(الخلوة الشرعية والخلوة غير الشرعية)، هذه كذبة كبري من اختلاق رجال الدين وبعض التيارات الدينية المتشددة، فمصطلح الخلوة الشرعية وغير الشرعية ليس له أي سند في كتاب الله ولا حتي في أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فالخلوة بين الرجل والمرأة بهذه التقسيمات وهذا الفهم لم يرد في حرمتها ومنعها أي نص لا في الكتاب ولا في أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام، سوي حديثين وردا بعدة روايات وكلها تجمع علي التحذير والإنذار مما قد يحدث في الخلوة بين الرجل والمرأة لا التحريم أو المنع من الاختلاط كما يزعم القوم، ومن هذه الروايات ما يلي: الرواية الأولي: روي الترمذي: "عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيطَانُ" رواه (البخاري، مسلم، الترمذي، أحمد، الدارمي). الرواية الثانية: وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن عمر بن الخطاب قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قام فينا خطيبا كقيامي فيكم، فأمر بتقوي الله وصلة الرحم وإصلاح ذات البين، وقال: (عليكم بالجماعة فإن يد الله علي الجماعة وإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) وصحح الألباني إسناده في المشكاة برقم: 3054 . فنصَّا الروايتين لم يرد فيهما أي منع أو تحريم للخلوة بين الرجل والمرأة، أما ما ورد فيهما فهو أن الرجل إذا خلا بامرأة فإن الشيطان يكون ثالثهما، فهل سيتغلب عليهما الشيطان أم لا؟ هذا يعود لتقوي وإيمان كل منهما، ووجود الشيطان معهما ليس بملزم في أن يرتكبا محرما، ولا يعني وجود الشيطان ثالثا لهما حتمية غلبة الشيطان عليهما، فقد يخلو رجل بامرأة من دون حدوث فاحشة، وقد يستعصم الرجل أو تستعصم المرأة وقد يستعصمان معا، وقد يرتكبان الفاحشة، فليس وجود الشيطان حتمياً في ارتكاب الفاحشة، ناهيك بأن الشيطان موجود مع كل الناس في كل مكان وفي كل الأوقات، فالشيطان موجود في المسجد مع المصلين وموجود مع موظفي البنوك فهل وجود الشيطان مع موظفي البنوك مثلا حتمي في أن موظفي البنوك سوف يسطون علي ما تحت أيديهم من أموال الناس، أم أن الأمر متروك لإيمان وقناعات الأشخاص وهم وحدهم من سيقررون الانحراف أو الاستقامة؟، مع العلم أن الله أخبرنا بأن الشيطان ليس له علينا من سلطان سوي الوسوسة وحسب، وكذلك الشيطان موجود مع جميع الناس في شتي مناحي حياتهم، ولكن رسول الله في هذا الحديث هو فقط ينذر ويحذر وحسب، والحق في هذه المسألة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينه صراحة ولم يحرم خلوة الرجل بالمرأة تحت أي طارئ أو أي ظرف من الظروف ، قد يخلو رجل مع امرأة لأمر ما، وما جاء في الروايات هو مجرد إنذار وتحذير وتنبيه يخلو من أي حرمة أو منع. فالخلوة المقصودة في الروايات ليست الاجتماع في أماكن العمل أو الدراسة أو السوق أو الطرقات أو الأماكن العامة أو أماكن العبادة أو غيرها من المواضع التي يلتقي ويجتمع الناس فيها رجالا ونساء، فكل ذلك ليس بخلوة، فالخلوة والخلاء هو المكان الخلو من شيء ومن أحد من الناس، كأن يصطحب رجل امرأة إلي شقة مثلا أو منزل ليس به أحد أو مكان مهجور بمفردهما، فالخلوة في أماكن كهذه هي ما حذر منه النبي محمد عليه الصلاة والسلام ولكن من دون منع أو تحريم، وإنما فقط للتحذير. (وللحديث بقية)