«كان حلم حياته أن يصبح قبطاناً بحرياً يجوب العالم، فالتحق بالأكاديمية العربية والبحرية.. وبعد تخرجه اكتشف أنه ضحية وهم كبير.. ليس هذا حال محمد شعيب خريج قسم الصيد بالأكاديمية وحده، فهناك 2000 خريج يشاركونه المصير نفسه منذ افتتاح القسم عام 1999 وحتي الآن. لكن كيف حدث ذلك وكيف تحول الحلم إلي وهم في أكاديمية تابعة لجامعة الدول العربية.. «روزاليوسف» تبحث عن الإجابة في هذا التحقيق. كما كانت البداية «مفارقة».. كانت النهاية أيضاً.. فقسم الصيد بالأكاديمية العربية البحرية للعلوم والتكنولوجيا بالإسكندرية، أنشئ عام 1999 بموجب اتفاقية عام 1995 بين 15 دولة بمراقبة المنظمة البحرية الدولية imo لكن 13 دولة فقط وافقت علي دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، ليس من بينها مصر! في الوقت نفسه أصدر وزير النقل القرار رقم 1005 لسنة 2001 بضرورة مراعاة الاتفاقية فيما يتعلق بمنح شهادات الأهلية البحرية لسفن الصيد، وحدد 10 سنوات فترة انتقالية لبدء التنفيذ. بدأت الدراسة بالقسم - كما يقول محمد شعيب خريج عام 2007، وشملت 5 فصول دراسية بواقع 16 أسبوعاً للفصل الواحد برسوم 1100 دولار. التدريب البحري وخصصت الأكاديمية الفصل الدراسي الأخير للتدريب البحري والدراسات التأهيلية للحصول علي شهادة الأهلية للضباط والمهندسين التي تحدد رتبة الخريج من ضابط بحري أو مهندس علي السفن البحرية. فوجئ شعيب، وغيره من الطلبة أن الأكاديمية تعاملهم تحت مسمي «صيادين» وأن الدراسة لن تؤهلهم إلا لتولي مهمة «ريس مركب صيد» وهو ما أكده محمد رضوان خريج قسم الصيد عام 2003 ، الذي يعاني من البطالة حتي الآن، بسبب عدم اعتراف السفن والجهات البحرية بشهادته، وكذلك عدم الاعتراف بالجواز الأحمر الممنوح لخريج قسم الصيد بالأكاديمية البحرية. يقول رضوان مجسرة: شركات الصيد الدولية التي حاولنا العمل بها لم ترد علي طلباتنا، وسفن الصيد المحلية تتعامل مع «الباش ريس» وهو قائد المركب بالوراثة، ولا تعترف هي الأخري بخريجي قسم الصيد بالأكاديمية، ولو وافق قائد مركب علي تشغيل خريج فإنه يمنحه ربع يومية الصياد العادي! طبعاً ليس كل خريجي القسم عاطلين.. كما يؤكد محمد رضوان فبعضهم لجأ للوساطة والتحق بالعمل علي سفن الخدمات البترولية بأجر زهيد، بعد اعتراض التفتيش البحري علي وجودهم، وهو ما دعا الشركات البترولية للمطابقة بتعديل شهادتنا إلي «تجارية» لمواصلة العمل علي سفن هذه الشركات. النقابة ترفضهم نقابياً.. وكما يقول عادل العجمي رئيس نقابة العاملين بالنقل البحري، لها ينتمي خريجو قسم الصيد بالأكاديمية البحرية إلي نقابة العاملين بالنقل البحري، مشيراً إلي أنهم يندرجون ضمن فئة الصيادين والعاملين بالثروة السمكية ونقابة العاملين بالزراعة. العجمي تطلع إلي ضم هؤلاء الخريجين لنقابة العاملين بالنقل البحري، مشيراً إلي اهتمام وزارة النقل برفع مستوي العاملين في مجال الصيد بمنحهم دورات تأهيلية في الأكاديمية البحرية. ويلفت إلي أن تفعيل الاتفاقية الدولية لرفع كفاءة أطقم الصيد لم يبدأ بعد، كما لم يتم العمل بجواز السفر الأحمر، الذي يحصل عليه خريجو قسم الصيد، لكنه توقع تقنين أوضاع خريجي القسم في الفترة المقبلة. مؤهل فوق متوسط في المقابل يفجر مسئول بالأكاديمية البحرية - رفض نشر اسمه - مفاجأة رافضاً الاعتراف بحق خريجي قسم الصيد بالعمل كقباطنة علي السفن التجارية، مؤكداً أن الدراسية في القسم لا تتعدي عامين ونصف العام هي أشبه بمؤهل فوق متوسط، وأن الطلاب كانوا يعلمون طبيعة القسم والمهنة التي يؤهل لها، في حين أن الدراسة بأقسام الملاحة والهندسة البحرية 4 أعوام وتمنح الخريج درجة البكالوريوس ليعمل قبطاناً بحرياً. المسئول استند أيضاً إلي أن المصروفات الدراسية لقسم الصيد تعادل 25% فقط من مصروفات الأقسام الأخري. لافتاً إلي أن الفترة الانتقالية للقرار الوزاري ستنتهي في أكتوبر 2011 ، بعدها لن يسمح بخروج مركب صيد للبحر إلا بوجود كوادر مؤهلة، وهو ما يعني اتاحة فرص العمل لخريجي القسم وهم حتي الآن حوالي 2000 خريج. في الوقت نفسه اعتبر مسئول الأكاديمية، أن الأكاديمية العربية جهة تعليمية وليس مطلوباً منها توفير فرص العمل لكل خريج، ومع ذلك تدعو كبري الشركات للاستعانة بخريجي الأكاديمية.