تحولت الجريمة الدولية إلي ظاهرة في مصر خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، ومنها محاولات سرقة وسطو علي بنوك وشقق ومكاتب صرافة بالمناطق الراقية صنفت من الوزن الثقيل وقد قاربت متحصلات مسروقاتهم الخمسة ملايين من الجنيهات وكان الجناة من الأجانب كونوا فيما بينهم تشكيلات عصابية منظمة من العناصر الاجرامية من الجنسين دخلوا مصر تحت ستار السياحة وقد أمكنهم استخدام خطط محكمة وغير معهودة في الدخول والخروج من مصر والأساليب والأدوات المستخدمة في ارتكاب جرائمهم شكلت الخيوط التي قادت أجهزة الأمن للوصول اليهم بسرعة وتصويب خطط البحث لايقاعهم في قبضة الأمن ونحن نكشف أساليبهم وكيفية إيقاع أجهزة البحث الجنائي بهم. البداية وكانت أولي تلك الجرائم عملية السطو علي البنك المركزي بتاريخ 2 ديسمبر 2007 عندماورد بلاغ لقسم شرطة عابدين من فتحي أحمد تهامي مشرف بشركة أمانكو للأمن والحراسة وفايز مصطفي موظف بالبنك الأهلي الفرع الرئيسي من أنهم وأثناء قيامهم وبعض أفراد شركة أمانكو بصرف مبلغ 130 مليون جنيه من البنك المركزي بتقاطع شارع شريف مع قصر النيل إلي البنك المركزي في 104 حقائب قاموا بنقل مبلغ 80 مليونًا من اجمالي المبلغ بمأمورية أولي للبنك الأهلي ثم عادوا لاستكمال نقل باقي المبلغ 50 مليونًا والمعدة داخل 54 حقيبة وعقب قيام موظفي البنك الأهلي باستلام الحقائب قاموا بتسليمها لموظفي شركة أمانكو الذين تولوا نقلها إلي الباب الداخلي المؤدي لسلم البنك والمشمولة بالحراسة ب 3 أفراد أمن داخلي خاص بالبنك المركزي حيث تولي أحد أفراد شركة أمانكو حراسة المبالغ تمهيدًا لوضعها داخل سيارة الأمن والحراسة بينما قام موظفان تابعان لذات الشركة بنقل الحقائب للسيارة، وأثناء ذلك شاهد أحدهما شخصًا (أدلي بأوصافه التقريبية) حاملاً لإحدي الحقائب المشابهة للحقائب الخاصة بنقل المبالغ وخروجه من داخل البنك إلي الشارع مترجلا وبحصرهم للحقائب المتواجدة داخل البنك تبين عدم وجود حقيبة منهما بداخلها مبلغ مليون جنيه وتحرر المحضر 13156 جنح عابدين. اشتباه وفي 20 أبريل 2008 وأثناء مرور النقيب محمد البكري ضابط وحدة مباحث عابدين والقوة المرافقة بشارع عدلي بالقرب من بنك القاهرة فرع عدلي شاهد شخصين تتقارب أوصافهما وأوصاف الجناة مرتكبي الحادث يقومان بالاتيان بإشارات لبعضهما مماثلة للحركات المتبادلة بين المتهمين بارتكاب ذات الحادث «حسبما أسفر عنه مراجعة اللقطات المصورة لكاميرات المراقبة بمقر البنك المركزي» وحال توجه الضابط لفحصهما فرا هاربين وقد تمكن من ضبط أحدهما وتبين أنه يدعي «البرتو منيول كستروا فالدراما» بيرو في الجنسية.. كشفت تحقيقات المباحث الجنائية بمناقشة الموقوف أنه ضمن المتورطين في سرقة البنك المركزي وأنه حضر لمصر لتنفيذ عملية سطو أخري علي أحد البنوك بعد نجاح العمليةالأولي وعن كيفية إعدادهم للجريمة قال.. إنه التقي المتهم الثاني كارلوس جارسيا «بيروفي الجنسية» بالبرازيل واتفقا علي تنفيذ عدة عمليات سرقة من داخل البنوك المصرية علي مراحل لاعتقادهم