انتشرت مؤخرا بترويج فضائي واسع خدمات استشارية من نوع جديد تتعلق بالحياة الجنسية بين الزوجين وحل مشاكلهما، هذه الوسيلة أصبح يتداولها العديد من القنوات الفضائية ومواقع الانترنت لتضع أرقاما للاتصال بخبراء الاستشارات الجنسية للزوجين، لتظهر بذلك وسيلة جديدة للتربح بطريقة سهلة مستغلة في ذلك معاناة بعض الأزواج والزوجات في العلاقة الزوجية التي قد تكون بحاجة لطبيب وليس لخبير استشاري جنسي. ولقد ساعد علي انتشار ظاهرة الاستشارات الجنسية عبر الفضائيات عدم وعي الاشخاص بموقف الدين والطب منها ، وحاجتهم للمشورة وحياء بعضهم من السؤال في أمور خاصة جدا، فضلا عن تطلع الازواج علي مختلف الثقافات علي شبكة الانترنت مما أثار لديهم تساؤلات خاصة حول العلاقة بين الزوجين. في البداية اعتبر علماء الدين ان وسيلة الاستشارات الجنسية بين الزوجين عبر الفضائيات ومن خلال الاستشارات العامة عبر الهاتف والانترنت هي وسيلة لا تتفق مع الشريعة الإسلامية، حيث يوضح الدكتور أحمد يوسف سليمان استاذ الشريعة بكلية دار العلوم انه لا يجوز افشاء اسرار العلاقة بين الزوجين لانها علاقة مقدسة ولا يمكن ان يطلع عليها اي شخص، فذلك ممنوع شرعا حيث ورد عن الرسول ان «الذي يفشي اسرار الزوجين كمن كان شيطاناً اتي شيطانة علي قارعة الطريق، والناس ينظرون اليه»، موضحا أن ذلك التشبيه بغرض التنفير، ولايجوز اطلاقا الا في حاجة الضرورة وهي طلب العلاج من أهل الاختصاص ذوي الثقة طبقا لقوله تعالي «اسالوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون» والحياء لايمنع العلم لأن الله لايستحي من الحق اما من يستخدمون مثل هذه الخدمة فما هو إلا نوع من الجرأة التي لا تراعي حياء وتعتدي علي الاسرار الخاصة وتنشر الفاحشة بغرض الربح السريع. من جانبه يري الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية انه لايجوز شرعا استخدام الاستشارات التليفونية في الامور الخاصة بين الزوجين، ويوضح أن الاولي اذا وجدت مشكلة ان يزور كلا الزوجين الطبيب المختص كما علي الزوجة استشارة طبيبة وليس طبيباً، لافتا إلي أن الاستشارات الزوجية ما هي الا اعلانات ربحية، ويمكن استغلالها للترويج الجنسي لاسيما مع فقدان الثقة مع المتحدث، وعدم معرفة هويته الحقيقية. كما تؤكد د. ناهد عبد المجيد مدرس بقسم الشريعة بكلية دار العلوم علي ضرورة عدم البوح في الامور الخاصة بين الزوجين لاي شخص إلا عند الضرورة القصوي بشرط أن يكون ذلك للأهل في حالة المشكلة الاجتماعية ، وللطبيب في حالة المشكلة الجنسية، وتؤكد أن هذا ما أمرنا به الاسلام، فإذا وقع خلاف بين زوجين فعلي الزوج ان يأتي بحكم من أهله وحكم من أهلها لان الاسلام دين حياء وستر عورات. وتضيف أن الاستشارة الزوجية لابد ان تكون من أهل الثقة وهذه الصفة لا توجد في مثل هذه الخدمات الوهمية التي تهدف للربح في المقام الاول وليس التوعية، لانها ليست جهة اختصاص، مؤكدة أن هذه الظاهرة تنشر الفاحشة والابتذال بمعلومات مغلوطة، ويصدق عليها قوله تعالي «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون». فروق جنسية و كان لابد من تفسير نفسي لظهور تلك الظاهرة الغريبة علي مجتمعنا المصري ، حيث يرجع الدكتور أحمد عبدالله مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق انتشار هذه الخدمات الاستشارية في كثير من المواقع علي شبكة الانترنت والخدمات التليفونية إلي حاجة الزوجين للمعلومات من أي مصدر كان بسبب الانفتاح علي الفضائيات وشبكة الانترنت، فضلا عن اتسام المجتمع بالانفتاح حيث انتقلنا من مرحلة الحياء الي مرحلة البوح الحقيقي، فالمريض لديه استعداد البوح بما لديه حتي اذا وصلت للامور الخاصة بين الزوجين فهو يبحث عمن يساعده في هذه المشكلة فضلا عن تخصص الطبيب الدقيق وهذا غير وارد في الخدمة التليفونية فهم غير متخصصين. كما تشير سحر طلعت مدرس الباثولوجي بكلية طب قصر العيني الي أن الاستشارات الجنسية عبر الفضائيات أو الانترنت هو أمر غير سليم، وظاهرة غير ناجحة في علاج المشاكل الزوجية خاصة مع وجود صعوبة في التعميم لاجابة السائلين من الناحية العلمية لوجود فروق جنسية بين الزوجين وعدم التوصيف الدقيق للمشكلة. وتضيف أنه قد يتم استخدام هذه الخدمة لعرض الفاظ خارجة الأمر الذي يتطلب وضع ضوابط سليمة منها ان تكون مسألة الاستشارات الزوجية تحت رعاية جهة موثوق فيها وذات مصداقية عالية، وهدفها الرئيسي التوعية السليمة وليس الربح في المقام الاول، فضلا عن امكانية الرجوع للسائل لاستكمال بعض الأمور، علي أن يكون القائمون عليها من ذوي الخبرة بهذا المجال، مشيرة إلي أن الأصل في المشكلات الجنسية بين الزوجين هو زيارة طبيب مختص وليس زيارة طبيب عادي أو الاعتماد علي خدمة الاستشارات الجنسية. وتؤكد أن اغلب مشاكل الازواج تنبع من عدم الوعي وفهم الامور مغلوطة، لذلك لابد ان نعي ان العلاقة الحميمية بين الزوجين ليست علاقة جسدية فقط ولكن لها ابعاد روحية ونفسية وعاطفية وهذا ما أوضحه رسول الله في احاديثه، فهي ليست علاقة للمتعة فقط ، وهو ما يحاول ان يدعمه لنا التوجه الغربي لها في الفضائيات وشبكة الانترنت مما يعطي للشرقيين جوانب اختلاف وتساؤلات تجدها مثل هذه الخدمات الواهية. وتستطرد قائلة : «إن مواجهة هذه الظاهرة بحاجة لتوعية دينية قبل ان تكون توعية طبية ، حيث ينبغي التأكيد علي ضرورة استسهال الطرق نتيجة للحياء، والتأكيد كذلك علي أن سيدات الصحابة لم يستحين من السؤال في مثل هذه الأمور للحاجة حيث ورد أن سيدة جاءت لسيدنا عمر تشتكي حال زوجها وقالت له ان زوجي صوام قوام فقال: نعم هذه السيدة تمدح زوجها ثم كررت الزوجة: ان زوجي قوام صوام، كما ورد أن رجالا كانوا يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها، ولم يمنعهم الحياء من السؤال لحاجتهم بمعرفة ضوابط الامور، لذلك لابد ان نعي تماما مع من أتحدث وهل هم أهل ثقة أم لا لانها أمور خاصة أمرنا الإسلام بعدم إفشاء أسرارها في قوله «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن».