حالة من القلق يعيش فيها المواطن المصري خوفاً من إلغاء الدعم عن مياه الشرب، خاصة مع شعور الكثيرين بأن هناك خطوات «خفية» بدأت بالفعل، واستندوا إلي الارتفاع الملحوظ في فواتير المياه، ويتزامن ذلك مع الانقطاع شبه الدائم، تماماً مثلما يحدث مع الكهرباء، حقيقة ما يجري في مياه الشرب والمخططات المستقبلية في حوارين مع رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، ورئيس جهاز تنظيم المياه. لم يستبعد المهندس حسن خالد - رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي ورئيس الجهاز التنظيمي لمشروعات المياه والصرف الصحي- احتمالية رفع الدعم عن المياه مع دخول الشركات الخاصة مجال مشروعات المياه والصرف الصحي. وقال في حواره ل«روزاليوسف»: نحتاج إلي أكثر من 70 مليار جنيه لاستكمال مشروعات الصرف الصحي بالقري، فالعجز في محطات معالجة المياه وصل إلي 250 محطة رغم وجود 2 مليار جنيه سنويا معونات خارجية لهذه المشروعات وأشار إلي وجود 1500 قرية مازالت تلقي بالصرف الصحي في مياه النيل.. إلي تفاصيل الحوار: رغم التصريحات المتتالية بإعادة هيكلة قطاع المياه والصرف الصحي.. إلا أنك تجمع بين مهام منصبين؟ - بالفعل أجمع بين مهام منصبين رئاسة الهيئة القومية لمشروعات المياه والصرف الصحي والجهاز التنفيذي لمشروعات المياه والصرف الصحي، وقد كان الوضع قبل تولي مهام المنصبين، أن الجهاز مسئول عن تنفيذ مشروعات إقليمالقاهرة الكبري وضم إليه محافظة الإسكندرية والمحافظات الحدودية والهيئة تتولي بقية المحافظات، ثم حدث إعادة الهيكلة بحيث تتولي الهيئة جميع المشروعات وتتيح دمج الجهاز والهيئة معا، وقد أصدر الوزير قراراً بأن الجهاز سيتم إلغاؤه بعد صدور قانون المياه. كيف تمت إعادة الهيكلة؟ - تتولي الهيئة القومية التنفيذ والإشراف علي مشروعات محطات المياه والصرف الصحي والمعالجة ثم تتولي الشركة القابضة الإدارة والصيانة والتجديد علي أن يقوم الجهاز التنظيمي علي لمياه الشرب والصرف الصحي بمراقبة أداء الشركة القابضة وتنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمة والمستهلك. كيف تري أوضاع شبكات المياه حاليا؟ - لقد وصلت طاقتنا الإنتاجية إلي 29.4 مليون م3 يوميا بإجمالي استثمارات 46.7 مليار جنيه، ولدينا 176 محطة مياه كبيرة و822 محطة مياه صغيرة و1742 بئراً ارتوازياً و24 محطة تحلية وبالتالي وصل طول الشبكة إلي 1100كم وهذا يعني أننا نغطي 222 مدينة و4617 قرية أي الجمهورية بأكملها، وحاليا نعمل علي تحسين جودة المياه وتدعيم الخدمة بالمناطق المستجدة مثل امتداد المدن والقري وغيرها. رغم تصريحك بأن خدمة المياه وصل معدلها 100%، فلماذا تتكرر شكاوي المواطن من أعطال الشبكات؟ - الشكاوي تأتي إلينا أو للشركة القابضة والفروع التابعة لها وأغلبها ناتجة عن انقطاع المياه لحدوث كسر فهذا غالبا ما يحدث بإقليمالقاهرة الكبري فشبكة المياه به قديمة ومتهالكة وبحاجة دائمة للإصلاح والتجديد، أما شبكات الأقاليم فحديثة، وهناك خط ساخن للشكوي علي رقمين (125،175) ولكن المحافظة الوحيدة التي ليس بها شركة مياه هي «القليوبية» لأن محافظها يصر علي أن تتولي الإدارة المحلية مسئولية المياه. ألم تقل إن الشكاوي وحماية المستهلك هي مسئولية الجهاز التنظيمي، فلماذا تذهب الشكوي للشركة القابضة أو الهيئة؟ - بالفعل الجهاز التنظيمي هو الجهاز المسئول عن تلقي الشكاوي ومخاطبة الجهاز (الشركة القابضة)، ولكن الجهاز مستحدث وغير معلوم لدي المواطنين وليس لديه فروع بالمحافظات فرغم أنه يقوم بدوره حاليا في الرقابة علي أداء الشركات وإصدار التقارير، فإنه مازال مجهولا لدي المواطن. ألا يعني هذا غياب دوره؟ - لا، ولكن علينا إيضاح أن كل شركة لديها رئيسها وطاقم للمتابعة وجهاز للتفتيش، هذا بالإضافة لمراقبي وزارة الصحة ومفتشيها، ومن ثم فهناك جهات أخري تنظر في شكاوي المياه. ألا يتعارض تعدد الجهات المسئولة عن تلقي الشكاوي مع فكر «إعادة الهيكلة» خاصة أنه من المفترض أن تكون الجهة المحقق في الشكوي «حيادية»؟ - لا أري هذا، فمن وجهة نظري أفضل أن تصل الشكوي مباشرة للشركة القابضة أو الشركات التابعة لها، ليتم حلها بسرعة، وهذا لا يعني التعارض مع فكرة إعادة الهيكلة أو إنقاص من دور الجهاز التنظيمي، فهو أيضا ينظر في الشكاوي وقد يرسلها للشركة القابضة أو الوزير المختص. هل سيتغير وضع منظومة المياه والصرف الصحي بعد صدور قانون المياه؟ - قانون المياه حاليا بمجلس الوزراء، ومقرر مناقشته خلال الدورة البرلمانية الحالية. وبالنسبة لتأثيره فقد يكون مفيداً فيما يتعلق بوجود عقوبات رادعة لسرقة المياه وتحديث بعض البنود واضافة أخري متعلقة بوجود الجهاز التنظيمي وقانون الشراكة مع القطاع الخاص، ولكن علي المستوي الإداري والتنظيمي، فقد قامت إعادة الهيكلة بما يحتاجه القطاع. وماذا عن وضع منظومة شبكات الصرف الصحي؟ - بالنسبة للموقف الحالي طاقتنا الاستيعابية 14.9 مليون م3/ يوم بإجمالي استثمارات 62.2 مليار جنيه ولدينا 279 محطة صرف صحي بطول 35 ألف كم، وهذا يعني أننا تخطينا 90% من إجمالي المدن و12% فقط من القري «800 قرية» من إجمالي 4617 قرية. وماذا عن مشروعات الشراكة في القطاع الخاص بمشروعات الصرف الصحي؟ - لقد صرحت الهيئة بالفعل ب3 مشروعات للقطاع الخاص، وهي بالقاهرةالجديدة باجمالي استثمارات 2.2 مليار جنيه، ومحطة معالجة أبورواش ومشروع 6 أكتوبر، فهناك تهافت علي استثمارات قطاع الصرف الصحي. وهو ما يعني أننا إذا اتبعنا هذا الأسلوب، فلن يمضي سوي 5 أعوام حتي تستكمل جميع شبكات الصرف الصحي بالقري وأننا نحتاج 70 مليار جنيه لاستكمال مشروعات الصرف علي مستوي الجمهورية. هل يعني سماح الدولة بدخول القطاع الخاص احتمالية أن تنخفض الميزانية المخصصة للقطاع أو أن تتجه الدولة لإلغاء الدعم؟ - بالفعل الميزانية سابقًا كانت لا تتجاوز 4 مليارات جنيه، ودفعت الدولة بميزانية ضخمة لاستكمال قطاع المياه، ولكن الآن دخول القطاع الخاص سيمكن الدولة من إنهاء المنظومة. وجميع دول العالم لا تدعم المياه ولهذا من الأفضل إلغاء الدعم حتي نتمكن من تحسين أوضاع الشركات ولكن بعدما نتأكد من أي المواطن سيتمكن من تحمل قيمة فاتورة المياه. وماذا عن أوضاع محطات معالجة المياه؟ - لدينا قرابة 279 محطة معالجة ونسبة العجز 250 محطة وبالنسبة لمياه المعالجة فقد قمنا بالتعاون مع وزارة الزراعة والبيئة للتخطيط في ري غابات شجرية «10 آلاف فدان» وجار تنفيذ 17 ألف فدان حاليا بمعدل 20 مليون متر مكعب يومياً أي حوالي 7.5 مليار متر مكعب سنوياً وهذا يعني قدرتنا علي زراعة أكثر من مليون فدان من الأراضي ولكن المشكلة التي تواجهنا هي عدم وجود ظهير صحراوي لعدد من القري ونضطر لإلقاء المياه المعالجة في المصارف. ذكرت أن هناك مشكلة في شبكات إقليمالقاهرة الكبري فماذا عن إحلالها وتجديدها؟ - لأول مرة رصدت الدولة مليار جنيه سنويا للإحلال والتجديد. هل هناك معونات من الخارج تقدم للقطاع؟ - بالفعل فهناك حوالي 2 مليار جنيه سنوياً هي قيمة إجمالي المعونات سواء من البنك الدولي أو بنك الاتحاد الأوروبي أو بنك التعمير الألماني. لماذا لا نكثف حملات ترشيد استهلاك المياه؟ - ببساطة لأن الدولة مازالت تدعم المياه للمواطن هذا بالإضافة للسلوكيات السيئة كالوصلات المسروقة ورش الشوارع فالمواطن المصري يستهلك 300 لتر يومياً بينما المعدل الطبيعي 180 لتراً يومياً أي أننا نستهلك 81% من إجمالي ما ننتجه سنوياً. وماذا عن قضية تلوث المياه؟ - هي قضية متداخلة فمسئوليتنا تنحصر في 1500 قرية التي مازالت تلقي بمياه الصرف الصحي بالنيل وجاري توصيل شبكة الصرف الصحي لها، هذا بالإضافة لمسئولية وزارة الري عن الصرف الزراعي الذي يلقي بالنيل. أكد آخر تقارير الأممالمتحدة أن الشعب المصري يستهلك مياهاً ملوثة؟ ما مدي صحة تلك المقولة؟ - هذا كلام خاطئ فنحن من أفضل الدول إنتاجا للمياه النظيفة. وماذا عن تأكيد بعض الجهات أن أساليب المعالجة تقليدية؟ - لدينا محطات معالجة علي أعلي مستوي مع فتح الاستعانة بخبرات أجنبية ومصرية سواء في معالجة الصرف أو تحلية المياه وبالنسبة لاستخدام «الكلور» حتي الآن في تحلية مياه الشرب فجميع الدول تستخدمه وبكميات متعارف عليها دولياً. واقعة عمال الصرف الصحي الخمسة الذين لقوا مصرعهم مؤخراً تؤكد استمرارية مسلسل الإهمال فما قولك؟ - بالفعل حدثت وهي واقعة بعزبة «خير الله» حيث كانت تتولي مهام الإنشاء إحدي شركات المقاولات التي تعمل تحت إشرافنا ولكن من الباطن وللأسف هؤلاء ليسوا عمالاً للصرف الصحي ولكن مجرد عمالة «عادية».