لم نسمع من قبل عن قانون أقر في السر لأن القوانين لا تطبق سرًا، ووفقًا للتقاليد البرلمانية ولائحة مجلس الشعب إذا كان هناك مشروع قانون تقدم به نائب فهناك لجنة تسمي الاقتراحات والشكاوي يمر عليها أولاً للمناقشة في حضور ممثل عن الحكومة للتأكد من عدم تعارض نصوصه مع قوانين أخري وجدية مآربه، بعدها وفقا للطبخة البرلمانية لأي مشروع بقانون لابد وأن يمر بلجنة الموضوع إذا كان اقتصاديا فتدرسه الاقتصادية أو دينيا فالدينية وهكذا، ثم يدخل كشف الهيئة باللجنة التشريعية والمسئولة عن ضبط الصياغة.. أما إذا كان القانون مقدمًا من الحكومة وليس من أحد النواب فلا يمر علي لجنة الاقتراحات ويسير في الخطوتين التاليتين قبل عرضه في الجلسة العامة لمناقشة موضوعه أولاً من حيث المبدأ فإذا تم الإجماع عليه تم فتح النقاش في مواده مادة مادة قبل الموافقة النهائية والإقرار. ولكن طالعتنا صحافة الزبادي أمس الأول بمشروع قانون غريب من نوعه نظرته لجنة الاقتراحات دون أن تجتمع، وتم تمريره داخل طاقية الإخفاء من مجلس الشعب لعرضه علي الحكومة والأغرب أن مقدمه هو الآخر استيقظ من نومه ليفاجأ بنفسه صاحبًا لهذا القانون الغامض.. أنه لسحر بين.. هذا بالضبط هو التفسير الوحيد لما نشرته جريدة المصري اليوم عن مشروع قانون تقدم به رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المهندس أحمد عز للسماح بتجارة الآثار داخل مصر وزعمت أن وزير الثقافة فاروق حسني وأمين المجلس الأعلي للآثار هددا بالاستقالة إذا تمت الموافقة عليه. المحررون البرلمانيون هبوا ففتشوا في جيوب كل مصادرهم البرلمانية الخاصة بعد أن أكدت لجنة الاقتراحات عدم علمها بمثل هذا القانون المزعوم.. فلم يعثر الجميع علي أثر للقانون. فهرولنا إلي صاحبه فسألناه في صوت واحد ما حقيقة القانون؟ فقال أي قانون لا أعلم عنه شيئاً.. إذن كذب الجريدة فاجأنا سئمت التكذيب وهذا دوركم ابحثوا عن الحقيقة.. عز الذي اعتاد أن يقف لتبادل أحاديث الدردشة مع شباب المحررين البرلمانيين ثم يفاجأ ببعضهم من المعارضة يحولون كلمات الممازحة معهم إلي تصريحات نارية تدخل في سياقات أخري قال لي هذه رسالة لزملائك من الشباب سأنفخ دائما في الزبادي.. لم أعد أثق إلا في الجيل القديم وكانت صحيفة الشروق قد نشرت علي لسانه في ذات اليوم مقتطفات من دردشة ومزاح معنا عن إحدي القضايا رغم تأكيده علي أن ذلك ليس للنشر.. وأضاف بالله عليكي قولي لي ما هي معايير المهنة لديكم.. أحتاج لمعرفة كيف يحاسب من يجلب الأكاذيب؟! وقفت لبرهة صامتة لا أذكر معيارا سوي هذه التنبيهات المتكررة لرئيس التحرير الدقة.. الدقة.. الموضوعية.. تركنا عز وكلماته لم ترو ظمأ الجميع.. ألف باء برلمان تقول إنه ليس هناك مشروع قانون ولكن وفقاً لتقاليدنا الصحفية لابد من مصدر للنفي وعز يرفض ويطالبنا بأن يكون مصدرنا هو المنطق ولو لهذه المرة فقط.. ولم تمر لحظات حتي جاءت البشري أحد الزملاء تمكن من اصطياد تصريح من وزير الثقافة فاروق حسني وهو يغادر الجلسة العامة قال له ما ردك علي ما نشر اليوم فأجاب بكلمات مقتضبة هذا الموضوع تم إغلاق النقاش فيه.. بينما عقب أمين المجلس الأعلي للآثار د. زاهي حواس لقد رفضنا هذا الأمر تماما، لم يقل أحدهما أن هناك مشروع قانون تم رفضه، ولكن المحررين اتفقوا علي أن تصريحهم المبهم علي الأقل يفي بالغرض طالما لم ينفيا وجود القانون.. ولم تمر دقائق حتي كانت الغالبية يطيرون الخبر لنشره. وإذا كان رئيس لجنة الخطة قرر أن ينفخ في الزبادي فمصداقيتنا مع أنفسنا وقرائنا لا تسمح لنا لا بأكل الزبادي ولا بنشر أخبار الزبادي لم نلهث وراء هذه التصريحات المبهمة لوزير الثقافة ونائبه، ولم نعتد بها وجريدتنا بريئة من الترويج للأكاذيب أو اللهث وراء الأزمات المفتعلة. المفارقة أن عز كان السبب في قرار إعادة مشروع قانون وزارة الثقافة لحماية الآثار إلي اللجنة التشريعية بعدما كشفت المناقشات تحت القبة عن غموض تعريفاته واعترض هو علي ذلك فيما اتهمت المعارضة مجلس الآثار بالسعي من ورائه للتجارة في الآثار لنصه علي السماح بانتاج نسخ طبق الأصل من الأثر وبيعها وبما يهدد بضياع تاريخنا وتهريب آثارنا لصعوبة التفرقة بين الأصل وصورته المطابقة.