(ترنيمة الكريسماس) أو(Christmas Carol) هو فيلم من أفلام ديزني للرسوم المتحركة وهو يعرض منذ فترة في دور السينما المصرية ويقبل عليه المصريون جميعا لدرجة أنه لا يزال في السينما منذ ما يزيد علي شهر بالرغم من أنه يعتبر فيلما للأطفال.. ولما علمنا أن قصة الفيلم مأخوذة عن رواية (تشارلز ديكنز) بالاسم نفسه، وأن تقنية الأبعاد الثلاثية مستخدمة فيه، وأن المخرج هو مخرج فيلم (فورست جامب) الرائع، تغاضينا عن سماع صوت (جيم كاري) وقررنا أن نشاهد الفيلم.. وكان قرارا صائبا جدا جدا ومناسبا في توقيته بصورة غير مسبوقة، وتفسيرا لما يحدث حولنا، وفرصة للتعبير عن مشاعرنا.. وكما يعلم كل من قرأ الرواية أو شاهد الفيلم أن قصته تدور حول (سكروج) الغني الذي يشير اسمه في وضوح إلي بخله الشديد واهتمامه بالنقود.. وهو يرفض الاحتفال بعيد الميلاد ويرفض كلمة (Merry Christmas)) أي عيد ميلاد سعيد لأنه لا يعرف السعادة المرتبطة بهذا العيد.. وفي ليلة عيد الميلاد بعد موت شريكه البخيل بسبعة أعياد ميلاد، يزوره شبح شريكه من العالم الآخر ليعلمه بحالته المزرية بسبب ما لم يفعله من خير وما لم يقدمه من عطاء وما لم يبذله من مساعدة حين كان حيا.. وينبئ (سكروج) بأن ثلاث أرواح ستزوره.. وبالفعل تقوم الأرواح الثلاث واحدة بعد الأخري بزيارة البخيل لتعلمه كل روح درسا في (ترنيمة الميلاد).. فتأتي روح الكريسماس الماضي، وروح الكريسماس الحاضر، وروح الكريسماس المستقبلي.. وتستعرض أمامنا حياة (سكروج) منذ الطفولة والشباب حتي الوقت الحاضر ثم ما ينتظره أثناء الموت وبعده.. ونحن نسافر عبر الزمن بسرعة تدير رءوسنا بسبب الأبعاد الثلاثية فنمسك بكراسي السينما ونكاد نصرخ لا من هول المنظر والسرعة ونحن نحلق فوق لندن، ولكن من هول رؤية حياة البخيل وحياتنا كلنا من فوق.. والعجيب أن (سكروج) لم يكن رجلا آثما فهو مثل معظمنا، لم يظهر مخادعا ولا سارقا ولا مرتكبا للكبائر ولا حتي غاشا في عمله المرتبط بالمال.. ما جرمه إذاً؟ لماذا تأتي له روح الميلاد لتؤنبه؟ ولماذا بكي كل الكبار في السينما حينما كان (سكروج) يري مستقبله بعد الموت؟ الإجابة هي أن خطأ (سكروج) ليس في أنه قد صنع شرا ولكن لأنه لم يصنع الخير.. لم يرنم ترنيمة الميلاد.. ترنيمة الميلاد ليست أصواتا تعلو بغناء جميل وموسيقي راقية، بل هي عبارة حانية، كلمة مشجعة، ابتسامة في وجه من حولك، نظرة تسامح تجاه أخطائهم في حقك.. ترنيمة الميلاد ليست مجرد امتناع عن الشر، ولا هي أن تتحكم في نفسك فلا ترد علي الشر بشر، بل هي العطاء دون حدود، والتسامح، ومساعدة الغير، وتحمل مسئولية الخير.. ربما بكينا جميعا لأننا لم نتحمل مسئولية الخير بعد.. لم نسع بشكل كاف لإحلال هذا الخير، ولإبدال الشر في النفوس الضعيفة.. وسنبكي أكثر إن لم نتحمل تلك المسئولية الآن لإحلال الخير في مجتمعنا وعالمنا - وبسرعة - قبل أن تتشوه نفوس وأجساد أبنائنا..