من بين فئات أصحاب المعاشات المؤمن عليهم، أثار قرار وزير المالية والتأمينات د. يوسف بطرس غالي بقبول عودة أصحاب المعاش المبكر للعمل بعقود مؤقتة جدلاً بين سائقي النقل العام، فالبعض شبه القرار بوضع السم في العسل. موقف السائقين من هذا القرار الغامض متفاوت، يقول: عيسي عبدالمولي سائق بالمعاش: حصلت علي المعاش المبكر منذ قرابة 5 أعوام، وكان عمري وقتها 58 عامًا وسعيت للعمل بإحدي شركات النقل الجماعي الخاصة والمعروفة بأجورها المرتفعة، وقمت بتجديد رخصتي للعمل الخاص وهو الأمر الذي أدي لزيادة دخلي، ولكن بمرور الوقت ساءت أوضاع عملي بالشركة واضطررت لتركها وعملت كسائق تاكسي لكن عندما علمت بقرار وزير المالية فكرت في العودة وتساءل: هل هناك سن معينة لإمكانية الرجوع؟ فالقرار بحاجة لمزيد من التفسير. رخصة مهنية ويوضح عيد عبدالملك سائق بالمعاش، لقد حصلت علي معاش مبكر منذ 3 سنوات، ومنذ ذلك الحين أحصل علي معاش، وأجدد رخصتي المهنية من إدارة المرور بعد حصولي علي جواب من إدارة التأمينات والمعاشات ولم تكن هناك مشكلة في ذلك، رغم أن هذا يعد مخالفة للقانون، فمن يعمل سائقا بالهيئة ويحصل علي معاش مبكر يقوم بتسليم رخصته عند انتهاء الخدمة وعليه ألا يجددها ولكننا كنا نسعي لتجديدها حتي نتمكن من العمل في أي مكان آخر. وينتقد «عيد» القرار قائلا: إن المسئولين يحاولون سد أبواب الرزق أمامنا فهذا القرار، يعني التفاف الوزير علي تجديد الرخصة المهنية لمن حصلوا علي المعاش المبكر وأنه يسد تلك الثغرات، ولم يكن أمامنا سوي الرجوع للعمل بالهيئة أو الجلوس بالمنزل. العودة للعمل ويكمل: لا أعترض علي الرجوع للعمل كسائق بالهيئة، خاصة بعدما تحسنت أوضاع السائقين بها ولكن لا يمكن أن أعود لمزاولة عملي ويتم معاملته كعمالة «مؤقتة» أو «بأجر» وكأنني لم أعمل للهيئة قرابة ربع قرن من الزمن، وهو الأمر الذي يعني أن تأميناتي الاجتماعية ستكون علي هذا الأساس أي 13% علي صاحب العمل وليس 22%، وبالتالي لماذا لا يتم اعتبار تلك المدة التي ابتعدت فيها عن العمل كأنها إجازة بدون أجر للحصول علي التأمينات بشكل كامل: ويعترض محمد عبدالتواب بقوله: لقد حصلت علي معاش مبكر، ومعاشي الشهري 800 جنيه وتتيح لي الرخصة المهنية العمل كسائق تاكسي وهو ما يزيد دخلي الشهري، أما هذا القرار الذي سيمنع تجديد الرخصة المهنية، فهذا يعني أنه ليس أمامي سوي العودة للهيئة والحصول علي أجر «العمالة المؤقتة» ثم الوصول لسن المعاش مرة أخري، دون إمكانية مزاولة العمل الخاص لعدم تجديد الرخصة المهنية. أحمد الوكيل يوضح أن الرخصة المهنية التي لدي سائق هيئة النقل العام، تتيح له إمكانية الحصول علي رخصة خاصة دون رسوم إدارية أو إجراءات أو دفع نفقات تتعدي 500 جنيه، لهذا فإن السائق يفضل الحصول علي معاش مبكر والعمل بالقطاع الخاص. نقابيون