بسعادة كبيرة يتنقل الفنان السوري جمال سليمان بين فصول إحدي المدارس الخاصة ليصور المشاهد التي تجمعه بالطلاب ضمن أحداث مسلسل «قصة حب» حيث يسترجع معهم ذكريات أربعة عشر عاماً قضاها في مهنة التدريس قبل أن يتركها من أجل الفن، سليمان أكد أن المسلسل يرصد أزمة التعليم في البلدان العربية والتي كانت سببا في التراجع الذي نعيشه حالياً بجانب مشاكل أخري تتضمنها الأحداث وإلي الحوار... في البداية هل يتناول مسلسل «قصة حب» أزمة التعليم فقط؟ - يناقش المسلسل كثيرا من المشاكل والقضايا الشائكة في المجتمع وأهمها أزمة التعليم لإنها من أخطر المشاكل التي تعوق هذا الجيل عن التقدم ومواكبة التطور ولا تقتصر أحداث المسلسل علي مشاكل التعليم فقط ويتناول العديد من قضايا المجتمع من بينها التعصب والتدين الظاهري والتناقضات وأمور كثيرة تعرضها الأحداث وتمثل المدرسة نموذجاً مصغراً للمجتمع المليء بالمتناقضات من خلال قصص الطلاب والمدرسين والعلاقة بينهم وأقوم بدور مدرس لغة عربية للمرحلة الثانوية وناظر للمدرسة. ولكن كيف تتعمق في الحديث عن أزمة التعليم في مصر مما قد يعتبره البعض تشويها متعمداً خاصة إنك لا تعلم شيئاً عن نظام التعليم بمصر؟ - هذا الكلام غير صحيح فإذا كنا نتحدث عن مدرسة مصرية فإن القضية لا تخص مصر وحدها والجميع يعرف أن أزمات المجتمعات العربية متشابهة خاصة مشكلة التعليم بما في ذلك دول الخليج التي لا تعاني من المشاكل الاجتماعية وقد بحثت فوجدت تشابها في نظام التعليم في مصر وسوريا ووجدت أن الموضوع ليس سرا والدليل الخطوات والزيارات المفاجئة لوزير التعليم أحمد زكي بدر. غالبا تتناول الدراما المدرس بشكل ساخر في الأعمال الفنية هل يعتبر دورك امتدادا لهذه الأعمال؟ - لا علي العكس الدكتور مدحت العدل حرص علي أن يتناول السيناريو شخصية لأستاذ بشكل يجعلنا نأخذه مثالا حقيقيا لصورة المدرس المطلوبة لإصلاح الجيل ولتؤكد في نفس الوقت أن هناك نماذج إيجابية لمدرسين موجودين ولكن للأسف يتم تسليط الضوء علي النماذج السلبية فقط مما يشوه هذه الشريحة في كثير من الأعمال وإن كنت أعلم إنها من المواضيع المغرية كوميديا ولكن لابد أن يراعي التوازن في تقديم النماذج. ولماذا اخترت تقديم شخصية مدرس اللغة العربية تحديداً؟ - هذا الاختيار كان مقصودا من البداية وهي محاولة للعودة للأصالة لأن الاستاذ ياسين بطل المسلسل يؤمن بأن المدرس ليس دوره أن يدخل المعلومات في رأس الطالب فقط ولكن دوره أن ينمي عقول الطلاب ويوسع أفقهم ويتحدث مع تلاميذه في أمور أعمق وأشمل من مجرد المنهج كالعلوم والرياضيات وذلك لنجد مساحة للموضوعات الإنسانية. لاحظت أنك لا تتحدث في موضوعات متخصصة في الدراسة.. كيف استعددت للدور؟ - بالرغم من أن لغتي العربية لا بأس بها ولدي الإمكانيات في أن أشرح لطلاب المرحلة الثانوية دروساً كثيرة مثل النحو وغيره فإنني جلست مع الدكتور مدحت العدل واستعنت أيضا بأساتذة متخصصين في اللغة العربية للحرص علي المصداقية ولكي يشعر الطالب والمدرس أنهما أمام مدرس حقيقي ولم أجد في ذلك عيباً لإنني لا أحب المكابرة وأرفض أن يظن الإنسان إنه يعلم كل شيء. هل تصل الأحداث إلي إدانة جهة معينة وتحميلها المسئولية فيما وصلت إليه الأمور؟ - في أحداث مسلسل «قصة حب» أردنا أن نقدم بحثاً متعمقاً في مشكلة التعليم ولم نعتمد علي الاستسهال بتحميل طرف واحد أسباب هذه الأزمة ولكن أردنا تقديم شهادة للقائمين علي منظومة التعليم أملاً في أن يستفيدوا منها لذلك اللوم علي المجتمع كله لأن الأزمة الحقيقية سببها إننا لم نحدد ماذا نريد من التعليم هل نريد مباني فخمة يدرس فيها الطلاب؟! أم نحتاج نظاماً يوسع أفق الطالب ليواكب الحداثة والعولمة لذلك الأزمة لها أبعاد اقتصادية وفكرية كما لا نعفي المدرسة من المسئولية وكذلك الأسرة وبالمناسبة أنا عملت كمدرس لفترة طويلة وأعرف جيداً تفاصيل كثيرة عن حياة المدرس. حدثنا أكثر عن تجربتك في مجال التدريس؟ - عملت كمدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية لمدة أربعة عشر عاماً ودرست للطلاب مادة التمثيل وهي من أصعب المواد خاصة أن الطالب يدخل المعهد وهو في غاية الخجل ويجد صعوبة في أن ينطق اسمه بثقة لذلك كان مطلوبا مني أن أعلم الطالب كيف يتحدث بطلاقة بجانب فنون التمثيل ليصبح ممثلاً كبيراً وهذا كان يتطلب مني أن أتحدث مع الطلاب في الأدب والتاريخ والسياسة والجنس لإن هذه المادة ليس لها منهج محدد. ولماذا توقفت عن العمل كمدرس؟ - لإنني تعودت أن أكون مميزاً في الأعمال التي أقدمها ووجدت أن التمثيل والتدريس يحتاجان لتركيز ووقت لذلك اخترت أن اتفرغ للعمل كممثل ولكن لا أستطيع أن أنسي المتعة التي وجدتها خلال فترة تعاملي مع الطلاب لإني كنت أري نجاحي في نجاح كل طالب منهم. ألم تخش من التعاون مع المخرجة إيمان حداد في أولي تجاربها الإخراجية؟ - تعودت علي العمل مع عقول مختلفة من صناع الفن وتعاونت مع مخرجين كبار واستمتعت بالعمل معهم وكذلك تعاونت مع مواهب شابة ووجدت هذه التجارب مختلفة أيضا وهذه التجربة اكتشفت أن المخرجة إيمان حداد تملك طاقة كبيرة لتقديم عمل مميز كما إنها عملت كمساعد مخرج مع مخرجين كبار مما يجعلني متفائلا من التعاون معها. وكيف تري فرصة مسلسلك في المنافسة في شهر رمضان خاصة أن البعض اعتبر أن «حدائق الشيطان» هو أنجح أعمالك؟ - أنا حريص علي التركيز في كل عناصر هذا العمل وأعتقد أنه مختلف ويتناول موضوعاً مهماً ويشاركني في بطولته نخبة من الفنانين المحبوبين من بينهم بسمة ومني هلا وحجاج عبدالعظيم واعتقد أن العمل الجيد يفرض نفسه ويجذب المشاهدين في ظل زحام هذا الموسم أما بالنسبة لاعتبار البعض أن «حدائق الشيطان» أفضل أعمال فهي مجرد آراء لا يجوز توحيدها كما يري البعض الآخر أن أعمالي التاريخية هي الأفضل ويري آخرون أن مسلسل الفصول الأربعة أجمل.. المهم إنني في النهاية صاحب هذه الأعمال ويسعدني إعجاب الجمهور بها.