حقيقة نوري باشا إزاء مصر يقول هيكل: "الزيارة لم تنجح، لكن بعد كده بدا أن الوضع في مصر ثبَّت خطاه ثبَّت مواقعه وقدَّر بيعمل إيه ووصل لاتفاقية أولي مع الإنجليز جاهزة للتوقيع النهائي، الأولي كانت عسكرية بس تمس الجانب العسكري وهو الترتيبات الجلاء والكلام ده كله والتوقيتات فيه وعشان كده مضاها وزير الحربية أنطوني ناتينج مع جمال عبدالناصر، الثانية كانت شاملة أكثر من كده إنه علي الود وعلي الصداقة والتعاون في علاقات طيبة مع إنجلترا وإنه الاحتلال لن يترك أثرا، الكلام السياسي اللي بيغطي الحقائق ودية مضاها أنطوني ناتينج وزير الدولة للشؤون الخارجية، فبدأ إنه هنا فيه المواعيد بتقترب، بدأ إنه فيه أولاَ أشياء تحددت وبعدين بدأ الإنجليز هيطلعوا وبدأ إن فيه المعاد اللي كنت بأقول عليه وبألح عليه باستمرار القادم حيث يقل التهديد وتزيد الإرادة راح جاي في السكة وبالتالي جاء.." (نص هيكل). أصحح معلوماتك يا هيكل أن انتوني ناتينغ كان وزير دولة للشؤون الخارجية ولم يكن وزيرا للدفاع وقت ذاك.. إن الوثائق القومية البريطانية تخبرنا، وخصوصا أوراق السير جارلس ارثر مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الاوسط قبل مشكلة السويس عام 1956، بأن لرئيس وزراء العراق نوري السعيد دور أساسي في توقيع اتفاقية عبد الناصر ناتينغ حول جلاء القوات البريطانية، وخصوصا بعد أن حل عبد الناصر في السلطة عام 1954، فكان يوم 19 تشرين الاول / أكتوبر 1954 حين تمّ التوقيع علي المعاهدة من قبل عبدالناصر وناتينغ ولمدة سبع سنوات. وقد كتب جارلس آرثر في أوراقه بأن الباشا نوري السعيد كان يعشق مصر عشقا لا حدود له، ودوما ما يستشهد بمصر ومكانتها في العالم، وكانت تربطه منذ عشرات السنين علاقات خاصة بالزعماء المصريين، ويزور مصر دوما، وقد تزّوج ابنه الوحيد صباح من إحدي النبيلات المصريات، وتسمّت بالسيدة عصمت السعيد. نعم يا هيكل، السيدة عصمت السعيد زوجة الطيار العراقي الشهير صباح نوري السعيد التي كنت قد التقيت معها في لندن لمرتين في العامين 1984 و1985، وحكت لي بمصريتها الرائعة المشوبة ببعض الكلمات العراقية كم كان الباشا نوري السعيد يعشق مصر والمصريين، وقد كتبت كتابها المعروف: نوري السعيد: رجل الدولة والإنسان.. وكانت قد تحدثت لي، كما أشرت إلي ذلك في أكثر من مكان إلي ما كان من تجاوزات وتدخلات سافرة علي عهد عبدالناصر في الخمسينيات ضد العراق وضد سياسة نوري السعيد.. وكم وددت منك يا هيكل أن تطلع فقط علي ما كتب عن نوري السعيد وفلسفته السياسية وموقفه من مصر قبل أن تنال منه كثيرا طوال خمسين سنة. دعوني أحاور الأستاذ هيكل نقطة بعد نقطة حتي لا يضيع علينا " الموضوع " أصلا: 1/ الأسرة الهاشمية المالكة في العراق نتابع مع هيكل قوله: ".. الأمير عبد الإله جاء هنا يوم 8 يوليو جاء وقابل جمال عبدالناصر وقال له.. سأله علي الهاشميين وذَكَر رأيه فيهم وأنا حكيت علي ده من قبل لكن الأمير عبد الإله كان هنا عاوز والأسرة المالكة بصفة عامة كانت عاوزة أيضاً تأخذ مصر وتأخذ النظام الجديد في مصر لا ينحاز إلي جانب السعوديين ده في ذهنهم وعلي أي حال مش عايزين سوء تفاهم فيما يبدو بين مصر والعراق وبالتالي فهم جايين.. والأمير عبد الإله الواصي وحتي باسم الأسرة وهو خال الملك فيصل الصغير الشاب الصبي في ذلك الوقت وشقيق الملكة نفيسة والدته وزوجة الملك غازي .. " (نص هيكل). نفهم يا هيكل أن الأمير عبد الاله وصل إلي مصر وقابل عبد الناصر.. من قال للآخر؟ من سأل عن الهاشميين؟ من ذكر رأيه فيهم؟ هل عبدالاله أم عبدالناصر؟ إذا كان عبد الاله عاوز أن لا يذهب النظام الجديد في مصر منحازا إلي جانب السعوديين، فما علاقة الأسرة المالكة العراقية كلها بذلك؟ وهل تعتقد أن سوء التفاهم الذي حصل بين العراق ومصر سببه انحياز مصر نحو السعوديين؟ هل تعتقد أن الأمير عبد الاله كان يتكلم باسم ابن اخته الملك فيصل الثاني الذي كان قد تسلم سلطاته الدستورية عام 1952، وهل تعتقد أن الأمير عبدالاله كان من الخفة بمكان أن يطلب من رئيس نظام جديد في مصر لم يمض في السلطة العليا إلا شهورا، وهو ضابط لم يزل بملابسه العسكرية مثل هذا الطلب ؟ وهل هناك أي مصدر موثوق يشير إلي مثل هذه المقابلة بين الزعيمين ؟ أعرف أن عبد الاله خال الملك فيصل الثاني، لكن الأخير لم يبق طفلا صغيرا، فهو لم يكن صبيا كما ذكرت، بل كان شابا في مقتبل العمر ! ولم يكن الامير عبد الاله شقيقا للملكة نفيسة ، بل كانت الأخيرة هي أمه زوجة الملك علي ملك الحجاز وابن الشريف حسين.. والملكة نفيسة لم تكن والدة فيصل الثاني، وليست زوجة الملك غازي، بل كانت جدة فيصل الثاني وحماة أبيه غازي الأول. أن ابنتها الملكة عاليه هي أخت عبد الاله وأم فيصل الثاني وزوجة غازي.. متمنيا عليك أن لا تخطئ مرة أخري في مثل هكذا معلومات بسيطة.. ولكن ثمة عرفا بين المؤرخين المحترفين.. أن من تزيد أخطاؤه الصغيرة، تتضخم جناياته الكبيرة بحق التاريخ. ولكنك لست مؤرخا يا عم هيكل. 2/ الظنون لا تصبح حقائق يستمر هيكل في صنع حكايا مترجما ظنونه إلي حقائق ليقول عن عبد الاله: "وجاي يقول إنه إحنا لن نسمح بأن يكون العراق متآمرا ضد مصر وأنا إذا أحسست بحاجة هأقول لكم وبالفعل بدأ يبعث في مصر أشياء عن الحاجات اللي كان بيعملها محمود أبوالفتح واللي بيقولها أستاذ محمود أبو الفتح إلي آخره وهنا الأمير كان بيفرق بين ما يخص أمن العراق فيما أظن وبين ما يخص استعداد أطراف في العراق زي النوري باشا إنهم يشتغلوا بشكل ما ضد الأوضاع في مصر وده كان موجود.. يعني كان مطروح في العلاقات مع الأسف الشديد يعني، لكنه هنا عبد الإله حب يعمل خط فاصل، بعدين مشيت الأمور بشكل معين .. " (نص هيكل). يعني الأمير عبد الاله أصبح بقدرة قادر مخبرا سريا لمصر، في تأكيد هيكل أن الأمير بالفعل بدأ يبعث في مصر أشياء .. إلخ هل كان عبد الاله بهذه الخفة يا هيكل حتي تصنع منه مخبرا سريا لجمال عبد الناصر؟ هل وصل الأمر بالسيد هيكل أن يخلط الأوراق بعضها بالآخر من دون أي حساب لنقد الآخرين وتدقيقاتهم؟ من أين أتيت بهذه المعلومات؟ إنني أطالبك مرة بعد أخري أن تثبت لنا المصدر الذي أخذت مثل هذه المعلومة منه؟ هذا طعن بزعيم عراقي اتفقنا معه نحن العراقيين أم اختلفنا! وكل العراقيين يدركون وأغلبهم كان يكره اسم عبد الاله، إن الرجل كان ثقيلا جدا، وليس مهرجا أو سمسارا أو جاسوسا.. قل أو كما قلتم ووصفتموه بشتي تهم الخيانة والعمالة في صوت العرب، لكنه لم يكن يمّثل أي اتجاه سياسي محدد عدا ذاك الذي ترسمه الدولة العراقية، أو بالمختصر المفيد، ما يقول به الباشا نوري السعيد. فأي خط فاصل؟ أي مطروح في العلاقات؟ أن هيكل يثبت يوما بعد آخر أنه أكبر مخرب لتاريخ العرب المعاصر، وأنه قد جني ولم يزل علي كل حياتنا السياسية بمثل هذه الأكاذيب التي لا أساس لها من الصحة. 3/ جواب السفير عطا عبدالوهاب لما عجزت أن أجد هكذا معلومة كاذبة عن لقاء الأمير عبد الاله بالرئيس جمال عبدالناصر، لجأت الي كتابة رسالة شخصية خاصة إلي الأستاذ السفير عطا عبدالوهاب المقيم في عمّان بالأردن اليوم، وكان قد شغل منصب السكرتير الخاص للأمير عبد الاله في البلاط الملكي العراقي إبان الخمسينيات، وكان الرجل قد كتب ونشر عدة كتب، ومنها كتابه: الأمير عبدالاله : صورة قلمية، بيروت، 2002 . قلت في رسالتي اليه النص التالي: عزيزي سعادة السفير الاستاذ عطا عبد الوهاب المحترم تحية صادقة أتمني أن تكونوا بصحة وعافية لدي سؤال عاجل جدا عسي أجد عندكم جوابه راجيا أن تعلمني به علي جناح السرعة مع الشكر والتقدير، وسأثبت مرجع توثيق المعلومة باسمكم. سيدي: من خلال عملي في نقد أحاديث السيد محمد حسنين هيكل علي قناة الجزيرة والتي انشرها تباعا في مصر علي صفحات روزاليوسف الغراء ، ككتاب سينشر في السنة القادمة بعنوان " بقايا هيكل ".. وقفت عند كذبة او حقيقة لم أجدها في اي مصدر ذلك ان الامير عبد الاله ، قد زار مصر في 8 يوليو 1954 والتقي الرئيس جمال عبد الناصر وحكي له عن الهاشميين وطلب منه ان لا تنحاز مصر مع السعوديين.. وأن عبد الاله سيكون عينا علي مصر وسينقل اليها اخبار المعارضين المصريين للنظام الجديد.. سؤالي عزيزي : هل هناك صحة لهذه الحكايات ام انها مجرد افتراءات علي عبد الاله ؟ واذا كان عبد الاله يزور مترددا علي مصر دائما ، فهل زار عبد الناصر ، وبأية صفة رسمية ، اذ لم اعرف ان مصر قد وجهت دعوة رسمية للامير عبد الاله . دمتم ذخرا وتحياتي ثانية الي استاذنا الكبير عطا ، وإلي كل الأصدقاء. مع الشكر والتقدير. سيار الجميل أجابني الأستاذ عطا عبدالوهاب بالجواب التالي: عزيزي الدكتور سيار تحية طيبة وبعد أشكركم علي رسالتكم الكريمة، وأود الإجابة بالتالي: أؤكد لكم ذلك أنني لم أعلم أبدا عن أي اجتماع حدث بين الأمير عبد الاله وبين عبدالناصر . وأن الأمير عبدالاله كان دائم التردد علي القاهرة في مناسبات عديدة خلال الاربعينيات والخمسينيات، ولضرورات شخصية، ومنها جزء من ترتيبات زفافه بإحدي الأميرات المصريات. أنني امتلك تفاصيل واسعة عن حياة الامير عبدالاله إبان الخمسينيات.. المخلص عطا عبدالوهاب تقييم تاريخي للعلاقات المصرية العراقية حتي 1958 كان كل من العراق ومصر يجد نفسه يستقطب المنطقة كلها منذ الحرب العالمية الثانية، وكان نوري السعيد يري في نفسه وريثا لتاريخ عثماني قديم، ومساهما في تجديد ما اسمي ب" النهضة العربية"، وأنه هو الأولي بالزعامة القومية من غيره، وأن ليس هناك بيت من البيوتات المالكة العربية قدّم من حروب للتحرر من النير التركي كما كانوا يسمونه ، وأن البيت الهاشمي الذي يقف علي رأسه الأمير عبد الاله هو الذي قدّم للعراق اكثر مما كان سيقدّمه غيره علي حد زعم تفكير الباشا نوري السعيد .. بقي هذا " التفكير " يلازمه حتي اخر لحظة من حياته مع تغير في التوجهات ليس منذ خروجه من تجربة 1941، بل منذ بدأ يري أن العراق لا يمكنه ان يحيا بلا استراتيجية الأعماق فمركزه ودواخله بحاجة إلي أطراف، وهذه الأطراف لا توجد كلها في البلدان العربية ، بل أيضا في كل من إيران وتركيا. هنا تكمن تعقيدات العراق الدائمة، إذ لم يدركها العقلاء إلا مؤخرا، عندما رأوا ما حل بالعراق. كنت أتمني علي هيكل أن يكون نزيها في بحث العلاقة العراقية المصرية، وأن لا يتخذ أو يلتزم وجهة نظر واحدة كما سنري في معالجتنا حلف بغداد في حلقات قادمة ، بل عليه أن يناقش ويستفيد من وجهات نظر متعددة لمصريين وعراقيين معا. ومن الطبيعي، أن سياسيا مخضرما مثل الباشا نوري أو شخصية مميزّة ممثلة لبيت هاشمي عريق حاكم مثل الأمير عبد الاله سيكون قد كوّن رأيه المضاد للانقلاب الذي جري بمصر 1952 . نعم ، لقد نظر كل منهما الي الضباط المصريين الجدد شبابا لا خبرة سياسية او ادارية مدنية لديهم ، خصوصا ان اعمارهم ( باستثناء اللواء نجيب ) كانت تتراوح بين 30 و35 في حين تجاوز الباشا 70 من العمر. إن الشك في الثورة المصرية لم يقتصر علي كبار المسئولين العراقيين، بل شملت قطاعات واسعة من المثقفين والسياسيين والصحفيين العراقيين ، ليس لكونها قد غيرت طبيعة نظام الحكم من ملكي الي جمهوري ، بل لأن الشكوك دارت حول طبيعة الحدث ومن يختبيء وراءه ! لقد اتهمت في بدايتها كونها انقلابا ذا هوية امريكية ! وينبغي ان ندرك ، وهذا يعرفه هيكل جيدا ان هناك نوعاً من المنافسة علي الزعامة العربية بين العراق ومصر عهد ذاك ، اذ شهدنا نشوب عدة معارك اعلامية بين الحكومتين العراقية والمصرية بعد 23 يوليو 1952 من خلال الراديو والصحف السياسية اليومية ، وكيف سمي صلاح سالم ب " الصاغ الأعمي " كونه لم يكن ينزع النظارة السوداء من عيونه ! ناهيكم عن ان شيوخ السياسة العراقيين الهرمين نظروا الي مجموعة الضباط العسكريين الصغار نظرة استهانة كونهم غير مؤهلين لقيادة مصر ، وهي اكبر بلد عربي ولها مركزيتها الجغرافية الحديثة . لقد نظر نوري السعيد الي نفسه بعد زوال اقطاب السياسة المصرية القديمة علي عهد فاروق كونه خير من يستطيع ان يقود ليس العرب لوحدهم ، بل كل منطقة الشرق الاوسط نحو المستقبل .. وفاته ان ينظر الي متغيرات الحياة الجديدة التي كانت تسود في العالم . صحيح انه بدأ ينظر الي المارد الاميركي الجديد كونه سيسد الفراغات في المنطقة .. فكان ان شخص بسياسته العراقية نحو الاميركان ، ولكنه بقي في داخل المنطقة يتّصرف بمنطق الباشا الهرم ، اذ كثيرا ما يعلن انه صاحب الخبرة والتاريخ والتجربة ! ومن دون شك ، كان يعتور زعماء