قبل حلول الأول من أبريل بأيام، انطلقت الكذبة قبل موعدها، ومع شديد الأسف، نشرتها صحيفة صباحية ، حيث نشرت نبأ ظهور «جنية» حابس.. حابس في مدرسة ابتدائية مشتركة هي مدرسة كفر عبد العزيز الابتدائية، بأحد أحياء الزقازيق في محافظة الشرقية - بلد الشجاع أحمد عرابي مفجر الثورة العرابية، ومن مفارقات القدر أنه لا توجد ثورة جنية عفريتية، بل إن كل القائمين علي الأفعال الشجاعة هم من بني الإنسان - مجرد ملاحظة، دون تعليق من قيادات المدرسة ولا الوزارة التي من واجبها محاربة الجهل والخرافة والشائعات التي تهدم ولا تبني. مع تسليمنا التام بكل الثوابت الدينية التي لم تذكر تجسد عفريتة في زي «المنقبات» كما يقول الخبر.. لأ وإيه.. شعرها أصفر كمان، يعني مستوردة.. في حين لم يذكر أحد اللغة التي تتكلم بها العفرينة. ويتحدث الخبر عن إغماءات وهروب جماعي للتلاميذ، بما يكرس تأكيد الخبر، وكل الحكاية أن ولد عفريت من تلاميذ المدرسة، كان عايز يزوغ، ولأنه أذكي من الجميع، فقد صاح في وجوههم متأثرا بفيلم عفريتة هانم: عفريتة.. عفريتة.. فخاف الجميع.. وفتحوا أبواب المدرسة؟ وقد توصلت إلي موبايل عفريتة الزقازيق، وسألتها عن سر اختيار الزقازيق دونن عن بقية بلاد الله؟ فقالت: عايزة أشوف بلد عرابي ده اللي خوف إنجليز خبيبي.. وأقولهم "بخ"! قلت تقولين "خبيبي"، إذا انت خوجاية؟ مش حرام عليكي تخضي أطفال؟ قالت: دول همة اللي خوفوني ولاد أبالسة.. وبعدين أنا طفلة زيهم.. عمري تلات سنين ونص..بس جسمي فاير/ وعايزة إيه دلوقت؟ عايزة الباروكة بتاعتي والساندوتش..العيال بهدلوني خبيبي/ باي.. باي/واهو كده بالحوار الراقي نقدر نكسب العفاريت مهما كانت جنسيتهم أو لون شعرهم! وفي يوم (واحد أبريل)، وربما كان هو المناسبة التي جاء الخبر في سياقها..قولوا آمين.. وهو عيد طريف وغريب، فهو لا يحلو إلا بالكذب، وهناك ناس يتفننون قبل المناسبة بأسابيع للتفكير في كذبة محبوكة، أو مقلب (يوضبه) لأقرب الناس، وقد عشت هذا الجو بالقرب من أهل الفن، وأشهد أنهم الأفضل في (حبك) المقلب! والطريف أن السينما المصرية انتبهت إلي هذه المناسبة، واحتفت بها احتفاء بالغًا؛ حيث تناولتها في عدد من أفلامها، فضلا عن ترحابها الشديد بتناول فكرة (الكذب) في حد ذاتها، وما يسببه من مفارقات كوميدية ودرامية. مثلا.. الممثلة الشابة (د) اتصلت بعدد كبير من النجمات والنجوم الشباب أصدقائها، ودعتهم إلي حفل كبير في منزلها في نفس اليوم، وكلما استجاب لها أحدهم، كانت تعلم أمام اسمه ( صح ) في نوتة صغيرة في يدها، وهذه في حد ذاتها، مشاعر طيبة من جانبها تجاه أصدقائها ، ولكن هذا لمن لا يعلم أنها كانت تجري مكالماتها مع أصحابها من صالة السفر رقم (اتنين) قبل إقلاع طائرتها المتجهة إلي العاصمة السورية دمشق! وفي أحد أيام الأول من أبريل، كنت في منزل فنان معروف جدا، ومحبوب جدا، وقد طلب من العبد لله، أن يساعده في ابتكار مقلب (قبل اليوم مايضيع عليه)، ولا أنكر أن الفكرة قد استهوتني، بل استغرقتني، ورحت أفكر وأفكر، وكلما أتيت بفكرة يحبطني بأنه فعلها - هو أو غيره - منذ سنوات! وفجأة دق جرس الهاتف المنزلي الخاص بالنجم، وإذا بالمتحدث زميل صحفي رياضي يسأل عن الكابتن ..... (أي أن النمرة غلط) وإذا بوجه الفنان يتهلل من الفرحة، بعد أن أخبر المتكلم بأنه هو الكابتن المطلوب، وبدأ الزميل يسأل الخبير الكروي المرموق عن رأيه في فريق كروي كبير مهزوم، والموضوع غاية في الحساسية بالنسبة للكابتن بسبب منصب سابق له، ومما ساعد علي استكمال الكذبة أن الصحفي الشاب لم يتعرف علي صاحب الصوت، ، حيث انطلق في تصريحات مرعبة كفيلة بإشعال النيران (!) وتوقعت أن تكون النتيجة كارثية.. أصارحكم أن قلبي لم يطاوعني. وبالفعل اتصلنا بالزميل في صحيفته، وتدخلنا في الوقت المناسب لمنع النشر وايقاف اخطر كذبات أبريل وأخبرناه أن كل ما حصل عليه من تصريحات مثيرة مصدرها الفنان................................. والطريف أن هذا الصحفي تحول إلي صديق لكلينا، وأنه أوكل إليه التفكير في مقلب العام التالي! ومن جانبي ، أري أنه مفيش مانع يعني يبقي لينا يومين في الشهر نكذب فيهما، وسوف يكون من المناسب أن يكون أحد هذين اليومين هو يوم قبض المرتب، بحيث يتاح لنا أن " نخنصر " متين جنيه لزوم المعسل، وفي اليوم الثاني الذي يسمح لنا فيه بالكذب برضه، نعلن أمام زوجاتنا ...... أن المرتب خلص! وإذا كان ولابد لازم يعني يوم واحد، فالرجا تحريكه إلي الأول من يوليو من كل عام، حتي يمكننا أن ننفي وجود علاوات، خاصة أمام حبايبنا: الجزارجي والخضارجي والبوابجي ! مع تحياتي : طاهر البهي.. مدير وكالة ناسا للفضاء. كل كذبة وأنتم طيبون.. وأنتظر معكم نبأ الإعلان عن خلو الزقازيق من جميع أطياف الجنيات: البيض والحمر والزرق.. وإعادة فتح المدرسة المذكورة أمام العيال العفاريت الذين نجحوا في إقناع مدرسيهم بوجود عفاريت غيرهم!