وقع فضل شاكر أسيرًا لأزمة فنية طاحنة ألقت بظلال الاكتئاب علي نفسيته لأنه دخل في حالة عزلة كاملة أطلق خلالها لحيته وبدا عليه التأثر الشديد وكأنه علي وشك التفكير جديًا في إعلان اعتزاله للغناء، والميل إلي الانقطاع للعبادة، وهو الأمر الذي تمناه فضل شاكر منذ فترة طويلة، وقد أكد البعض أن ذلك جاء نتيجة لعلاقته بأخيه الذي يعتبر واحدًا من أضلاع تنظيم القاعدة، ورغم أن كل التكهنات تشير إلي مرور فضل شاكر بنوع من التعثر الفني، إلا أن اعتذاره عن الحفل الذي كان سيحييه مع يارا مؤخرًا هو الذي فجر كل هذه الملابسات. فبعد أن أشيع أن فضل قد ألغي الحفل بسبب إصابته بالتهاب في أعصاب اليد اليسري، وأن الألم قد داهمه بشدة وحرمه من العيش بشكل طبيعي، مما أدي إلي طلب طبيبه الخاص الذي قرر علاجه عن طريق كورس حقن مكثف، وعلي فترات متقاربة واستقبل فضل في بيته ب«صيدا» عددًا من أصدقائه الفنانين وفي مقدمتهم يارا وزوجها طارق أبوجودة للاطمئنان علي صحته، وقد أكد متعهد الحفل هذه الرواية وأشار إلي أن مرض فضل شاكر هو الذي منعه من الغناء، لأنه لا يمكن أن يظهر بصورة طبيعية علي المسرح بينما يعاني من شدة الألم، ولكن بعض الإعلاميين اللبنانيين قد كشفوا مفاجأة كبيرة، وهي أن فضل قد لجأ لهذه الحيلة لإلغاء الحفل عبر سبب مقنع لا يؤدي إلي غضب الجمهور ولا إلي التأثير علي اسمه في سوق الحفلات، وخصوصًا في مطلع موسم الصيف الذي يستعد فضل لإحياء حفلات كثيرة، والمفاجأة هي أن فضل كان يسهر ليلة إلغاء الحفل في أحد الكازينوهات البيروتية بصحبة سالم الهندي وطوني سمعان، وكان يبدو عليهم التوتر الشديد خاصة بعد توالي الاتصالات بما يعني أن هناك مشكلة كبيرة بين فضل ومسئولي روتانا من جهة تجديد العقد الخاص به. فالشركة تصر علي أن يكون لها نسبة من الحفلات التي يقوم فضل بإحيائها بينما يصر هو علي صيغة التعاقد القديمة، وبين هذا وذاك يدور الجدل وتحتدم المناقشات، ويبدو أن طوني سمعان الذي يلعب دور «العرّاب» في الصفقات الفنية ل«سالم الهندي» لم ينجح في الوصول إلي صيغة تفاهم نهائية ترضي الطرفين لأن الخلاف كان له تأثير كبير في إلغاء الحفل، وهذا هو السبب الأساسي وراء حالة العزلة التي سيطرت علي المطرب، فهو لم ينضم إلي حزب «معتزلي الغناء»، ولا تأثر بالأفكار التي كان يرددها حول مصير الفن والفنان، وإنما كواليس الخلاف تثبت أنه يبحث عن مخرج جيد لحالة استمراره مع روتانا، فإما أن يرضخ لشروط الشركة ويتنازل عن نسبة من أجره عن الحفلات، وإما أن يتعرض لعدم تجديد العقد، ويبدو أن سياسة روتانا الجديدة في التفاوض مع المطربين قد وضعتهم بين فكي كماشة، والوصول إلي حل سريع لوضعه لا يتطلب قرارًا فرديًا منه، وإنما يتطلب اللجوء إلي مستشاريه الفنيين والقانونيين وهذا هو سبب الاتصالات المتكررة التي كان يقوم بها فضل شاكر أو يرد عليها أحيانًا، وفي إطار هذا الشد والجذب سوف يتوقف نشاط فضل شاكر الفني حتي إشعار آخر، ويتم اختلاق أسباب وهمية كمرضه الشديد، إلا أن الإصابة بالالتهاب في أعصاب الذراع اليسري لا يمكن أن تمنع مطربًا من الغناء، فقد حدث هذا الأمر للفنان محمد منير، وعاني منه طوال ثلاث سنوات، ولم يعطله ذلك عن الصعود إلي المسرح، والوقوف لأكثر من ثلاث ساعات في كل حفلة يقوم بها، مما يؤكد أن مبرر التهاب العصب ما هو إلا مبرر واه، يفتقد إلي أبسط قواعد المنطق. كما أنه جزء من المناورة التي يلعبها فضل شاكر، تجاه موانع وحواجز روتانا وشروطها الجديدة، بعد أن استعارت فكر وإدارة «نيوزجروب» لإنقاذ ما تواجهه من أزمات اقتصادية، وسالم الهندي يقدر وفق هذا التوجه الجديد قيمة فضل شاكر في قائمة النجوم، فهو مصدر دخل للشركة، لأنه واحد من فرسان الحفلات اللايف في لبنان، ومن الذكاء الصبر علي التفاوض معه، لأنه واثق من استفادة روتانا منه، وفوق كل ذلك يجيد فضل شاكر اللعب بورقة الإعلام الفني فهو يجيد إطلاق التصريحات الصادمة وأهمها أن «الفن حرام»، وأن الوسط الفني مليء بالتجاوزات، وعندما يطلق فضل لحيته، ويعبر عن أمنيته في الحج وإعلان الاعتزال فإن ذلك يسلط الأضواء عليه أكثر من إحيائه للحفل، ولكن دخوله إلي هذا المنعطف الصعب ليس من السهل الرجوع عنه، فلو فشلت مفاوضاته مع روتانا لن يجد أمامه إلا خيارين وهما الاعتزال أو البحث عن شركة أخري في ظل قرصنة الألبومات وتراجع الإنتاج، وهما خياران أيسرهما مر، وهذا ما يمكن أن يجنيه فضل شاكر من لعبة الشائعات لأنه أحيا آخر حفل له في المغرب ليضع الجميع في حيرة واضطراب.