أثارت الدراسة التي عرضتها "روز اليوسف" يوم الاحد الماضي حول فرعونية الاسكندرية جدلا واسعاً بين اساتذة الآثار والتاريخ وردود افعال متباينة. الدكتور اشرف فراج عميد كلية الآداب جامعة الاسكندرية قال ان "عروس البحر" يونانية ولم يكن لها وجود كمنطقة سكنية او مدينة عمرانية قبل مجيء الاسكندر المقدوني مشدداً علي ان تأصيل الاسكندرية فرعونياً يعد مخالفة لاصول البحث العلمي. مدينة الصعيد وأكد الدكتور ابراهيم السايح استاذ التاريخ اليوناني بكلية الآداب جامعة الزقازيق ان ما يميز الاسكندرية حتي الآن ويعطيها روحاً ورونقاً مختلفا عن سائر المدن المصرية انها مدينة "يونانية" مشيراً الي ان الاصل القديم للمدينة ليس له علاقة بالإسكندرية وانما كانت مدينة للصيد أما المدينة التي انشأها الاسكندر المقدوني فقد بدأت من المنشية وضمت الازاريطة والحي اللاتيني. كوزمو بوليتانيه وأضاف "السايح" ان هذه المناطق حتي الان تحمل ملامح "كوزمو بوليتانيه" بكل ما تمثله من انفتاح وتحضر وتقبل لجميع الحضارات مبرهناً علي ذلك بإستمرار سكانها في حمل هذه الملامح رغم كل المتغيرات حيث توارثوها عن اجدادهم القدماء فنجدهم يبعدون تماما عن التعصب والتطرف. وأشار "استاذ التاريخ الروماني" الي ان طبيعة الشخصية السكندرية تحمل طابع وروح الحضارة اليونانية العاشقة للحياة في الوقت الذي ترك فيه الفراعنة حضارة تقدس الموت وتحترمه بدليل اهتمامهم ببناء "الاهرامات والمعابد الجنائزية" والتي تخلو الاسكندرية منها. واوضح "السايح" ان خلو الاسكندرية من مظاهر الفرعونية وعدم مشابهتها للمدن المصرية القديمة وبنائها بطابع معماري وحضاري مختلف عن سائر المدن الاخري يؤكد يونانيتها مطالباً بالدخول في مناظرة علمية مع الباحثة معدة الدراسة ليؤكد لها يونانية "الثغر". راقودة الصيد واكد الدكتور محمد عبد الغني رئيس قسم الاثار اليونانية والرومانية بكلية الاداب جامعة الاسكندرية ان نظرية "فرعونية الثغر" تحوي جزءاً من الصحة يتمثل في كونها ارضاً مصرية خاصة وان "راقودة الصيد" التي انشئت عليها الاسكندرية كانت قرية مصرية علي الساحل الشمالي وتحت السلطة الفرعونية وكذلك جزيرة "فاروس". وأضاف : اما الاسكندرية كمدينة فقد انشأها الاسكندر المقدوني بعد ان اعجب بعبقرية المكان لتكتسب المدينة اهميتها الحضارية والتاريخية وتصبح ذات شأن سياسي واقتصادي وحضاري لم يعرف قبل الاسكندر بإعتبارها عاصمة تقرب بين مصر واليونان. وقال "عبد الغني" ان الاسكندرية القديمة تضمنت جزيرة فاروس او "الانفوشي ورأس التين" حاليا والساحل الذي يفصل بين البحر المتوسط وبحيرة مريوط وتم تقسيمها الي خمسة احياء سميت بالحروف الابجدية اليونانية القديمة فيما اطلق علي قرية "راقودة" اسم الحي المصري الذي كان يشهد تجمع الصيادين اما الحي الرابع في "الابراهيمية وكامب شيزار" فكان اغلب سكانه من اليهود. حاميات عسكرية فيما يري الدكتور اشرف عبد الرؤوف الأثري بادارة الآثار الغارقة ان "الاسكندر" لم ينشئ الإسكندرية لكنه استفاد من الموقع وقام بتطويره بعد ان كان يقطنه من الصيادين لقربه علي الساحل مؤكداً ان المصريين القدماء لم يتركوها دون تحصينات وحاميات عسكرية خاصة في ظل موقعها المتميز كمنفذ لفرع النيل علي البحر المتوسط حيث كان الفراعنة يهتمون بتحصين هذا المصب. وقال "عبد الرؤوف" ان الإسكندرية ظهرت في العصر اليوناني ولكنها كانت موجودة منذ الفراعنة وتحمل اسم "رع قدت " مؤكداً ان الاكتشافات الاثرية في البحر يمكن ان تعطي معلومات جديدة للباحثين عن المدينه القديمة وشكلها وطبيعه الحياة فيها خاصة وان مياه المتوسط مازالت تخفي الكثير من الآثار الغارقة التي تحفظ الجزء المفقود من الحضارة القديمة. اما الدكتورة مني حجاج الاستاذة بقسم الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية فاكدت وجود عروس البحر قبل الاسكندر بدليل الآثار التي تم اكتشافها مؤخراً بالمدينة ومنها مبني ضخم يضم مئات التماثيل للالهة "باستت" مما يؤكد وجود حياة قبل عصر بطليموس الثالث الذي اقيم خلاله معبد لهذه الالهة. حي الملكي وأضافت "حجاج" ان هذا المعبد بني في الحي الملكي الذي كانت تؤكد الدراسات السابقة عدم وجود حياة للمصريين فيه وانهم استقروا فقط في الحي المصري موضحة انه تم الكشف عن وجود فخار فرعوني في هذا الموقع وكذلك أرصفة موانئ ضخمة ترجع للفراعنة وكانت مغمورة عندما جاء الاسكندر للمنطقة مما يعد دلالة مادية لا تقبل الشك في وجود حياة فرعونية كاملة في الاسكندرية. سترابون وفجرت "استاذة الآثار" مفاجأة عندما اشارت الي دراسة الجغرافي القديم سترابون في جغرافية الإسكندرية والتي لم تذكر ان الإسكندر هو الذي امر ببناء المدينة واكدت انه حين شاهد مميزات الموقع عزم ان يحصنه مما يدل علي ان المدينة كانت موجودة وقائمة بالفعل. وأشارت "حجاج" الي ان الباحثين المصريين ساروا وراء الاجانب في التدليل علي ان الإسكندرية صناعة الاسكندر اليوناني وهو ما يحاول الأثاريون والباحثون المصريون نفيه من خلال ادلة واستدلالات مبنية علي اسس سليمة.