لكن السيد محمود الرئيس السابق لنقابة العاملين بهيئة النقل العام له رأي آخر فيقول: لقد اضطر السائقون الحاصلون علي معاش مبكر للتحايل علي إدارات المرور لتجديد رخصهم المهنية، ليتمكنوا من العمل بالشركات الخاصة التي تعطيهم رواتب مجزية، رغم تركهم للعمل، وهو الأمر الذي يعد مخالفة صريحة للقانون، حيث لا يسمع لهم باستخدام الرخصة والعمل بها بعد حصولهم علي المعاش. ويري أن قرار وزير المالية تدارك هذا الأمر بتوفير فرصة العودة للعمل بالهيئة مرة أخري، حتي لا يصبح هؤلاء السائقون عاطلين، خاصة أن الرخصة المهنية لن تجدد لهم بعد الآن. رئيس النقابة السابق يتوقع أن يؤدي قرار الوزير لسد العجز بسائقي هيئة النقل العام، كما أن الوضع الحالي «الجيد» لأجور السائقين بالهيئة سيمثل حافزًا لرجوع العديد منهم. ويطالب بالمزيد من الضوابط منها التأكد من أن العائدين ليسوا ممن حصلوا علي معاش مبكر لسبب «مرضي» كذلك لابد من إجراء اختبارات للتأكد من صلاحيتهم لمزاولة العمل مرة أخري، هذا بالاضافة لوضع مزيد من الضوابط والتنسيق ما بين إدارات المرور والتأمينات والمعاشات لمنع التحايل علي القانون مرة أخري. فترة تأمين أما صبري عبد العظيم الرئيس الحالي لنقابة العاملين بهيئة النقل العام فيؤكد، أن المشكلة الرئيسية التي ستمنع السائقين من العودة للعمل، هي احتساب مدة العمل الجديدة كفترة تأمينية مستقلة بذاتها وهو الأمر الذي يعني أن السائق سيعامل «كعمالة مؤقتة» أي «عامل بأجر»، في حين سيتخلي عن مهنته الأخري بالقطاع الخاص وسيتوقف عن صرف معاشه، ويحصل علي أجر ربما يكون أقل من المعاش الشهري، ولهذا علي وزير المالية تسوية الأوضاع التأمينية للعائدين للعمل واحتساب الفترة من خروجهم من العمل والعودة إليه كإجازة بدون أجر، خاصة أن تأمينات العامل المؤقت 13% للعمل، أما العمالة الثانية نحو 22%، وبالتالي فإن هذا القرار إهدار لحق السائقين. 30% عجزاً وفي هذا الإطار يقول صلاح فرج رئيس هيئة النقل العام: لدينا نحو 7 آلاف سائق بالهيئة ونسبة العجز تتعدي 30%، كما أن هناك احتياجًا لخبرات السائقين الذين خرجوا علي المعاش، خاصة أن لدينا 200 سيارة تم نزولها للخدمة في شهر مايو الماضي وسيتم نزول 380 سيارة بنهاية العام الحالي بالإضافة إلي أن إجمالي عربات أسطول هيئة النقل العام يصل إلي 3 آلاف «أوتوبيس» 55% منها انتهي عمره الافتراضي لعملها لما يزيد علي 20 عاما، ولن يسمح بنزولها الخدمة من تاريخ 6 / 8 / 2011. ويكمل: لقد انخفضت نسبة من يحصلون علي المعاش المبكر حاليا إلي 1% لتحسن أوضاع السائقين وحصولهم علي حوافز شهرية ما بين 6 و 8%، بالاضافة لبدل الوجبة 12 جنيها شهريا وحافز انضباط 5 جنيهات يوميا ليصبح متوسط أجر السائق 1500 جنيه شهريا وهو الأمر الذي أدي لتحسين الصورة السلبية عن أوضاع سائقي الهيئة.