وزير الخارجية أحمد أبو الغيط يري ان نتانياهو يقترب الآن بما يطرحه من أفكار حول التفاوض مع الفلسطينيين من موقف سلفه أولمرت، الذي قبل بمبدأ الدولتين وتفاوض مع الفلسطينيين بالفعل حول قضايا الحل النهائي، وقبل أيضا بدولة فلسطينية تقوم في اطار حدود 1967 مع تبادل في الأراضي بنسبة ليست كبيرة. ولذلك يري وزير الخارجية أن ثمة تغيراً في موقف نتانياهو الذي بدأ حكمه الثاني برفضه مبدأ حل الدولتين ورافضا للتفاوض مع الفلسطينيين حول قضيتين أساسيتين من قضايا الحل النهائي هما قضيتا القدس واللاجئين. وإذا كان أبو الغيط يري في هذا التغير الذي طرأ علي موقف نتانياهو بعض التقدم الا انه لا يراه كافيا لتوفير الظروف المناسبة لاعادة اطلاق عملية تفاوض جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنه يتعين علي نتانياهو وحكومته القيام بمجموعة من الاجراءات المحددة والضرورية للعودة الي مائدة المفاوضات، تبدأ من وقف الهجوم علي الطرف الفلسطيني المفاوض وتشمل تحسينا ملحوظا في حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال بزيادة رقعة المساحة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة وازالة الحواجز الاسرائيلية المزروعة فيها وانهاء حصار غزة مع وقف الاستيطان الاسرائيلي خاصة في القدسالشرقية. ولذلك يصبح أمر استئناف المفاوضات الآن في يد نتانياهو، فاذا كان راغبا حقا في هذه المفاوضات سوف يستجيب لما تطلبه مصر، أما اذا لم يكن راغبا فانه سيكرر ما يقوله الآن انه يتعين استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدون اي شروط. وهذا ما تعلنه ايضا هيلاري كيلنتون وزيرة الخارجية الامريكية، وهو ما انتقده عدد من المسئولين في السلطة الفلسطينية. غير أن نتانياهو قد لا يكون راغبا في استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ولكنه مضطر له.. وليس هناك ما يجعل نتانياهو مضطر الي ذلك الا وجود ضغوط خارجية وداخلية عليه تدفعه وتلح عليه أن يسير في طريق التفاوض مع الفلسطينيين. وبالطبع الضغوط الخارجية من السهل علينا أن نرصدها، وهي صارت تتمثل الآن في رغبة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في ايجاد حل نهائي للصراع العربي الاسرائيلي، باعتبار هذا الحل ضرورة لمصلحة الامن القومي الامريكي وايضا ضرورة لأمن اسرائيل، لاعتقاده أنه المفتاح لحل بقية القضايا والمشاكل التي يعاني منها الشرق الاوسط، ابتداء من مشكلة الملف النووي الايراني الي مشكلة الارهاب في باكستان وافغانستان واليمن ايضا. وحتي عندما تراجع حماس أوباما للسعي لتحقيق الحل للصراع العربي الاسرائيلي، فان الأوروبيين عوضوا هذا التراجع بحماس لم يفتر في هذا الصدد وها هم الأمريكيون يعاودون مرة أخري السعي في هذا الاتجاه بعدما تجاوزوا ما أسماه ميتشيل احباط الخريف. لكن الضغوط الخارجية علي نتانياهو للعودة الي التفاوض لا تكفي وحدها.. هذه الضغوط التي تأتيه من الخارج تحتاج ان يقابلها ضغوط من الداخل الا ان هذه الضغوط الداخلية يراها كثيرون ضعيفة وليست كافية. وآخر استطلاع للرأي لمؤشر الحرب والسلام الاسرائيلي يكشف أن أقل من نصف الاسرائيليين "04٪" هم الذين يريدون احياء عملية السلام وان 02٪ فقط هم الذين يتوقعون ان تفضي المفاوضات مع الفلسطينيين الي نتائج. وهذا معناه ان اغلبية الاسرائيليين غير متحمسين لاستئناف المفاوضات وان 08٪ منهم لا يتوقعون نجاح هذه المفاوضات. ويفسر داني ايفرون في النيوزويك تدني هذا المؤشر علي هذا النحو بان الاسرائيليين صاروا بعد توقف التفجيرات الانتحارية في الضفة واطلاق الصواريخ من غزة بانهم صاروا يتمتعون بمزايا السلام.. بدون اتفاق سلام، وبالتالي يشعرون بأنهم ليسوا في حاجة لمفاوضات سلام. وباتت هذه المفاوضات تمثل لهم كما يقول داني موضة قديمة! وهنا يفرض السؤال نفسه: هل تكفي الضغوط الخارجية لدفع نتانياهو في طريق المفاوضات في ظل تراجع الضغوط الداخلية؟ الأغلب أن ذلك مرهون باستمرار الضغوط الامريكية أساسا.. واستمرار الضغوط الخارجية مرهون باستمرار حماس واهتمام أوباما بحل الصراع العربي الاسرائيلي.