العراق القدماء هواجس شتي من خلال ما حدث في مصر عام 1952، كي يحدث ما يشبه ذلك في العراق .. وكان الامير عبد الاله يتخوف ويتطاير شؤما من ذلك ، اكثر بكثير من الباشا نوري السعيد الذي كان مطمئنا لقادة الجيش العراقي باعتبارهم اولاده جميعا تربوا في مدرسته ، ونهلوا من افكاره .. وكان واثقا من قوة نظام الحكم في العراق لدرجة انه صّرح لأكثر من مرة بأن " دار السيد مأمونة " ! ويقصد بها العراق. طريقان : طريق الباشا وطريق الرّيس قبل ان اعالج في حلقة قادمة موضوع حلف بغداد ودور الصاغ صلاح سالم ، دعوني اتوقف قليلا عند كتاب الصحفي المخضرم ناصر الدين النشاشيبي وعنوانه " ماذا جري في الشرق الأوسط؟" ( بيروت : المكتب التجاري ، 1962 )، والذي يوجز لنا فيه ، تلك الصورة القاتمة التي صُور بها الباشا نوري السعيد، وهي الصورة التي ترسخت في عقول الناس حتي يومنا هذا سواء علي أيدي الشيوعيين وهم الاعداء الألداء له ، او علي ايدي الناصريين والبعثيين والماركسيين التقدميين والحركيين الثوريين .. يقول النشاشيبي: " فقد كان في وسع نوري أن يعطي العراق كثيراً.. ويعطي العرب كثيراً.. ويعطي الشرق الأوسط كله كثيراً، لو أنه عمل من أجل العرب بقدر ما أراد أن يعمل من أجل بغداد، وعمل من أجل بغداد، بقدر ما عمل من أجل نفسه، وعمل من أجل نفسه بقدر ما أراد أن يعمل من أجل.. بريطانيا!" (ص 67). لقد كتب النشاشيبي ذلك عندما كان يعمل في جريدة اخبار اليوم المصرية، ولكن بعد مضي سنوات ، بدأ يعيد التفكير، منتقدا هيكل نقدا مبرحا علي ما يكتبه ويذيعه ويسوقه .. بل وبدأت اقرأ للنشاشيبي في صحف عدة ، ومنها الشرق الاوسط اللندنية، أن الرجل اخذ ينصف الباشا نوري السعيد، بل وكتب انه كان برفقة الصاغ صلاح سالم في ذهابه الي العراق ليجتمع بالأقطاب العراقيين ، فسمع عن الباشا نفسه بأن الرئيس عبد الناصر هو الذي يلح بطلب الالتقاء بالباشا أولا، وأن الصاغ صلاح سالم همس في اذنه قائلا، وهو يرد علي سؤال عن حلف بغداد، انه يري هذا الحلف افضل بكثير من معاهدة الضمان العربي .. إن موضوع حلف بغداد سيكون محور حلقتنا القادمة .. ويبقي السؤال مطروحا علي هيكل الذي لا نعرف حتي الان موقفه من تاريخ الباشا نوري السعيد بالرغم من اعترافه انه اعاد النظر في ذلك ، وان وجهة نظره قد غيرها تجاه الباشا .. أسأل : هل فعلاً كان نوري السعيد عميلا لغيره أكثر من خدمة العراق وخدمة قضايا المنطقة ؟ ؟ وهل فعلاً كان نوري السعيد قد هتك شريعة الامة العربية عندما وجد مصالح العراق تتلاقي أمنيا واقتصاديا مع تركيا وايران ؟ هل خان الامة العربية المجيدة عندما استغل موارد العراق لاعمار بلاده ؟ هل كان نوري السعيد فعلاً معادياً ومتآمراً علي العرب وقضيتهم الكبري في فلسطين ؟ وفي النهاية، هل كان نوري السعيد ديكتاتوراً، ظالماً، باطشاً، غشوماً، كما صورته بروبغندا من جاء بعده من دعاة الديموقراطية والعدل شعاراً كما سئل السؤال نفسه الاخ بسام الخوري في واحدة من مقالاته؟ انتظروا الحلقة المقبلة ü الكاتب.. مفكر عربي عراقي مقيم في كندا وأستاذ في جامعات عربية وأمريكية