قديماً كان العرب يقولون: إن السفر قطعة من العذاب، في إشارة إلي كم المتاعب التي يلاقيها المسافر حينذاك، عندما كانت الدواب هي الوسيلة الوحيدة لاجتياز الصحاري، والانتقال من بلد إلي بلد.. وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم هون علينا سفرنا هذا.. اللهم إنني أعوذ بك من وعثاء السفر، ومع تطور وسائل المواصلات أصبح السفر متعة، والانتقال من بلد إلي بلد، ومن دولة إلي دولة أمراً ميسوراً، وأصبح للسفر، الذي يشير البعض إلي أن له سبع فوائد، عشاق وهواة.. غير أن البعض الآخر لم يعجبه هذا التطور، اعتبره خروجاً علي الدين، ولابد من أن يرجع السفر مرة أخري قطعة من العذاب كما كان عليه الوضع أيام السلف الصالح!! ومن هؤلاء الأخ عمر!! والأخ عمر الفاروق عبدالمطلب طالب أمريكي من أصول نيجيرية، يعيش مثله مثل بقية الأمريكيين في القرن الحادي والعشرين، لكن عقله وقلبه مرتبط بالقرون الوسطي، وولاءه مرتبط بتنظيم القاعدة وبشيوخها في اليمن، قرر الأخ عمر أن يشارك الأمريكيين الاحتفالات بعيد الميلاد بأن يسقط الطائرة التي كان يستقلها من أمستردام والمتجهة إلي مدينة ديترويت الأمريكية وكان علي متنها حوالي 300 شخص، حمل الأخ عمر بعض المواد المتفجرة في الكتاب الذي كان يحمله ولم يخضع للتفتيش، ودخل قبل نهاية الرحلة إلي حمام الطائرة، وبدأ في تركيب القنبلة، لولا أن اشتعلت النيران فيه أولاً، واستطاع رجال الأمن بالطائرة أن يسيطروا علي الموقف!! وقد ترتب علي هذه العملية الخايبة التي حاولها الأخ عمر أن تحول السفر مرة أخري إلي قطعة من العذاب، وإلي نوع من انتهاك كرامة المسافر.. فكل المسافرين الآن إرهابيون إلي أن تثبت إجراءات التفتيش غير ذلك.. في معظم المطارات الأوروبية، ومن قبلها المطارات الأمريكية، بدأت في الأسبوع الماضي تطبيق حزمة من الإجراءات المتشددة، منها أن يخضع المسافر للكشف علي جهاز الماسح الضوئي للأجساد، وهو جهاز يري المفتش من خلاله جسدك كله، وتبدو أمامه ملط كيوم ولدتك أمك.. إضافة إلي التفتيش الذاتي الكامل للمسافرين من دول معينة... وتطبيق حظر التجول في الطائرة قبل هبوطها بساعة حتي للذهاب إلي الحمام!.. وإخفاء شاشات المعلومات التي كان يعرف المسافر عن طريقها بعض المعلومات عن الرحلة، مثل المكان الذي وصلت إليه، وسرعة الطائرة، وارتفاعها.. وتم منع أن يصطحب المسافرون معهم أية زجاجات مياه، أو عصير أو وجبات إلا للأطفال، وبعد تفتيشها.. ناهيك عن أنك لابد أن تكون في المطار قبل الرحلة بخمس ساعات علي الأقل حتي تضمن أن تنهي إجراءات السفر في الوقت المحدد، وإذا كنت لا سمح الله مسلماً مثلنا، فعليك أن تتحمل كل نظرات الريبة، وكل إجراءات المعاملة غير اللائقة في بعض الأحيان. ولأن الأخ عمر قد نجح بجدارة في مهمته الجهادية الكبري في أن يرجع بالسفر إلي ما كان عليه أيام السلف الصالح، فلا أقل من أن نقول له: شكراً يا سي عمر!