اختتمت الدار "المصرية اللبنانية" احتفالها بمرور 25 عاما علي إنشائها، الذي أقامته في الفترة من 17 إلي 21 يناير الجاري، بندوة حملت عنوان "الرواية في مصر: الماضي- الحاضر- المستقبل". تحدث الروائي إبراهيم عبد المجيد، في الندوة التي تغيب عنها الدكتور جابر عصفور والروائي جمال الغيطاني، نافيا صحة مقولة الجديد ينفي القديم، خاصة إذا ما اتسق العمل الأدبي مع زمانه ومكانه، وضرب مثلا بروايات عبرت الأزمنة التي صدرت، ولا تزال باقية حتي الآن "كالثلاثية" لنجيب محفوظ، و"يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم. وعن رأيه في مقولة "زمن الرواية" قال: "البعض اعتقد أن هذه المقولة تعني نفي الشعر، في حين أنها تقصد أن الرواية هي الفن الذي يحقق أعلي نسبة قراءة الآن، وهو ما جعل الرواية فناً مستهدفاً من قبل عدد كبير من الكتاب الشباب، الذين منهم المجيدون الذين يتسمون بالجرأة في كسر التابوهات، ومنهم المستسهلون الذين يتعاملون مع اللغة باعتبارها وعاء لنقل الأفكار وليس جزءاً من بنية الرواية". ثم تعرض عبد المجيد لمراحل التجديد في الرواية المصرية، واعتبر أن الرواية في مصر "سبعينية" قائلا: "لقد غضب مني جيل الستينيات، واعتبروني أنفي إبداعهم، لكني كنت أقصد أن الرواية في فترة السبعينيات استطاعت أن تستجيب للتغيرات التي حدثت في مصر والعالم خاصة بعد حرب 1973 وبدأت تتجه نحو الكتابة عن العشوائيات والاتجاه لكسر التابوهات، وهو ما دفع الجمهور للاتجاه لقراءة الرواية، لأنه رآها أكثر تعبيرا عن آلامه ومشاكله وآماله". ومن جانبه أكد الروائي فؤاد قنديل أن المصريين شعب قارئ قائلا: "المشكلة فقط أن الكتاب لا يصل إلي يد المتلقي، وهو تقصير تتحمله دور النشر، إلي جانب سعر الكتب المرتفع، وتقصير وسائل الإعلام في الاهتمام بالكتب، وكذلك تراجع المناهج الدراسية عن الاهتمام باللغة العربية وبالقراءة". وأضاف: "سمحت المسابقات المتعددة في التشجيع علي الإبداع، ولو زادت ترجمة الأدب العربي إلي اللغات الأجنبية، لوصل الأدب العربي لمكانة أدب أميركا اللاتينية، وإفريقيا". وعن رأيه في تطور قراءة وكتابة الرواية في مصر قائلا: "كانت الرواية تفتقد إلي الفنيات في القرن التاسع عشر، ولم تكن مقروءة بالقدر الكافي، نظرا لقلة عدد المتعلمين، ومع ظهور المدارس والصحافة في القرن العشرين بدأ الاتجاه الحقيقي الناضج نحو كتابة الرواية علي يد طه حسين والمازني وتوفيق الحكيم، ومع الترجمة من اللغات الأجنبية خاصة الروسية والفرنسية ظهر جيل جديد من إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله، وإن كانوا أكثر رومانسية وبساطة من نجيب محفوظ، الذي اهتم بفنية الرواية وضمنها الأفكار الفلسفية". وأضاف: "خلقت ثورة يوليو الأجواء المواتية للثقافة، واهتمت بالتعليم فزادت مقروئية الأدب، وإذا رغبنا في توجيه اللوم علي تراجع الثقافة، فسنوجهه للمثقفين الذين تولوا المؤسسات الثقافية منذ الثورة وإلي الآن".