أكد الرئيس محمد حسني مبارك أن مصر حررت سيناء بالحرب والسلام ولم تستسلم للهزيمة وخاضت حرب استنزاف طويلة وحرب تحرير بطولية ودفعت - عن طيب خاطر - من أرواح ودماء أبنائها، ومن مواردها وثرواتها من أجل استعادة الأرض وإنهاء الاحتلال واسترداد كرامة الوطن وعزته وكبريائه. وقال الرئيس مبارك أمس - في كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكري الثامنة والعشرين لتحرير سيناء - "لقد عشت مع أبناء قواتنا المسلحة مرارة الهزيمة وفرحة الانتصار، وكنت شاهدا عبر سنوات الحرب والسلام علي عظمة هذا الشعب وقوة عزيمته وصلابة أبنائه". وفيما يلي نص كلمة الرئيس الإخوة المواطنون .. أتوجه إليكم بتحية من القلب، وأعبر لكم جميعاً عن خالص الشكر والامتنان.. فلقد كانت قلوبكم معي خلال علاجي في ألمانيا، وبعد عودتي لأرض الوطن.. وكنتم إلي جانبي بمشاعر شعب وفي أصيل أعتز بها كل الاعتزاز، وأحمل لها - ولكم - كل العرفان والتقدير. أتحدث إليكم في الذكري الثامنة والعشرين لتحرير سيناء، نحتفل معاً بيوم مجيد من أيام مصر وعلامة فارقة في كفاح شعبها، يوم طوينا فيه - إلي غير رجعة - هزيمة عام 1967 واستعدنا سيناء لسيادة مصر وأبنائها بعد خمسة عشر عاما من الاحتلال. لقد حررنا سيناء بالحرب والسلام، لم نستسلم للهزيمة، خضنا حرب استنزاف طويلة، وحرب تحرير بطولية، ودفعنا - عن طيب خاطر - من أرواح ودماء أبنائنا، ومن مواردنا وثرواتنا من أجل استعادة الأرض وإنهاء الاحتلال، واسترداد كرامة الوطن وعزته وكبريائه. الإخوة المواطنون لقد عشت مع أبناء قواتنا المسلحة مرارة الهزيمة وفرحة الانتصار، وكنت شاهداً - عبر سنوات الحرب والسلام - علي عظمة هذا الشعب وقوة عزيمته وصلابة أبنائه. كنت مدركاً - ومنذ تحملي المسئولية - تطلع شعبنا لسلام تحميه القوة، في وطن مستقر آمن لا تهدده مخاطر العدوان أو الإرهاب، وطن حديث ومتطور يصنع الحاضر والمستقبل الأفضل لجميع أبنائه، يصون وحدتهم الوطنية، ويتيح لهم فرص العمل الشريف والحياة الكريمة. إننا - وبعد ثمانية وعشرين عاماً من تحرير سيناء - لا نزال في رباط، نحرص علي السلام ونلتزم به، طالما بادلتنا إسرائيل حرصاً بحرص والتزاماً بالتزام، نحميه بقوات مسلحة قادرة، هي درع الوطن وسيفه، ونبذل أقصي الجهد من أجل سلام شامل، يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وينهي احتلال الأراضي العربية في سوريا ولبنان. لا نزال في مواجهة شرسة مع قوي الإرهاب والتطرف في منطقة صعبة وعالم مضطرب، ووسط أمثلة عديدة من حولنا للانقسام الطائفي، وغياب الأمن وإراقة الدماء وزعزعة الاستقرار. كما لا نزال علي طريق تحديث وتطوير مجتمعنا بعد أن أعدنا بناء بنية أساسية متهالكة، واقتصاد استنزفته الحروب نواصل توسيع بنيتنا الأساسية الجاذبة للاستثمار، نعزز القوة الذاتية لاقتصادنا وموارده، وندعم قدرته علي تحقيق معدلات مرتفعة للنمو والتنمية. نعم.. لقد قطعنا شوطاً مهماً لتحديث وتطوير المجتمع المصري بإصلاح سياسي يرسخ دعائم الديمقراطية، وإصلاح اقتصادي يجتذب الاستثمار ويتيح فرص العمل، وإصلاح اجتماعي يقف بجانب الفقراء والبسطاء والفئات محدودة الدخل. إن احتفالنا اليوم بذكري تحرير سيناء يفرض علينا التمعن فيما حققناه حتي الآن.. أين كنا ؟ وأين نقف اليوم ؟ وكيف تمضي حركتنا نحو المستقبل ؟ الأخوة المواطنون .. لقد أطلقت عام 2005 عملية شاملة للاصلاح، بادرت إلي ذلك متحملاً مسئوليتي كرئيس للجمهورية من أجل مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة، تعُلي قيم المواطنة وتنأي بالدين عن السياسة، تمتلك المقومات الذاتية للمضي للأمام، تعزز تفاعل ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية، تعي الأبعاد الاجتماعية للإصلاح والتحديث والتنمية، وتنحاز - ليس لفئة أو نخبة - وإنما للفلاحين والعمال والبسطاء من أبناء الشعب. إن ما تشهده مصر اليوم من تفاعل نشط لقوي المجتمع، هو نتاج ما بادرت إليه منذ خمسة أعوام مضت، وهو دليل حيوية المصريين، وشاهد علي ما يتمتعون به من مساحات غير مسبوقة لحرية الرأي والتعبير والصحافة- وأقول - بكل الصدق والمصارحة إنني أرحب بهذا التفاعل والحراك المجتمعي، مادام التزم بأحكام الدستور والقانون، وتوخي سلامة القصد ومصالح الوطن. "لا ينبغي - أبدا - أن يتحول هذا التفاعل والحراك النشط إلي مواجهة أو تناحر أو صراع، وعلينا جميعا أن نحاذر من أن يتحول التنافس المطلوب في خدمة الوطن وأبنائه لمنزلقات تضع مستقبله ومستقبلهم في مهب الريح. "إن مستقبل الأوطان لا تصنعه الشعارات والمهاترات والمزايدة، ومقدرات الأمم والشعوب لا تتحقق بخطوات غير محسوبة العواقب، ونحن في مصر نمضي في الإصلاح السياسي واعين لظروف مجتمعنا ومحذرين من انتكاسات تعود بنا إلي الوراء، وإنني - ونحن مقبلون علي الانتخابات التشريعية العام الحالي والرئاسية العام المقبل - أعاود تأكيد حرصي علي نزاهة هذه الانتخابات، وأرحب بكل جهد وطني صادق يطرح الرؤي والحلول لقضايا ومشكلات مجتمعنا، ولا يقامر بأمنه واستقراره ومستقبله. كما أننا ماضون في الإصلاح الاقتصادي متطلعين لانطلاقة جديدة لاقتصادنا مع تراجع أزمة الركود العالمي، نسعي للمزيد من الاستثمارات والصادرات والمزيد من فرص العمل، نعاود تحقيق ما حققناه من معدلات النمو المرتفعة قبل الأزمة، نستعيد زمام المبادرة في محاصرة الفقر والبطالة، وتواصل تطوير ما يقدم للمواطنين من خدمات. نمضي في ذلك متمسكين بتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي، مدركين للاحتياجات الحقيقية لأغلبية أبناء الشعب من الفقراء والبسطاء، وتطلعهم المشروع للمستقبل الأفضل والعيش الكريم، ولمن يقف إلي جانبهم في مواجهة غلاء الأسعار وأعباء الحياة. الإخوة المواطنون .. لقد تغيرت مصر كثيراً منذ أن حررنا سيناء بالحرب والسلام، تضاعف عدد سكاننا، حقق شعبنا الكثير علي امتداد أرض الوطن، نمضي علي الطريق بمؤسسات راسخة هي ضمان الاستقرار، تغلبنا علي العديد من صعاب وتحديات الداخل، ونواصل الدفاع عن قضايا أمتنا، والتعامل مع أزمات منطقتنا. إننا ونحن نحتفل اليوم، ننحني احتراما لأرواح شهدائنا، نخلد بطولات قواتنا المسلحة، ونحيي ذكري الرئيس السادات زعيماً فذاً وشجاعاً قاد مسيرة الوطن في مرحلة حاسمة فكان - بحق - بطل الحرب والسلام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.