نحن كذابون! نكذب أغلب الوقت. نكذب لأننا نخجل من قول الحقيقة. أو لأننا نخاف من قولها. نكذب لنخفي عيوبنا فنبدو أجمل. ونكذب لنحصل علي منفعة. ونكذب علي سبيل الاحتياط ليس إلا. وبتكرار الكذب يصبح عادة فنكذب كما نتنفس!. ننافق المدير والزملاء والأصحاب والأهل والقراء والمشاهدين والناخبين والغرباء لنكسب الجميع. نتبادل الأحضان والقبل مما قد يعني المحبة أو العكس تماما. فربما كنا نتقي الآخر أو نخدعه حتي لا يشعر بما سنفعله به!. نتظاهر بالسرور في الأفراح وربما جئنا نجامل أو بدافع الفضول أو الشماتة أو الحسد ورغبة في النميمة واغتياب العروس و العريس وأسرتيهما!. ونتظاهر بالحزن في المآتم وربما جئنا نجامل و ننافق و خوفا من اللوم بينما نحن متأففون لضياع وقتنا. يكذب الشاب علي الفتاة بكلمة أحبك فتكذب قائلة وأنا كمان. وهي جريمة في أي دولة متحضرة. لكنهما يكذبان ليبررا فعلا جنسيا اتفقا عليه دون اتفاق!. تكذب الزوجة علي زوجها. ويكذب زوجها عليها. ويكذب كلاهما علي أولادهما فيتعلمون الكذب بدورهم. يكذب الوزراء والمسئولون علينا فنسب هذه الحكومة الكاذبة وننسي أننا نكذب علي الحكومة!. وتكذب المعارضة علينا وعلي الحكومة التي ترد لها الكذبة بأحسن منها!. وتكذب علينا وسائل الإعلام. الذين يقدمون البرامج يدعون الثقافة فيكررون ما سبق قوله وهو غير صحيح!.ويكتب الكتاب فيكذبون لصالح الحكومة أو المعارضة أو من يدفع أكثر!. يواجه رجل الشارع كاميرا التليفزيون فلا يقول رأيه وإنما ما يعتقد أنه يرضي الجميع. المواطن المصري كالعربي يقول أمام الكاميرات أي شيء إلا ما يشعر به في داخله حقيقة. فالحقيقة عارية دائما ولا يصح أن يظهر وحده عاريا. ولكثرة ما نكذب نأتي في آخر النهار فلا نحس أننا كذبنا. .فبعد أن تعلمنا الكذب من البيت والمدرسة والإعلام والمجتمع وعلمناه لغيرنا, نبدأ نعلمه لأنفسنا فنطلب منها أن تكذب علينا!. فلا يخاطب إنسان صورته أمام المرآة معترفا ( أنا كذاب). وقد يعترف في سره. لكنها مرة في العمر ويبررها فورا بأن الكل يكذب ولو لم يكذب لضاع. وتفهم نفسه الرسالة وتحرص ألا تذكره بهذا ثانية. وقد تواجهنا أنفسنا بحقيقتنا في أحلامنا. ولكننا نصحو وقد نسينا لأننا نود أن ننسي. وهكذا بات الكذب حراما وأصبح حلالا .عنوان الشرف ودليله. أنا أكذب إذن أنا موجود وفي أمان. وشخص طبيعي مثل كل الناس. وكلما ازداد الكذب رحنا نوافق أن كل الأشياء حرام تقريبا كما يقول لنا مشايخنا كذبا. وننسي أنه لا يكذب إلا من يرتكب العيب والحرام والجرائم بكل أنواعها. لا يوجد إحصاء علمي دقيق يثبت نسبة الكذب في كلامنا. ولن يوجد. فإن وجد فهو كاذب مثل كل أرقامنا. ! تضغط قوي في المجتمع علي المرأة وتهددها حتي تلبس الحجاب والنقاب فتقنع نفسها أنه من الدين وعنوان الحشمة حتي ولو قال شيخ الأزهر غير ذلك فهو لن يحميها من التحرش الجنسي من الغيورين علي الدين! والقاعدة أن المهزوم يقلد المنتصر. وبهذا تحل المشكلة مع نفسها بأن تكذب عليها. أخريات يكذبن علي الآخرين لأنه منجي.