الأردني الراحل الملك حسين. وقال: «إننا نواصل الجهد الذي أطلقه هؤلاء الزعماء، ونقف علي أكتافهم ونواصل العمل الذي بدأوه، والوقت قد حان لكي نسأل أنفسنا هل نملك الشجاعة والحكمة التي كانوا يمتلكونها؟ المهمة ليست سهلة ثم ألقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كلمة أكد فيها أن المهمة الموجودة ليست سهلة علي الإطلاق.. وقال «لمدة عقود وعقود كان هناك صراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعاني الرجال والنساء والأطفال من ويلات الحروب وويلات هذا الصراع وفقدت الكثير من العائلات من يساعدهم علي الاستمرار في حياتهم بشكل أفضل.. كان كثير من الغضب والاحباط، وكان هناك تغذية لهذا الاحباط بالمزيد والمزيد من الصراعات، تعقد الموقف للغاية حتي أنه صعب مخاطبته بشكل أفضل حتي يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من إيجاد حل لهذا الأمر. وشدد العاهل الأردني علي ضرورة بذل الجهود لتحقيق النجاح، الذي هو هدفنا اليوم حتي يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من تحقيق السلام والاستقرار وحتي يتمكن النساء والرجال من تحقيق مستقبل أفضل وحياة أفضل من التي يعيشونها. وقال إننا يجب أن ندفع للسلام أن يسود، وإن فشلنا في تحقيق هذا الغرض سيكون نجاحا للحروب والغضب والمزيد من المعاناة التي سوف تعانيها كل شعوب المنطقة. وأضاف: إن السلام والاستقرار هو حق لكل فرد من أفراد المنطقة، ولكل شعوب المنطقة من الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب علي حد سواء.. ويجب أن يكون هناك إقامة لدولة إسرائيلية وفلسطينية بناء علي السلام العادل والشامل من أجل تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة بأثرها. شالوم ثم القي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كلمة أعرب فيها عن سعادته لوجوده من أجل بدء الجهود المشتركة في إقامة تحقيق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال نتانياهو: إن السلام الدائم هو السلام بين الشعوب، بين الإسرائيليين والفلسطينيين ويجب أن نتعلم كيفية التعايش معا، وأن نعيش جنبا إلي جنب ومع بعضنا بعضا. وأضاف: إنني كنت أحمل قضية إسرائيل طوال حياتي ولكنني لم أحضر هنا لأقدم حججا بل لأقدم وأصنع السلام.. مشيرا إلي أنه لم يأت لكي يقوم بلعبة اللوم التي يخسر فيها كل الأطراف الذين لم يريدوا السلام. وأشار نتانياهو إلي أنه بدأ كلمته بالعبرية وهي «شالوم» أي السلام، لأن هدفه هو السلام وتحقيق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا نسعي أبدا لفترة مختصرة أو استراحة قصيرة بيننا وبين الفلسطينيين وبين أطراف الإرهاب بل سلام. تجميد الاستيطان ثم ألقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة قال فيها إننا سوف نتوجه نحو إطلاق هذه المفاوضات ونحن مدركون للمصاعب والعقبات التي تقف أمامنا ومستوعبون لدروس التجارب السابقة، ونؤكد باسم منظمة التحرير الفلسطينية أننا سنعمل بكل تصميم وجدية ونية صادقة من أجل إنجاح هذه المفاوضات. وجدد التزامه بتنفيذ كل ما يترتب من التزامات داعيا الجانب الإسرائيلي لتنفيذ التزاماته وبخاصة وقف الأنشطة الاستيطانية كافة. وأكد عباس أن الدعوة لتنفيذ الالتزامات وكذلك رفع الحصار المفروض علي غزة وانهاء الاغلاق والحواجز التي تخالف حق الفلسطينيين في الحياة والتحرك لا تشكل شروطا مسبقة وإنما هي تنفيذ لتعهدات والتزامات سابقة. وأضاف: إننا سوف نبذل كل جهد ممكن وبلا كلل أو ملل لكي تصل هذه المفاوضات إلي غايتها وأهدافها في معالجة جميع القضايا، قضايا المرحلة النهائية القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والأمن والمياه، ومن ثم الافراج عن جميع المعتقلين بغية تحقيق السلام الذي تتوق إليه شعوب منطقتنا.. السلام الذي يحقق الحرية والاستقلال والعدالة للشعب الفلسطيني في وطنه والشتات والذي يعاني أشد المعاناة منذ عقود.. السلام الذي يصحح الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا والذي يحقق الأمن والأمان له وللشعب الإسرائيلي ويفتح أمامهما وأمام شعوب المنطقة حقبة من السلام العادل علي المسارات كافة وحقبة من الاستقرار والتقدم والرخاء. وأضاف: إن مشاركة الرئيس مبارك والملك عبدالله دلالة علي الدور الجوهري والفاعل والمتصل لجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية في دعم فرص تحقيق السلام وهو دور متصل بالموقف الذي عبرت عنه مبادرة السلام العربية التي جسدت اجماع الدول العربية وبالتالي الدول الإسلامية أيضا علي تحقيق السلام الشامل والعادل علي المسارات كافة في منطقتنا بما في ذلك المسار السوري الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي وقدمت فرصة مخلصة وثمينة لصنعه. وقال عباس «لقد حان الآن صنع السلام وانهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ونيل الشعب الفلسطيني الحرية والاستقلال والعدالة، مشيرا إلي أنه حان الوقت لتكون هناك دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة إلي جانب دولة إسرائيلية ووضع حد نهائي للصراع في منطقة الشرق الأوسط. طريق طويل وأعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في ختام الحفل، عن شكره لكل الزعماء والقادة لهذه الكلمات الرائعة.. وشكر أيضا وفود الدول المشاركة في الحفل.. وشكر الجميع علي كل الأداء الرائع الذي قاموا به، مشيرا إلي أن هذه مجرد بداية. وقال «أمامنا طريق طويل.. وأننا نقدر ما قام به القادة اليوم للقيام بدفع عملية السلام قدما خاصة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأكد أوباما أن هذه الخطوة ليست بالسهلة عليهما علي الإطلاق ولكنها توحي بإيمانهما القومي بهذه القضية وبشرعيتها وبأهمية تحقيق السلام واتخاذ هذه الخطوة الصعبة والتي تعتبر اختبارا لحكمتهما وشجاعتهما ورؤيتهما للمستقبل. وقال «كلي أمل ويقين أننا سوف نتمكن من تحقيق هدف تجمعنا.. شكرا لكم جميعا». وصافح أوباما الزعماء الأربعة علي الترتيب، الرئيس حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وغادر الزعماء الخمسة قاعة الحفل وهم يتبادلون مع بعضهم أطراف الحديث.