إنها بالفعل مقال مهم جدًا ذلك الذي كتبه معا بريجينسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق كارتر وسولارز العضو السابق في الكونجرس وعضو مجلس إدارة مجموعة إدارة الأزمات الدولية في أمريكا، فالمقالة يكشف بوضوح عن معالم الخطة الأمريكية لحل المشكلة الفلسطينية، ويقدم اقتراحًا جريئًا للرئيس الأمريكي لإحداث اختراق للجمود الحالي الذي وقعت فيه عملية السلام. يقضي الاقتراح بأن يبادر الرئيس الأمريكي بالقيام بزيارة الكنيست الإسرائيلي في القدس ومقر السلطة الفلسطينية في رام الله مصطحبًا معه عددًا من القادة العرب وممثلي الرباعية الدولية، ويقوم خلال هذه الزيارة بإلقاء كلمة تاريخية من داخل القدس القديمة يخاطب فيها جميع شعوب المنطقة يقدم فيها التصور الأمريكي للسلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهذا التصور يقوم علي حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بما يرضي الإسرائيليين أي بتقديم تعويضات مالية لهم وإعادة توطينهم داخل الدولة الفلسطينية التي ستقام وليس داخل إسرائيل، نظرًا لأنه لا يمكن توقع أن تقوم إسرائيل كما يقوم الكاتبان.. بانتحار سياسي من أجل إقامة السلام. بينما في المقابل يتم تقاسم حقيقي للقدس كعاصمة لكلا الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية مع ترتيب دولي يتناول المدينة القديمة، ولم يفصحا عن شكل هذا الترتيب. أما أراضي الدولة الفلسطينية فهي سوف تكون علي الأراضي التي احتلت عام 1967 مع تعديلات تبادلية ومتساوية للسماح بدمج المستوطنات الأكبر داخل الضفة الغربية في دولة إسرائيل. وأخيرًا أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، مع وجود قوات أمريكية أو تابعة للناتو علي طول نهر الأردن من أجل توفير مقدار أكبر للأمن لإسرائيل. وهذا التصور الأمريكي الذي يقدمه الكاتبان المهمان في أمريكا لا يختلف كثيرًا عن مشروع كلينتون الذي تم التفاوض حوله بين الفلسطينيين والإسرائيليين في كامب ديفيد، وربما يكون أهم اختلاف بين المشروعين هو أنه لا يتضمن السماح بعودة عدد رمزي من اللاجئين الفلسطينيين إلي أراضيهم في حدود 1948 كما كان يقضي مشروع كلينتون. كما لا يحدد المشروع الجديد أيضًا نسبة الأراضي التي سيتم تبادلها بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي يري الفلسطينيون ألا تزيد علي نسبة 3:2 % من أراضي الضفة الغربية، بينما وافق الإسرائيليون منذ مفاوضات كلينتون وحتي مفاوضات أولمرت علي أن تكون في حدود 8 % فقد ترك المشروع ذلك للمفاوضات الجديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. أما وضع الأماكن المقدسة في القدسالشرقية فلم يفصح الكاتبان عنه، وإن كانت بعض التسريبات الصحفية العديدة كانت قد تحدثت عن ميل أوباما لأن تكون تحت إشراف دولي بينما تتولي دول إسلامية إدارة الأماكن الإسلامية المقدسة ويتولي الإسرائيليون إدارة الأماكن اليهودية. هذا هو التصور الأمريكي لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي يقدمه الكاتبان، ولعله يكشف عما يفكر فيه أوباما شخصيًا.. لكن تبقي مسألة الزيارة الجريئة له للمنطقة تمثل في حد ذاتها مشكلة، خاصة ما يتعلق بمرافقة عدد من القادة العرب له في الزيارة.. بينما مشكلة تحقيق هذا التصور تتمثل في حكومة نتانياهو التي لا تقبل في الحقيقة لحل الدولتين ولا لتقاسم القدس مع الفلسطينيين.. وحتي الآن يقول الأمريكيون أنهم لن يفرضوا حلاً أمريكيًا للمشكلة الفلسطينية.