«من حكمدار القاهرة إلي المواطن أحمد إبراهيم الساكن في دير النحاس لا تأخد هذا الدواء الدواء فيه سم قاتل».. تلك العبارة المشهورة من فيلم حياة أو موت ظل يرددها أحد أفراد الحكومة في الإذاعة لإنقاذ مواطن واحد مصري من تناول عقار به سم قاتل ولكن ماذا لو كان الدواء ليس فيه سم قاتل ولكن رائحته قاتلة وطعمه يؤدي إلي الغثيان؟ هذا ما اكتشفته من داخل إحدي الصيدليات بحي السيدة زينب فأثناء وجودي بالصيدلية جاء مواطن مصري قريب الشبه من الفنان عماد حمدي المواطن أحمد إبراهيم بالفيلم وبيديه شريط من عقار رانيتيدين لعلاج القرحة والذي تنتجه إحدي شركات الدواء المصرية وسأل الطبيب الصيدلي عن مدي صلاحية هذا العقار فاستفسر الطبيب عن سؤال المريض فرد عليه قائلاً «الدواء طعمه وحش جدًا ورائحته كريهة» فأخذ الطبيب الصيدلي قرصا من الدواء وبمجرد أن شم رائحته كاد أن يغمي عليه وطلب مني أن أشم رائحته وبالفعل فعلتها وشممت رائحة لم أشمها من قبل في حياتي فالدواء رائحته كريهة لدرجة لا تحتمل وعندما طلب مني الصيدلي وضع قرص الدواء في فمي ومخالطته بقليل من الماء دون أن أبتلعه لأتذوق الطعم فعلت ذلك ويا ليتني ما فعلتها فأنا أعلم أن الدواء طعمه مر ولكنه ليس كمرارة هذا الدواء الذي بمجرد أن ابتلعته شعرت بأن هذا هو العقار السام الذي كان سيتناوله الفنان عماد حمدي في الفيلم. المريض الذي حضر بالدواء وهو شاكك في صلاحيته أكد أن هذا الدواء يتم صرفه له من هيئة التأمين الصحي لأنه غير قادر علي شراء البديل الأجنبي الذي يختلف طعمه ورائحته اختلافا كاملا عن الدواء المصري. للأسف هذه حقيقة الأدوية المصرية التي لا يستخدمها إلا المصريون ومرضي التأمين الصحي فهي رديئة التصنيع وتلك الحقيقة نعلمها جميعًا إلا اثنين هما الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والدكتور كمال صبرة مساعده لشئون الدواء فالاثنان يتحدثان عن الدواء المصري دون أن يجرباه لأنهما إذا كانا فعلا نفس التجربة التي قمت بها أنا والمريض البسيط لما ظل هذا الدواء المصري موجودا إلي وقتنا هذا ولما أعلن الوزير أكثر من مرة عن جودة الدواء المصري ومنافسته للدواء الأجنبي فكيف لهذا الدواء الذي يتناوله مريض التأمين الصحي أن ينافس الأجنبي أو يتم تصديره للخارج فأنا لن اتطرق للمقارنة بين الدواء المصري ونظيره الأجنبي فهذا الأمر في غاية التعقيد فالأمور تسير هنا تحت مظلة العلاقات والبيزنس للأسف استحدث وزير الصحة منصبا جديدا لم يكن موجودا من قبل وهو مساعد وزير الصحة لشئون الدواء وحضر الدكتور كمال صبرة من الخارج ليتولي المنصب وفي أول مؤتمر صحفي لمساعد الوزير الجديد أكد أنه غير سعيد بالمنصب وذلك لأنه لن يتقاضي نفس الأموال التي كان يتقاضاها بالخارج ولم أجد أي تطوير في قطاع الدواء بعد أن تولي المساعد مهامه إلا في تغيير المبني الخاص بالإدارة المركزية للدواء في المنيل. وأنا أعلم أن المساعد لا يتكلم اللغة العربية بشكل جيد نظرًا لوجوده سنوات طويلة في أوروبا والبلاد المتقدمة ولكنه يفهم الكلام العربي جيدًا فأدعوه لمشاهدة فيلم حياة أو موت مع ضرورة تكرار المشهد الذي يحرص فيه أحد أفراد الحكومة علي حماية مواطن واحد فقط من تناول دواء فيه سم ويحاول الدكتور صبرة أن يكرر المشهد ولكن مع مجموعة من المواطنين لا يملكون حق شراء الدواء الأجنبي.