عام ينتظر لحظة انطفاء الأنوار، وعام جديد ينتظر لحظة الانطلاق، وبين اللحظتين أحداث عديدة قد تكون في مجملها مكررة معادة، لكن تبقي الروح التي تحيط بها الشيء الوحيد الذي يحمل الاختلاف.. الصورة العامة لما شهدته 2009 ثقافيا تنبئ بإضافات، مكتبات، دور نشر دفعت بعشرات العناوين، وهو ما يبرز بوضوح صورة المفارقة التي يعيشها الواقع الفعلي لثقافتنا، حيث لم تنجح هذه الإنجازات في إفاقة الثقافة، ولم تتعد كونها مكاجا صاخبا علي وجه شاحب، وطرحت السؤال الصادم، هل كانت هذه الإنجازات لصالح الإبداع حقا أم لصالح المبدعين؟! لا نستهدف من وراء هذا الملف تقييم ما فات، بقدر محاولة الاستفادة منه في المستقبل، لمعرفة الأخطاء، نستعرض أهم القضايا والأحداث التي وقعت العام الماضي، ننظر بعين الدهشة للصراعات التي حدثت في الأتيليه، والصخب الذي صاحب الجوائز، ومعركة اليونسكو التي كشفت زيف ما يتردد عن قبول الآخر، وأظهرت تحيز الغرب، ونعيد التأكيد علي أهمية اتخاذ خطوات سريعة لعلاج الأدباء، نقدم للراحلين وردة ، وطوف سريع علي أهم الأحداث العالمية. الجوائز الأدبية.. لغم قابل دائما للانفجار حازت الجوائز الأدبية علي اهتمام كبير من قبل الوسط الثقافي المصري خلال العام 2009، بل وأثارت جدلا واسعا سواء قبل الإعلان عن الفائز بها أو بعد الإعلان عنه. كانت جائزة البوكر العربية الأكثر أهمية في هذا الإطار، فقد أشيع عن وجود صفقة لمنح الجائزة للروائية اللبنانية علوية صبح، وكانت جريدة "الغاوون" اللبنانية هي أول من نشر ذلك في صفحتها الأولي من (العدد 21) ، وردد البعض وجود استبعاد لعدد من الروايات المصرية للروائي إبراهيم عبد المجيد وإبراهيم فرغلي وأحمد صبري أبو الفتوح وعلاء خالد من دخول القائمة الطويلة، وهو ما أثار جدلا واسعا دفع عددًا من الكتاب للتعليق بمقالات تشكك معظمها في لجنة تحكيم الجائزة ومعايير اختيار الأعمال، فكتب جمال الغيطاني متسائلا عن قيمة الجوائز المعروف من سيفوز بها مسبقا. وفي مقاله بجريدة الأهرام منتصف ديسمبر، انتقد الناقد الدكتور جابر عصفور موقف الروائيين إبراهيم عبد المجيد وجمال الغيطاني من الجائزة في مقال جاء بعنوان "عن أوهام الجوائز"، أكد فيه أنه ليس من حق كاتب وافق علي أن يتقدم إلي الجائزة بالطعن فيها أو مؤاخذتها، كما أكد علي احتمالية أن تصدق تخمينات الفائز في بعض الحالات. إلا أن الإعلان عن الفائزين بالقائمة القصيرة للجائزة (15 ديسمبر) قد ساهم في إسكات هذا الجدل خاصة مع خروج رواية علوية صبح من القائمة، ودخول الروايتين الوحيدتين المصريتين لمحمد المنسي قنديل ومنصورة عز الدين، وإن كان يفتح ذلك نوعا آخر من التساؤلات حول استجابة لجنة تحكيم الجائزة للضغوط والاشاعات التي ترددت حول الجائزة!. وكان الإعلان عن الفائزين بجائزة "بيروت 39" التي تعد نتاج تعاون بين مؤسسة هاي فيستيفال وبيروت عاصمة عالمية للكتاب، قد أثار جدلا هو الآخر حيث غضب عدد من الكتاب الذين لم يتم اختيارهم، وهو ما جعل البعض يشن هجوما علي الجائزة لعدم وضوح شروط التقدم إليها أو معايير اختيار الفائزين، وهناك من شكك في نزاهتها خاصة بعد اعتذار الروائي علاء الأسواني عن رئاسة لجنة التحكيم وتشكيكه في نزاهة اختيار الفائزين،وهناك من نظر إليها بتوجس بعد تسريب بعض الأسماء