خصص مقهي نجيب محفوظ بالقلعة، ليلته العاشرة بالكامل للراحل محمد عفيفي مطر تحت عنوان "من الطمي إلي الدهشة"، وهي الندوة التي شهدت حضورا من جانب عدد كبير من محبيه وأصدقائه، بدأت الليلة بقراءات من شعره، بمشاركة خمسة شعراء، تلتها ندوة نقدية شارك بها كل من الناقدين الدكتور شاكر عبد الحميد والدكتور محمود الضبع، إلي جانب شهادات لكل من الشعراء جمال القصاص، وحلمي سالم، ومحمد محمد الشهاوي، والقاص سعيد الكفراوي. الدكتور شاكر عبد الحميد، قدم دراسته بعنوان "سبع وردات إلي روح عفيفي مطر" قال فيها: اخترت رقم سبعة لأنه أحد مفاتيح عالم محمد عفيفي مطر، تكرر كثيرا في شعره، الذي ظهر به ولعه بالتراث الفرعوني، والإغريقي، وتأثره بفكرة عناصر الميثولوجيا القديمة الأربعة الماء والتراث والهواء والنار. وأكمل: أكثر ما يميز شعر عفيفي هو الصمت، والصمت عنده بداية كلام، ويرتبط الصمت بالصوت في شعره، فالصمت لم يكن إلا مقدمة لانطلاق الصوت، ثم بدأت مفردات الصمت وصوره تتناقص مع تقدم تجربته الشعرية لصالح مفردات الصوت. أما الناقد الدكتور مصطفي الضبع فقال: مطر يتعامل مع ديوانه كقضية شعرية يستخدمها لإحداث تغيير في الوعي، قدم العديد من القضايا، وأحدث تصالحا مع اللغة الجسدية المرفوضة دوما. بينما أزمة الجسد هي أكثر الأشياء ملاحقة للإنسان في حياته. وأكمل: في ديوانه "أنت واحدها وهي أعضائك انتثرت" يمكن القول أننا نؤرخ لعفيفي بما قبل وما بعد هذا الديوان، كان فتحا له، رغم أنه السابع بين دواوينه، التي لم يكن يعبر فيها عن همه الفردي بل هم الأمة. وفي إطار شهادته قال القاص سعيد الكفراوي: مطر رجل منح نفسه للشعر، أنجبته أمه علي الطين، وهي تملئ الجرة من النهر، ومن يومها إلي أن غادر الدنيا وهو يفيض مشاعره علي الأرض والطين والشوارع والحيوان، أذكر حين تم اعتقاله وذهبت لزيارته وجاءني، و في جبهته جرح غائر، أحسست يومها بمدي مرارته وقسوة ما جري له، ولكنه مات وقد تخلص من المرارة، وأحب الدنيا وكتب للأطفال، مودعا دنياه، وقد قال لي قبيل وفاته بثلاثة أيام: يا سعيد يا كفراوي أنا هاروًح. حلمي سالم اكتفي بذكر "درس" من دروس مطر، قائلا: مطر أعطي دروسا لجيله وللأجيال التالية، ذات مرة في أواخر الستينيات، كان النقاش محتدما حول الشعر والقضايا الاجتماعية، فإذا به يقول: "الشعر ملزم لا ملتزم" تلك الجملة استوقفتني، فالشعر يلزم القضايا السياسية والاجتماعية أن توجد فيه علي نحو شعري، هو ملزم للواقع، وليس رد فعل. أما محمد محمد الشهاوي فقال: بيننا ذكريات أتمني من الله أن يعطيني العمر والصحة كي أسجلها، كان يقول: ليست المسألة أن نرقع الثوب، ولكن المسألة أن نستبدل الجسد.