محظوظون هم من يملكون القدرة علي التعبير عن مشاعرهم، فالبعض تعجز كلماته عن وصف أرقي المشاعر الإنسانية والبعض يعتقد أن وصفها يهدر من قيمتها الحقيقية.. وعندئذ عليه أن يلزم الصمت. هكذا جرت الكلمات علي لسان د. نادية جاد الرب الأستاذ بالمركز القومي للبحوث عندما شرعت تتحدث عن صديقاتها الثلاث.. سلوي وهالة وكريمة فتقول إن مقولة «رب أخ لم تلده أمك» تنطبق علي علاقاتها بالثلاث، فهن حقاً أخوات لها في السراء والضراء جمعتهن ظروف العمل في مجال البحث العلمي إلا أن علاقتهن لم تكن عابرة وطدتها روابط الصداقة التي لا انفصام فيها، فثلاثتهن تجمعهن مبادئ وقيم وأخلاق. أول ما جذبها لشخص د. سلوي عندما التقت بها لأول مرة في المعمل أنها شخصية تتسم بالهدوء والعقلانية وعندما رأت منها علامات الضيق فطنت إلي أنها تتعرض إلي مضايقات في عملها وإجراءاته لا تتلاءم مع مبادئها، فأخبرتها أن ما نتعرض له في الحياة من مواقف صعبة هو اختبارات لما نؤمن به من مبادئ وأنه لابد وأن يعوضنا الله عنها بما هو أفضل لنا.. لذا علينا أن نتحملها ونصبر تكمل قائلة: منذ ذاك الوقت صرنا صديقتين ليست صداقة عادية فكلتانا يشعر بالأخري إذا ما كانت في حاجة إليها فعندما وقع لي حادث وكسرت قدمي لم أخبرها وأوصيت الجميع بألا يفعل إلا أنها علمت بالأمر عند اتصالها وأنبأتني عن مخاوفها إذا ما أصابني سوء. هنا تقول د. سلوي الحبشي عبد الفتاح «باحث بمركز البحوث الزراعية» أنها ربما لا تسنح لها الفرصة بلقاء د. نادية بشكل منتظم إلا أنها منذ حضرت إلي المركز للإعداد لرسالة الدكتوراة عام 1993 والصداقة التي نشأت بينهما آنذاك جعلت بينهما علاقة روحية فكلتاهما حقاً تشعر بالأخري ففي أحلك الظروف التي تعرضت لها د.سلوي كانت د. نادية تلازمها كتفاً بكتف وتشعر بضيقها إذا ما تعرضت لأزمة مثل موت والدها إذ كانت نادية تعاني من آلام الكسر في إحدي قدميها ومع ذلك لم تتردد في الذهاب إليها كذلك عندما توفيت شقيقتها بعدها بفترة قصيرة. وتؤكد د. سلوي أن صديقتها د. نادية جاد الرب إنسانة مثابرة لا يعلو صوتها إلا في الحق وعلي الرغم من المعاناة التي لاقتها أثناء الإعداد لدراستها العليا إلا أنها لم تسئ بكلمة لأحد من أساتذتها بعد حصولها علي درجة الدكتوراة وإنما دائماً تتحدث عنهم بمنتهي الصدق والولاء لهم مهما أساءوا. أما د. هالة أحمد قنديل الباحثة بقسم تغذية النبات فتقول عن أول لقاء لها بدكتورة نادية إنه كان عام 1998 بعد عودتها من إجازة رعاية الطفل وقد كانت قبلها في جامعة الإسكندرية وعندما عادت إلي معامل المركز القومي للبحوث تعرفت إلي د.نادية وفي فترة قصيرة جداً تحولت زمالة العمل إلي صداقة فأخوة حقيقية ولها معها العديد والعديد من الذكريات والمواقف التي جمعتهما كأختين فأثناء حملها كانت د. نادية تخشي عليها من عملها في المعمل نظراً لنوعية العينات التي تتعامل معها من مخلفات الصرف الصحي فكانت تقوم ببعضها أو تستكمل في أحدها نيابة عنها ومع ميلاد إسلام أصغر أبنائها ظهرت مشكلة جديدة فهي لابد من أن تستكمل سيمنار الترم الثاني أو تضطر للتأجيل إلي العام الذي يليه في حين أن طفلها لم يكن مكتمل النمو وبحاجة إلي رعاية أمه فأخبرتها د. نادية أنها يمكنها الاعتماد عليها في ذلك وظلت ترافقها حينما ذهبت لترعي إسلام حتي أنها كانت تنتظرها معه في حديقة الكلية حتي تنهي عملها. وتؤكد د. هالة أنها ود. نادية لهما نفس الفكر والآراء لذا فإن كلاً منا وجدت بغيتها في الأخري.. أما د. نادية فتقول إنها كانت تتعامل معها في البداية بحذر ولكنها كانت شخصية تلقائية تتعامل بجدية فلم يكن هناك داع لوجود حواجز فتحولت زمالة العمل إلي صداقة امتدت إلي منزل كل واحدة منهن. كذلك الأمر بالنسبة لكريمة عبد الوهاب «سكرتيرة بالمركز القومي للبحوث» والتي تقول عنها إن لديها أربع أخوات ود. نادية هي الخامسة فهي أكثرهن سعة الصدر ورجاحة العقل إذا ما وقعت لها مشكلة تنصت إليها ثم تبدأ في وضع الحلول وما إن تخرج من مكتبها حتي تتساءل عن أي أمر ذهبت لتشكوه إليها.