في ضعف الإجراءات الأمنية المعمول بها إضافة لضلوعهم وخبرتهم في عالم السطو وقدرتهم علي وضع الخطط وتوزيع الأدوار علي أعضاء التشكيل وضمانة التنفيذ بالدقة والسرعة المطلوبة أيضا وضع خطة الانسحاب والتخلص من آثار الجريمة المادية والهروب خارج البلاد وعلي أثر ذلك استعان بكل من المتهم الثالث خيسوس مورا والمتهم الرابع خورخي مدينا وتحدد وصولهما للبلاد تباعاً عبر مطار القاهرة الجوي في أوائل شهر نوفمبر 2007 وأقاما بفندق روز أوتيل بالدقي وقررا التوجه بصحبة باقي المتهمين إلي مقر البنك المركزي عدة مرات لرفع المكان وإعداد خطة لتنفيذ مخططهم الإجرامي حيث تبين لهم أن يوم الأحد من كل أسبوع يوجد تكدس كبير بالبنك من المترددين لوجود يومين عطلة أسبوعية قبله وهو الموعد المناسب لتنفيذ مخططهم وبذات تاريخ اكتشاف الواقعة توجهوا في وقت سابق إلي مقر البنك حيث قام كل واحد منهم بأخذ موقعه بالخطة المعدة. التنفيذ اقتصر دوره «المتهم الأول» علي إلهاء فرد أمن شركة نقل الأموال من خلال سؤاله بالإسبانية عن مكان صرف الفيزا وتولي الثاني والثالث مراقبة حركة العاملين داخل البنك وإدارة المخطط وأثناء ذلك تمكن المتهم الرابع من الاستيلاء علي إحدي الحقائب المحملة علي عربة نقل الأموال من داخل البنك وبداخلها المليون جنيه وقام بوضعها بداخل حقيبة هاند باج كبيرة كانت بحوزته.. عقب ذلك خرجوا فرادي من داخل البنك وأستقل كل منهم سيارة أجرة وتقابلوا بالفندق محل إقامتهم حيث قاموا باقتسام المبلغ وتوجهوا للإسكندرية حيث تخلص الثالث والرابع من الحقيبة الخاصة بالبنك بالطريق العام واستقلوا إحدي الطائرات المتجهة إلي البرازيل من مطار برج العرب وذلك بعد قيامهم بإخفاء المبالغ المالية التي استبدلوها بعملات أجنبية من مكاتب الصرافة المختلفة. فشل المحاولة وأضاف البرتو منيول المتهم الأول أنه عقب وصوله البرازيل تقابل مع المتهمين الثاني والثالث واتفقوا علي تنفيذ عملية أخري لسرقة أحد البنوك أيضا بذات الأسلوب مع تغيير في أفراد التشكيل شخص يدعي أليكس روسيندو بيروفي الجنسية المتهم الخامس في القضية والبرازيلية رجينا سيليا جارسيا وفي سبيل ذلك حضر لمدينة القاهرة صحبة الخامسة والسادسة من دولة البرازيل بتاريخ 30-مارس-2008 عبر مطار القاهرة واقاموا بفندق نيو جاردن بالاس جاردين سيتي حيث تبعهما المتهم الثالث بالوصول بذات اليوم وأقام معهما وفي اليوم التالي حضر المتهم الثاني قادماً من لبنان وأضاف البرتو في أقواله حول تفصيل عملياته الإجرامية بأنه قام والثاني والثالث بمراقبة حركة التداول المصرفية داخل بنك القاهرة فرع عدلي المستهدف مرتين خلال فترة تواجدهم لاختيار التوقيت المناسب لتنفيذ الخطة وقرر أنه بتاريخ 20 إبريل توجه بصحبة باقي المتهمين إلي مقر البنك للتنفيذ علي أن يقتصر دوره علي إلهاء العاملين حتي يتمكن باقي المتهمين من الاستيلاء علي ما يستطيعون حمله من مبالغ مالية إلا أنه تم ضبطه وفرار باقي المتهمين وبتاريخ 25 إبريل تمكنت أجهزة الأمن من ضبط المتهمين الهاربين الخامس والسادس بميناء النزهة الدولي بالإسكندرية حال محاولتهما مغادرة البلاد للأردن. الخيط الرئيسي وقد شكلت تلك الجريمة سابقة فريدة من نوعها حيث أكد لنا خبراء البحث والأدلة الجنائية أن كاميرات المراقبة الخاصة بالبنك المركزي لعبت دور البطولة في تحديد الجناة وقد شكلت الخيط الرئيسي في تتبع الجناة والتي من خلال فحصها أمكن تحديد هوية الجناة وتصويب الإجراءات الأمنية والخطط الموضوعة والتي اعتمدت علي النفس الطويل وتلقين جميع عناصر البحث الجنائي بما خلصت إليه نتائج البحث والتحري والجريمة اعتمدت في نجاحها علي إحكام خطة المغافلة والسرعة والدقة في الأدء الإجرامي اضافة لكفاءة خطة الانسحاب وكان الاصرار والتوقع الجنائي من جانب أجهزة الأمن والتغطية علي مفاتيح الوصول للجناة علي الجانب الإعلامي دور كبير واعتقاد الجناة بأنهم أفلتوا مما دفعهم لمحاولة تنفيذ عملية ثانية مما أتاح الفرصة لمعاون البحث الجنائي وربط الأحداث وملاحقة المشتبه به وإصابة الهدف وسقوط التشكيل. وعن سبب اختيار الجناة لتنفيذ جرائمهم بالقاهرة فقال أنهم أعتقدوا أن الأمن المصري ضعيف، زحام القاهرة وسهولة الذوبان في الزحام، كونهم أجانب يعرقل عملية الوصول إليهم بسهولة أضف خطة الهروب خارج مصر السريع. عصابة تركيا تعددت بلاغات سرقة المساكن بأسلوب كسر الأبواب والاستيلاء علي ما بداخلها من مقتنيات ثمينة من النوع الثقيل بدوائر منطقة مصر الجديدة وكان من أهمها بلاغ مدير نيابة عين شمس حسين عادل بالمحضر 138 جنح مصر الجديدة 2009 باقتحام شقته وسرقة 150 ألف جنيه ومشغولات ذهب وألماظ ومبلغ نقدي 10 آلاف جنيه و600 دولار أمريكي والمحضر 183 جنح مدينة نصر أول 2009 باسم ماجد ساويرس صاحب شركة سياحة أكد فيه دخول شقته وسرقة مشغولات ذهبية تقدر ب150 ألف جنيه ومبلغ نقدي 25 ألف جنيه والمحضر 144 جنح النزهة 2009 باسم هشام زكريا وأبلغ عن سرقة مجوهرات قدرها ب300 ألف جنيه و12 ألف جنيه مصري و22 ألف دولار. مما شكل معه ظاهرة مزعجة لرجال الأمن ووضع تلك العمليات الإجرامية محل إعادة فحص وتحليل . السقوط وبتاريخ 6 يناير 2009 تمكنت الخدمات الأمنية المعينة بمنطقة النزهة الجديدة من رصد ثلاث سيدات قمن بدخول العقار رقم 2 شارع جمال من شارع أحمد مصطفي وحال شعورهن بتتبعهن قمن علي الفور بالخروج محاولات الفرار إلا أن العناصر الأمنية ألقت القبض عليهن ومن هنا تكشفت حقيقة التشكيل العصابي التركي تخصص سرقة مساكن المكون من سبع سيدات وزعيم التشكيل يمزيا اريكان، سكدم كلايار، أدبروا بكلاب، سنجل بال، جولار بال، سعدية جان، نفين داميار ومقيمات بأسطنبول ومن الرابعة وحتي السابعة سقطن في قبضة الأمن حال دخولهن العقار 28 شارع معز الدولة دائرة قسم مدينة نصر أول حال محاولتهن ارتكاب إحدي جرائم السرقة والتي تحرر عنها المحضر 649 جنح القسم وبالتحقيق معهن تبين أنهن ضمن تشكيل عصابي واحد دخلوا مصر تحت غطاء السياحة وبزعامة رئيس التشكيل العصابي المدعو أريكان مغسوني تركي الجنسية أيضاً وأنهن يقمن بصحبته بشقة مفروشة مستأجرة بمعرفته بشارع أحمد