يصر الناس كل عام ومع قدوم ليلة النصف من شعبان علي أن يتمسكوا بأدعية ومقولات يطلقون عليها أدعية النصف من شعبان، وذلك رغم عدم ثبوت أحاديث شريفة تدل علي تلك الأدعية، ولكن هناك أحاديث حسنة لم تصل لدرجة الثبوت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم". ومن أغرب الأدعية التي هي متناقضة يرددها كثير من الناس دعاء يتداول عبر الانترنت ويتناقله الناس فيما بينهم: "اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علي في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات كلها، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل وعلي لسان نبيك المرسل: (يمْحُو اللّهُ مَا يشَاءُ وَيثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [الرعد : 39» فالدعاء المذكور ينافي الإيمان بقدر الله، وفيه قال العلماء :"في هذا الكلام نري تناقضا واضحا، ففي أوله يقول: إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما، فامح هذا وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات؛ لأنك قلت (يمْحُو اللّهُ مَا يشَاءُ وَيثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فمعني الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات، فكيف يطالب بالمحو والإثبات في أم الكتاب"؟. إن معظم الأدعية التي يضعها البشر ويخترعونها كثيرا ما يلصقونها بليال محددة كليلة النصف من شعبان، وهي غالبا ما تؤدي إلي تهميش العقل في كيفية الدعاء لله، وتبتعد عن آداب هذا الدعاء ، بل قد تكون محرفة ومغلوطة ومتناقضة. إن علي الإنسان ألا يحفظ دعاء محددا ليدعو به بل ينبغي عليه فقط الإخلاص في الدعاء بما يريد فإن أراد ان يتبع دعاء بعينه فليس هناك أفضل مما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم من أدعية مأثورة؛ لأن ما ورد عنه صلي الله عليه وسلم يترتب عليه أجران: أجر الاتباع، وأجر الذكر". وينبغي علي المسلم أن يعرف ان من آداب الدعاء أن يتوجه الإنسان بدعاء جازم أي مطلب محدد لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا سألتم الله فاجزموا في المسألة، لا يقل أحدكم: يا رب اغفر لي إن شئت، أو ارحمني إن شئت، فإن الله لا مكره له، بل ينبغي أن يقول: اغفر لي، ارحمني، ارزقني.. بالجزم واليقين". إننا بحاجة لأن نكون علي وعي بأن ليالي المناسبات الدينية التي منحنا الله إياها هي لعبرة التذكر والتمسك بما انزله الله ، فالنصف من شعبان كان لتحويل القبلة وفي هذا تذكير وتأكيد لتمسك المسلم بصلاته، وإطاعة أوامر الله يقينا، والتمسك بعلاقتنا بالله، وليس لاختراع أدعية نلصقها ليلة النصف من شعبان.