«بلد بلا سينما كالمنزل الخالي من المرايا» هذه هي الكلمات التي وصف بها جلوبر روشا البرازيلي المؤسس لحركة السينما الجديدة في البرازيل في ستينيات القرن الماضي- صناعة السينما في العالم. السينما هي مرآة المجتمع فتستقي موضوعاتها من الواقع المحيط بنا لتعبر عنه وتشيد بنجاحاته وتنتقد إخفاقاته ..وفي الآونه الأخيرة صعد نجم تركيا في سماء السياسة الخارجية لتكون شريكا بارزا في الشرق الأوسط ومحرك للأحداث ولكن ما لا نعرفه هو أن تركيا هي أكثر الدول إنتاجا للأفلام في الشرق الأوسط وفي البلقان وهو ما يكشف سافاس أرسلان -أستاذ مساعد في جامعة بهجيشهر باسطنبول-عنه النقاب في كتابه الجديد «السينما في تركيا» وهو الكتاب الأول من نوعه الذي يتناول تاريخ السينما التركية باللغة الانجليزية. استطاع أرسلان النبش في تاريخ السينما التركية التي أصبحت قادرة علي المنافسة بين مثيلاتها من سينمات العالم وقدمت لعشاق الفن السابع الكثير من القامات السينمائية الرفيعة، فرصد الكتاب الرواد الأوائل من المخرجين والمنتجين والنجوم في عالم السينما التركية،أمثال محسن أرطرغول وعاطف يلماز والمخرج الراحل يلماز غوناي الحائز علي سعفة(كان) الذهبية عن فيلمه (الطريق) وزكي أوكتان وشريف غورين وصولا إلي الموجة الجديدة في السينما التركية التي يقودها اليوم ريها أدم وفاتح أكين.. والسينما التركية هي جزء هام من الثقافة التركية التي تطورت وازدهرت عبر السنين لتمتع عشاق السينما في تركيا وأوروبا حتي عرفت السينما التركية في الفترة مابين عام 1955إلي عام 1965بالعهد الذهبي ل(هوليوود) التركية .وكان أول الأفلام التركية «The Marriage of Himmet Aga» عام 1916 ثم تلتها عدة أفلام منها «الجاسوس» عام 1917 وفي عام 1922 برزت علي السطح الأفلام الوثائقية منها «الاستقلال والنصر لازمير».وخلال الفترة ما بين عام 1923 و1939 كان المخرج محسن ارطغرل هو المخرج الوحيد بالبلاد فقام بإخراج قرابة 29 فيلما في تلك الفترة وكان للمسرح تأثير كبير في أعماله.ومن أشهر الفنانين الأتراك في يلماز غوني والممثل التركي «طارق أكان» والممثلة فيليز اكين و الممثلة هوليا كوسيجيت. كانت صناعة السينما التركية شأنها شأن غيرها من الدول في القرن العشرين تعاني من تخبط حتي خمسينيات القرن الماضي، وبدأ الإنتاج السينمائي يشهد تطورا ملحوظا وبدأ عدد قليل من الشركات الأجنبية تصارع من أجل البقاء في مجال صناعة السينما في المدن ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل اسطنبول وأزمير وخلال الفترة ما بين عام 1896 و1945خلال ستينيات القرن الماضي،بلغت صناعة السينما في تركيا ذروتها وأصبحت تركيا خامس أكبر منتج للأفلام في العالم وبلغ عدد إنتاجها السنوي من الأفلام قرابة 300 فيلم فلا تزال إسهامات صناعة السينما التركية بعد الخمسينيات علامة فارقة في تاريخ صناعة السينما العالمية، ولكن تراجعت صناعة السينما التركية في الثمانينيات ومنتصف التسعينيات نظرا للازمة الاقتصادية التي ضربت البلاد حتي تقلص عدد الأفلام التي تنتجها تركيا إلي 15 فيلماً سنويا.وبعد عام 1995 بدأت السينما التركية تستعيد مجدها السالف واليوم نجد إقبال ملايين المشاهدين علي متابعة الأفلام والمسلسلات التركية في العالم . وباتت تركيا الآن واحدة من أشهر بلدان العالم اهتماما بالمهرجانات السينمائية ومن بين المهرجانات التركية مهرجان البرتقالة الذهبية بأنطاليا الذي يعد أكبر مهرجان وطني للأفلام في تركيا يقام في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر ومهرجان أنقرة السينمائي الدولي الذي أقيم للمرة الأولي عام 1988 وكذلك مهرجان اسطنبول السينمائي السنوي الدولي وهو من أهم المهرجانات التي تحرص السينما العالمية علي المشاركة به وفضلا عن مهرجان أضنة السينمائي. ويعد هذا الكتاب تأريخا لصناعة السينما التركية بكافة مراحله منذ بدايته الأولي وما لحق به من هبوط وصعود حتي باتت الأفلام والدراما التركية الآن تحتل مكانة بارزة لدي المشاهدين في الشرق الأوسط بل وفي العالم أجمع بعد أن كانت تعاني من التضاؤل والركود.