عرابي المهندسين الجيزة وأنهم وراء ارتكاب العديد من حوادث سرقة المساكن بأحياء وضواحي القاهرة الراقية والبعيدة عن محل إقامتهم بالجيزة مدينة نصر أول، النزهة، مصر الجديدة، وبمناقشتهم حول أسباب اختيار مصر مسرحاً لجرائمهم، أكدوا في حينه أنهم يمارسن البغاء والسرقة في تركيا وأنهم مسجلون ومحل اشتباه دائم مما دفع زعيم التشكيل لنقل النشاط إلي مصر لما يشتهر عنها من الرواج الاقتصادي والسياحي مما ييسر عليهم ممارسة أنشطتهم الإجرامية في ممارسة البغاء والسرقة وأكدن أنه كان يخطط لهم جرائمهم حسب رؤيته وعادة ما كان يستطلع الشقق الهدف وخاصة الكائنة في عقارات إدارية مما يصعب معه تحديد المترددين عليها وخاصة أن وجوهنا غير مألوفة. أساليب جديدة إضافة إلي أسلوب اقتحامنا الشقق بطريقة احترافية يصعب معها إحداث ضوضاء وكانت المسروقات الثمينة والتحف يتم نقلها إلي تركيا أما المبالغ النقدية فيتم تحويلها إلي عملات أجنبية ويؤكد مصدرنا الأمني أن هذا التشكيل العصابي اعتمد علي العنصر الإجرامي في ارتكاب جرائمه معتمدين علي ممارسة الدعارة وترددهم علي المناطق الراقية وعمل استطلاع للشقق الهدف وجمع معلومات دقيقة عن قاطنيها والعقار الكائن به الوحدة وعدد الشقق بالطابق إضافة لاستخدامهن أساليب المراقبة أثناء السرقة حتي لا يفتضح أمرهن وكان من اللافت للانتباه أجهزة البحث أسلوب فسخ الأبواب وكان جديدًا فالمتعارف عليه استخدام أجنة أو غيره إلا أن أسلوبهم كان احترافياً تلك القضيتان أعطتا رجل البحث انطباعات جديدة ودروسًا مستفادة أسهمت في تجاوز بعض السلبيات في التعامل مع القضية الأخيرة بحيث سرعة سرعة تصويب الهدف وتطويق الجناة وهم أيضاً حاولوا الهروب هذه المرة عبر الحدود البرية وكانت الشرطة بانتظارهم. التشكيل الدولي ودائماً ما يضع رجال الأمن جميع الخيوط أمام أعينهم للكشف عن تلك البؤر الإجرامية التي تستهدف أمن المواطنين ومقدراتهم وهذا ما وضح بصورة كبيرة في آخر تلك القضايا عندما قام رجال المباحث بمديرية أمن القاهرة بالتوقف أمام عدة بلاغات لحوادث سرقات المساكن بأسلوب كسر الباب محلاً للدراسة التحليلية للربط فيما بينها واستخدامه المعلومات التي ساهمت في كشف تشكيل عصابي دولي مكون من 13 متهماً من دول كولومبيا وفنزويلا والمكسيك وذلك عقب إجراء معاينات مسارح الجرائم ورفع ما تخلف من آثار للجناة للمساهمين في إجراءات البحث وتحديد أماكن وأوقات ارتكاب تلك الحوادث للاستفادة بها في إعداد أكمنة فضلاً عن حصر وفحص قاطني الشقق المفروشة والإيجار الجديد علي مستوي المدينة التي يرتكب فيها تلك الحوادث وأخيراً النشر عن المسروقات ويأتي عقب ذلك تقنين الإجراءات وإعداد الأكمنة. وهذا ما تم لضبط شبكة دولية تدربت علي سرقة الشقق في القاهرة واعترف المتهمون وهم من جنسيات مختلفة بالاستيلاء علي خزينة حديدية بالكامل بداخلها مصوغات ومجوهرات والاستيلاء علي مصوغات ذهبية تقدر بمليون جنيه والعديد من وقائع السرقة الأخري وهنا يمكننا القول بإن مصر ضمن أهداف العصابات الدولية والجريمة المنظمة.