بين السعي المتواصل للوصول إلي كرسي «فؤاد سراج الدين»، وبين الدفاع المستميت عن البقاء في موقعه، بدأ الماراثون محتدمًا علي رئاسة الوفد بين فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب، وغريمه رئيس الحزب الحالي وعميد عائلة الأباظية، محمود أباظة، بعد أن بات لا يفصلهما سوي 40 يومًا عن عمومية 29 مايو، وضع رهاناتهما علي من هو رئيس الحزب القادم بعد عمومية 16 أبريل الجاري. وبدا العديد منهم في حيرة من أمره بعدما أسفرت عنه نتائج العمومية الأخيرة الخاصة بتعديل اللائحة، حيث وافق علي تعديل اللائحة 501 عضو، واعترض في المقابل 420 آخرون من أعضاء العمومية. ففي حين اعتبر فريق أن الأصوات المعارضة لتعديل اللائحة الداخلية، أصوات مؤيدة لفؤاد بدراوي في المقام الأول، وعن مناهضة أباظة، نفي الفريق الثاني هذا التصور معتبرًا أن الأصوات المعارضة للتعديل، هي أصوات احتجاجية، نظرًا لرغبة عناصر كثيرة في التعجيل بخوض معركة الهيئة العليا، خاصة أن القرار يتعارض مع مصلحتهم. سنة أخري وساند هذا الرأي عصام شيحة عضو الهيئة العليا للحزب، قائلاً: من رفضوا التعديل.. أعلنوا عن غضبهم من تأجيل فرصتهم في الالتحاق بالهيئة العليا لمدة سنة أخري بخلاف وجود عناصر ممتعضة من عدم إنشاء مقرات لهم، وأخري تخشي ألا يساندها الحزب إذا ما رغبت في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، متابعًا: لم يطرح برنامج انتخابي لأي مرشح لرئاسة الوفد حتي تُحسب له هذه الأصوات. وكان للمستشار مصطفي الطويل الرئيس الشرفي للوفد، الذي يقود مبادرة تحت شعار: «مرشح واحد لرئاسة الوفد وبالتوافق» رأي آخر، إذ أعرب الطويل عن أن معركة الرئاسة إذا دارت بين بدراوي ومحمود أباظة ستكون قوية لأن لكل منهما أنصاره الذين يدعمونه. نسب الأصوات ورغم هذه السيناريوهات المختلفة، إلا أن أغلب القيادات الوفدية وصفت نسب التصويت بأنها مفاجئة إذ أن أغلبهم توقع أن تتجاوز نسبة الموافقة علي التعديلات 60% من حجم المشاركين من أعضاء الجمعية العمومية.. لدرجة أن بعض أنصار الجانبين دعوا لسرعة ما اسموه «بتدارك الأخطاء» لجذب مزيد من المؤيدين لهم والرافعين لأسهمه، خاصة في البؤر التصويتية القوية علي مستوي لجان الحزب بالمحافظات. المواجهة لكن المثير بالفعل، هو أن المواجهة بين الفريقين لم تخل من النيل من ممارسات الأطراف الأخري، حيث اتهمت عناصر مجموعة علي محمود أباطة، والسيد البدوي باستخدام الرشاوي الانتخابية للتأثير علي أعضاء العمومية في حسين ردت عليها الجبهة الأخري باتهامات مماثلة مستخدمة سلاح الجمعيات الممولة امريكيا، واستخدام اموالها لصالح مؤيدي اباظة في الهيئة الوفدية. وكانت أجواء الجمعية العمومية الأخيرة قد كشفت عن أن الصراع داخل الوفد ليس نائمًا، وبدا ذلك في تحركات كل من فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب ود. السيد البدوي عضو الهيئة العليا وكذلك محمود أباظة رئيس الحزب الحالي. وحرص د. السيد البدوي علي ذكر أسباب ابتعاده عن الحزب للوفديين، مؤكدًا دعمه لفؤاد بدراوي. ولا يجب تجاهل أن أغلبية الأحزاب تعاني من غياب ثقافة الاختلاف.. وتتهم المختلفين بالتخزيب والتدمير