لم تشهد مصر من قبل هجوماً علي مسئول قبل تولي مهام منصبه بسبب ميراث والده كما حدث مع وزير التعليم الدكتور أحمد زكي بدر، لأنه ابن وزير الداخلية الأسبق زكي بدر، الذي لا تزال بعض الجماعات تصفي حساباتها معه رغم أنه غادر عالمنا وأصبح بين يدي الله، ومثل هذا الاستقبال الهجومي الحافل للوزير الابن ليس علي طريقة ذبح القطة حسب الفولكلور المصري، وإنما هو نوع من أنواع المراهقة السياسية فالحكم علي أي وزير، أو مسئول ينبغي أن ينصب علي سياساته وأفعاله وأقواله.. وليس علي حسبه ونسبه وأصله وفصله. وبعيدا عن هذا الكلام أتوقف أمام تصريح وقرار للوزير في أيامه الأولي، التصريح قال فيه : إن التعليم لن يخضع لضغوط أولياء الأمور.. والقرار كان إعادة افتتاح جميع المدارس المغلقة بسب أنفلونزا الخنازير في القاهرة وحلوان لضمان سير وعدالة امتحانات منتصف العام الدراسي أو نهاية الفصل الدراسي الأول كما يسمي الآن. وبالحكم علي الوزير من أقواله يتضح أنه يتعامل مع مهام منصبه بجدية كنا نفتقدها في وزارة التعليم، فتحت ضغوط أولياء الأمور تحولت امتحانات الثانوية العامة إلي أوكازيون سهل للحصول علي أعلي الدرجات الممكنة، فأصبحنا نري مئات التلاميذ الذين يحصلون علي الدرجات النهائية سنويا، وهو أمر غير معقول وغير معروف في أي مكان في العالم.. لكن وزراء التعليم بحثا عن الشعبية وتجنبا لضغوط أولياء الأمور يصدرون دائما تعليمات بالتسهيل في الامتحانات بشكل يخل فعلا بالعملية التعليمية. رأينا أيضا كيف خضع وزير التعليم السابق لضغوط أولياء الأمور بسبب فيروس أنفلونزا الخنازير، مما أدي إلي اتباع سياسة متساهلة جدا في إغلاق المدارس، ولم يحدث في أي دولة في العالم حتي أمريكا التي يصاب فيها الملايين أسبوعيا أن اتخذت قرارا بإغلاق مدرسة لمدة أسبوعين لظور إصابتين في فصلين مختلفين. وأدي هذا التساهل في إغلاق المدارس وفي التغاضي عن عدم انتظام العملية التعليمية وعن الغياب الجماعي عن المدارس إلي فشل عام دراسي كامل، لذلك أعتقد أن قرار فتح جميع مدارس الجيزة وحلوان هو مقدمة لإعادة الانضباط إلي العملية التعليمية علي مستوي الجمهورية، وعدم الخضوع للضغوط الجماعية من أولياء الأمور، والتغاضي عن الابتزاز الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام. حتي الآن يبدو وزير التعليم الدكتور أحمد زكي بدر موفقا وجادا، والمهم أن يأخذ إصلاح التعليم كقضية حياة أو موت حتي ولو كرهه أولياء الأمور، لأن صالح هذا الوطن ومستقبله يعتمد علي عملية تعليمية جادة وعصرية قائمة علي العلم والمعرفة والحوار، ولا تخضع لابتزاز من أحد.