الأستاذ (قليط جدًا) لسانه التوي حتي بات ناسيا للعربية لغة أمه وراح يرطن -وتتقطع كلماته وفقا للنسق الفرنسي للجملة وقلنا هذا شيء جديد في النطق والأداء، لعل هذا من فضائل المدرسة الباريسية في الكلام، وبدأ بعضنا يقلد الأستاذ في ملابسه والآخرون يقلدونه في كلامه والأكثرية في مشيته وسرحانه، والكل يقلده في سخافته وقلة أدبه فهو لا يعرف كيف يبتسم ولا كيف يضحك ولا كيف يشكر ولا كيف يمدح، مجرد لوح مغترب ثقيل الظل، غليظ الحس، يقلد نماذج عاصرها في رحلته خارج البلاد وعاد لنا بهذه البدعة لعله يثير الاهتمام فهو قليل القيمة أصلا ولأن جماعة منا تعرف الأستاذ عندما كان (فرخا مسلوخ الجسد) لا يملك ريشا، عندما كان مجرد كائن داجن ابن عشة متواضعة من عشش الأحياء الشعبية وأن الأسلوب الذي يمارسه (لعبة) لا أكثر وقناع فقط يخفي سخام الأيام الماضية، فلقد تجنبوه تماما لإعلان رفضهم لأسلوبه الزائف والذي يحاول به إخفاء بساطة ما كان عليه قبل رحلته التعسة لأرض النور. وعندما أدرك الطاووس ابتعاد زملاء زمان عنه أعلن عليهم الحرب، يطردهم من محاضراته لأهون سبب ويمارس معهم قلة الأدب ويتشدد في التعامل معهم حتي يردعهم ناسيا أيام زمان الجميلة الحلوة في حواري مصر المحروسة وبات أصدقاء زمان جماعة من المضطهدين والمساكين، مكانهم آخر القائمة ودرجاتهم أقل الدرجات. ولأن البلهاء ينجذبون لكل غريب وعجيب، انجذب لهذا (المدعوق) عدد كبير من المفتونين بالغرابة والخيال من نسوة ورجال وبدا علي الأستاذ الداء البطال فهو مثل نجوم باريس فنان عظيم وعاشق فظيع، يصرع الحريم بمجرد نظرة من عينه أو لمسة من يديه وهو فارس مختال وسط أي احتفال، وحوله مجموعة من المنبهرات والمنبهرين العيال، فهو يتقدم الطابور دافسا أنفه في السماء، لابسا جاكت قطيفة بلون الباذنجان علي بنطلون بلون القوطة وقميصًا بلون الخس، يجمع كل ألوان (السلطة) وفوق الكتف (شال) من ساتان (موف) مخطط بالأزرق البحري وينتعل في قدميه حذاء من جلد الثعبان الأرقط علي شراب بلون الحمار المخطط، ويمسك في فمه وعلي جنب سيجارة ذات فلتر ذهبي، وكان يلبس ساعة ذات سوار ذهب وأربعة خواتم من الذهب وفي رباط العنق دبوس من الماس المحاط بالذهب (طبعا فالصو). وفي جيبه الأيمن سلسلة مفاتيح من الذهب وفي جيبه الأيسر علبة سجائر من الذهب ملحق بها ولاعة من الزمرد. وعندما يجلس، فلا يجلس مثل البشر، علي ما تيسر لهم من مقعده لكنه يجلس علي جنب ويضع ساقا فوق ساق حتي يبان الشراب والحذاء ويرص ذهبه علي المائدة فالمفاتيح بجوار علبة السجائر والولاعة وكذلك مجموعة أقلامه الذهبية. ونسي المحروس بعد عدة شهور كلامه عن الفن، وبدأ في كلامه عن فن مغازلة النسوان، فلقد أصبح فارسا ومحط أنظار المعجبات من النسوة والبنات.. وما حدث مع الآنسة (صوفي) الشضلية حكاية مسلية وقد قامت الآنسة المتربية باستخدام (مداسها) للذود عن حريتها وسمعنا ولأول مرة أجمل مساجلة بكلام الحواري (سننشر بعضًا منها فيما بعد). وللحديث بقية في الحلقات الجاية