وعندما كنت أحضر اجتماعات الهيئة العليا كنت أشعر كأنني عدو.. وكلما قلت رأيا أهاجم بشدة. وأضاف البدوي: الوفد في دمي، ولن أبتعد عنه لأنه تراث الآباء وتركه خيانة ولكن ربنا أراحني في كل حاجة وظل الوفد هو الحاجة الوحيدة اللي منغصة حياتي.. ولا أنام بسببه! وأرجع البدوي سبب عدم ترشيح نفسه لرئاسة الوفد لرغبته في أن يكون عضوًَا عاديًا، مضيفًا: من يقل أن بدراوي لا يملك برنامجًا شخصًا «ميتكسفش» .. يجهل أن بدراوي عاصر فؤاد سراج الدين قبل أن يكون سكرتيرًا مساعدًا، متسائلاً من دخلوا الحزب منذ 4 أيام فقط لديهم برنامج فهل لا يملك بدراوي برنامج؟! بدراوي ظل كاتمًا لأسرار الهيئة العليا منذ العام 1976 وحتي عام 2000 . تعديلات مقبلة وحذر من المساس بفترة رئاسة الحزب في أي تعديلات مقبلة، قائلاً: لايجب أن تجعلها مدي الحياة كما حدث في عهد سراج الدين، لأنه يختلف عن أي زعامة أخري فهو زعامة تاريخية تحظي بتقدير الجميع والإصلاح لم يتحقق داخل الوفد لتفرغ القيادات لتصفية الحسابات. وكان لافتًا حرص محمود أباظة رئيس الوفد علي شرح أسباب تعديل اللائحة للوفديين من خلال حوارات جانبية في شكل مجموعات قبل بدء أعمال الجمعية العمومية، رغم عدم إعلانه رسميًا عن خوضه انتخابات الرئاسة. وقال للوفديين: من حق أي وفدي خوض معركة الرئاسة سواء كان بدراوي أو غيره، ولم يستبعد امكانية ادخال تعديلات أخري علي اللائحة في المستقبل.. وكان لافتا أيضا، بدء الدعاية الانتخابية للمرشحين علي الرئاسة مبكرا بين أنصار أباظة وبدراوي، حيث وزع أنصار بدراوي مادة صحفية أكدوا فيها أن أباظة لن يترشح علي رئاسة الوفد. نصيحة أباظة وجاء بالبيان المرفق: «نصيحة للدكتور محمود أباظة.. قال الزعيم سعد زغلول لكل مؤيدي ثورة 1919 . يعجبني الصدق في القول والإخلاص في العمل والوفاء بالوعد ولن ينسي لك التاريخ وكل المخلصين في الوفد أنك كنت صادق القول ووفيت بالعهد فلا تتراجع عن قرارك بعدم الترشح ولا تستمع إلي بطانة السوء والمنافقين». ووزعت لجنة المنوفية بيانًا تدعو فيه لضبط النفس والسمو فوق الخلافات والمكاسب الشخصية إعلاء للمصلحة العامة للحزب ليقوم بدوره المنوط في الفترة الخطيرة والتاريخية التي تمر بها مصر، مع اقتراب الانتخابات منتقدا تعرض حزب الوفد لهجمة شرسة تبتغي تفتيته وإضعافه ومحاولة جعل أعضائه في حالة ثورة ضد قيادات الحزب. وعلق د.محمد أبورابح لافتة موقعة باسمه جاء فيها: «تظل الممارسة السياسية السلمية والعقلانية التي تضع مصلحة الوفد فوق كل اعتبار هي المحك الأساسي لمدي توغل الثوابت الوفدية في نفوس الوفديين». وردت القيادات المناصرة لأباظة علي المنشورات بمبادة صحفية علي لسان أحد قيادات الوفد تحت عنوان «الوفد هو الحزب الوحيد الذي يسمح بتعدد الآراء داخله ونرفض الأصوات التي تريد زعزعة الاستقرار داخل الحزب». العمومية القادمة وفي سياق متصل تعد الجمعية العمومية المقرر عقدها نهاية مايو 2010 للتصويت علي منصب رئيس الحزب هي الثانية خلال أقل من شهرين، علي أن تعقب ذلك معركة ثالثة ل«عمومية» جديدة بعد عام للتصويت علي انتخابات الهيئة العليا، وبذلك تكون هذه السنة أقرب إلي عام الطوارئ داخل الحزب.