أديني لبست الحجاب .أي خدمة تانيه ؟ وبعدها فلتفعل ما تشاء فقد عرفن القانون الذي نعيش في ظله. في أحد أفلامنا المصرية التي مازلنا نسميها كذبا بالأفلام العربية كان توفيق الدقن في دور القواد يردد (أحلي من الشرف ما فيش). وفي مسرحية لشكسبير تقول شخصية (المرأة الشريفة لا تتحدث كثيرا عن الشرف). الشرف عندنا يقاس بمدي ما يظهر من اختراع حديث اسمه جسد المرأة وأحيانا شعرها وحواجبها. فالشرف يخص المرأة فقط. أما كل ما يفعله الرجل فلا يخل بالشرف حتي القتل. بل يسترد شرفه بأن يذبح بالحلال أمه وأخته وزوجته لمجرد شكه فيهن. العار أن تمشي أمه التي جاوزت الستين مكشوفة الشعر. فشعرها الأشيب فتنة وتحريض علي الانحراف!. المتدين الحقيقي لا يتحدث كثيرا عن الدين بل يمارسه .بن لادن وطالبان وأمثالهما لا يتحدثون إلا في الدين قبل قتل البشر وبعده .مسلمين وغير مسلمين. يجعلون من أنفسهم أنبياء يبشرون بالدين كأن الناس لم تصلهم الدعوة بعد.و إلا قل لي لماذا يقتلون ويحرقون بكل هذه البساطة.وقد نلومهم ولا ننتبه أن كلنا نعظ بعضنا البعض طيلة الوقت!. السلام عليكم تعني أنك مسلم مؤمن لا تكذب وتجنح للسلم.( ألو) تعني أنك مشكوك في أمرك فهل رأيت شخصا جاء يطلب منك رشوة أو يبتزك لا يبادرك بالسلام عليكم؟!.إسرائيل تدعي أنها تسعي للسلام. ولن ترفض أن تتصل بنا فتقول شالوم بالعبرية والسلام عليكم بالعربية. فما المشكلة؟!! المثل المصري يكذب هذا المنطق (قالوا للحرامي احلف قال جالك الفرج). القاضي يطلب من المتهم و الشاهد القسم أولا. لكنه أبدا لا يعتمده دليلا علي شيء. لسان حال كل منا (أنا صادق أما أنت فيحتمل أن تكون كاذبا ولو كنت شقيقي). وعندما نستخدم كلمة (نحن) نقول بيقين (العالم متعصب وعنصري وظالم وكاذب إلا نحن).وقد كذبت علينا الحكومة والمعارضة لسنوات كثيرة عندما قالا ومازالا يقولان أن كلنا عرب أشقاء. فمصر مصرية! ,ولا توجد دولة في العالم لها أشقاء. وعندما ذهب الإخوان المسلمون ليحرروا فلسطين عام 48 قبل أن يحرروا مصر وتبعتهم الحكومة مرغمة كانا يكذبان.وكاذب اليوم من يقول أننا وغزة بلد واحد ليبرر الاعتداء علي حدودنا.وهو إما منتفع أو صدق الكذبة.وحكومتنا مسئوليتها أكبر لأنها تتعمد الكذب للمزايدة ومازالت. لا شك أن ( بعضنا) صادق بفطرته أو تربي علي ذلك.لا يحترم نفسه إذا كذب. لكني خفت قول ذلك حتي لا يسارع القارئ فيعد نفسه منهم فأساعده أن يكذب علي نفسه!!