الفائزة ونشرها في إحدي الصحف المصرية. وعلي صعيد جوائز الدولة أثار حصول سيد القمني علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم الإجتماعية جدلا كبيرا امتد للأوساط الدينية داخل مصر وخارجها، ووصل إلي حد قيام الشيخ يوسف البدري، المعروف عنه إقامته لقضايا حسبة ضد الأدباء، برفع قضية لسحب جائزة الدولة منه، اعتراضا علي كتاباته في التاريخ الإسلامي، ونقده لجماعات الإسلام السياسي. وتضامن الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، مع موقف البدري واتهم وزير الثقافة فاروق حسني والمسئولين عن منح جوائز الدولة التقديرية، بارتكاب "جريمة ضد هوية مصر الإسلامية"، هذا وقد دافعت عدد من المنظمات الحقوقية عن القمني وأصدرت بيانا طالبت فيه الحكومة المصرية باتخاذ موقف واضح من هذه القضايا دفاعا عن حرية الرأي والتعبير. وكان حصول القاص زكريا تامر علي جائزة "ملتقي القاهرة الدولي الأول للقصة العربية القصيرة" حدثا متوقعا وإن كان هناك عدد من المثقفين الذين رأوا استحقاق بعض الكتاب المصريين لها. كما كان الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب المصري والعربي، أول مصري يفوز بجائزة كتاب أفريقيا في نوفمبر الماضي في العاصمة الغانية "أكرا" وقد فاز بها من قبله روائيان حصلا علي نوبل وهما: وول سونيكا ونادين جورديمر. أما جوائز مؤسسة "ساويرس" ففي جائزة الفرع الأول "كبار الأدباء": فاز الكاتب الكبير محمد البساطي بالجائزة الأولي في الرواية عن روايته "دق الطبول" الصادرة عن دار الهلال، وفي "القصة القصيرة" فاز القاص حسام فخر عن مجموعته القصصية "حكايات أمينة" الصادرة عن ميريت، وحصل كل منهما علي جائزة مقدارها 100 ألف جنيه. أما عن جائزة الأدباء تحت 40 سنة في الرواية، ففاز بالمركز الأول الروائي هدرا زخاري جرجس عن روايته "مواقيت التعري" الصادرة عن قصور الثقافة، وفي المركز الثاني طارق إمام عن روايته "هدوء القتلة" الصادرة عن دار ميريت، أما في فرع القصة القصيرة تحت 40 سنة فاز شريف عبد المجيد بالمركز الأول عن "خدمات ما بعد البيع" الصادرة عن ميريت، وفي المركز الثاني نسمة محمد عبد العزيز عن "عشان ربنا يسهل" عن دار ميريت للنشر، وحصل الفائز الأول في كل فرع علي 40 ألف جنيه، والثاني علي 30 ألف جنيه. حصل جمال الغيطاني علي جائزة الشيخ زايد في الآداب عن روايته "رن" في دورتها الثالثة، كما فاز بجائزة أفضل رواية عربية مترجمة إلي الفرنسية، وتسلمها في حفل أقيم بمعهد العالم العربي بباريس، عن رواية "نثار المحو" ترجمة خالد عثمان، وهي تمنح كل عامين من وزارة الثقافة الفرنسية ومعهد العالم العربي، ويتكون مجلس أمنائها من مجلس السفراء العرب بباريس، وترأس لجنة التحكيم الأديبة فينوس خوري جاتا، وتضم الأدباء الطاهر بن جلون وبولا جاك، وعددا من أساتذة النقد الفرنسي، وكان وقد فاز بالجائزة في دورتها السابقة الروائي اللبناني إلياس خوري، وأخيرا جائزة كفافيس في فرع الكتابات المصرية في دورتها الحادية عشر. وفاز الروائي بهاء طاهر بجائزة "مبارك" في الآداب، وبجائزة "ألزياتور" الإيطالية عن روايته "الحب في المنفي"، بعد وصوله للترشيحات النهائية للجائزة متنافسا مع روايتين إيطاليتين، وتسلم الجائزة في مدينة كالياري بجزيرة سردينيا.