استعرض الشاعر شعبان يوسف حياة الأديب الجزائري الراحل الطاهر وطار الإبداعية، وأهم كتاباته، في حفل التأبين الذي أقامته "ورشة الزيتون" الإثنين الماضي، وحضرها عدد كبير من الأدباء والمثقفين. تحدث الروائي يوسف القعيد عن علاقته الإنسانية بالطاهر وطار، ووصفها بأنها مرت بمرحلتين، كانت الأولي في عام 1974، حين كان مدعوا بالعراق من قبل وزارة الإعلام، وهناك تعرف عليه ككاتب من خلال روايته "الشهداء يعودون"، ووجد فيها أسلوبا جديدا من الكتابة العربية، واندهش أنه ليس مصريا لما يتسم به من أسلوب ساخر ولاذع، لا يخلو من فانتازيا، وتناول جرئ جدا لحرب التحرير الجزائرية ونتائجها علي الواقع الجزائري. أما المرحلة الثانية فأوضح القعيد أنها كانت أثناء زيارته للجزائر، بدعوة من منظمة التحرير الفلسطينية لحضور أحد مؤتمرات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهناك اقترب أكثر من الطاهر وطار، الذي كان قد تم فصله من عمله كمدير للإذاعة العربية بالجزائر، لاكتشاف الحكومة الجزائرية وقتها أنه شيوعي. وعن كتابات الطاهر وطار قال القعيد: تأثرت كتابات وطار باتجاهين هما: انتماءه للشيوعية، ثم انضمامه لجبهة التحرير الجزائرية، حيث هيمنت علي كتاباته في الفترة الأخيرة صراع المناضل الجزائري، ما بين إحساسه الأممي تجاه الحزب الشيوعي الفرنسي، وإحساسه الوطني تجاه الحزب الشيوعي لبلده الجزائر. كلنا يعلم أن الطاهر وطار هو أول من كتب الرواية الجزائرية باللغة العربية، فلقد كان جزائريا بربريا مؤمنا بعروبته، ومن يقرأ الطاهر وطار جيدا، يدرك أنه وصل للكتابة الروائية عبر قراءة حقيقة للتراث العربي، وجاء تأسيسه لجماعة "الجاحظية" من واقع حفاظه علي الروح العربية والعروبة، ولم يقبل مطلقا أي نوع من أنواع التمويل لها، سواء أكان عربيا أو أوروبيا. أما القاصة سلوي بكر فتري أن وفاة الطاهر وطار تفتح عدة ملفات، مثل ملف دور الثقافة والنقد في العالم العربي، أيضا ملف الأفكار القومية ووجودها في اللحظة الراهنة، وهل يمكن أن تكون أفكارا معينة ومساعدة علي مشروع نهضوي حقيقي، كذلك الوجوه الجديدة للاستعمار وتجلياته فيما هو ثقافي، فالمسألة ليست أنه أول من كتب بالعربية بقدر أنه من أبرز كتاب التيار العروبي بالمغرب العربي، وهي الدول التي عانت من الاستعمار الفرنسي ذي الهيمنة الثقافية، وهي الأقوي والأبقي. هذا واستغلت الباحثة هويدا صالح تأبين رمز من رموز الأدب العربي الجزائري، في الدعوة إلي إصدار بيان يدعو إلي ضرورة تهدئة الوضع بين مصر والجزائر، بسبب الأزمة الكروية، التي نتجت عنها مقاطعة ثقافية كاملة، ووقع علي هذا البيان كل من: يوسف القعيد وشعبان يوسف وسلوي بكر وسامية أبو زيد وجمال زكي مقار وهشام العربي وأسامة ريان وهويدا صالح وهدي توفيق وعمر خطاب وناصر علي. وجاء في البيان: "باسم ورشة الزيتون وأعضائها من المثقفين والأدباء المصريين، ننعي الأديب الجزائري الطاهر وطار، والذي جاء رحيله ليكون بمثابة فقدان لأحد أعمدة الثقافة العربية في المغرب العربي، وورشة الزيتون وأعضاؤها من الأدباء والمثقفين، يرون جميعا أن الطاهر وطار كان مكوناً من مكونات العقل الثقافي العربي عبر طرحه العديد من الأسئلة والهموم القومية، ونحن نناشد من خلال هذا البيان كافة المثقفين العرب والمصريين أن يسترجعوا مرة أخري دورهم الطليعي في الحياة العربية من خلال إعلاء وتدعيم جدار الثقافة، والذي يمثل حائط صد منيعا خاصة خلال هذه الأوقات الصعبة المتردية من تاريخ العرب.