افتتح مؤخرا في قاعة "أفق واحد" معرض تشكيلي بعنوان "وجوه"، يطرح رحلة فن رسم وتصوير الوجوه، وما طرأ عليه من معالجات وحلول تعبيرية ومعاصرة وحداثية، ضم المعرض أعمال 76 فنانا تشكيليا من الرواد المعاصرين ومن جيل الوسط والشباب، الأعمال اختلفت في الوسائط الفنية والتقنية، وتنوعت الاتجاهات الفنية ما بين التعبيرية والتأثيرية والرمزية والتجريدية والتكعيبية والسريالية والميديا المعاصرة والأساليب الحداثية والفوتوغرافية. "البورتريه" ذو سحر خاص فهو الأقرب مجملا إلي ذوق الأغلبية من الجمهور العادي مهما كانت ثقافته، فلا يخلو أي عمل فني من وجه إنساني يحمل معاني وتعبيرات تخص الفنان، ولكن قد تبعد كثيراً عن البورتريه الشخصي، فنجد أن الفنانين المعاصرين والحداثيين هجروا قوانين الأسلوب الأكاديمي في رسم البورتريه، وتسبب هذا الهجر في أن يطلق علي فن البورتريه "الفن المهجور" ، ونجده قد تراجع في الفترة الأخيرة أمام نظائره من الفنون الحداثية. المعرض في مفهومه لا يتناول فن البورتريه الشخصي بالمعني المتعارف عليه ل"موناليزا" عصر النهضة، أو "راهبة" أحمد صبري، أو شخصيات محمود سعيد، لذلك تغيب عن المعرض أسماء كثيرة من الفنانين الكبار والشباب أصحاب المواهب النادرة، الذين تميزوا برسم البورتريه الشخصي، ونجد أنه علي الرغم من أن المعرض لا يخص الأكاديميين إلا أن غلاف المعرض تتصدره لوحة "الموناليزا" لليوناردو دافنشي وهي تحتضن في كل ملامحها تطورات الوجه الإنساني تشكيلياً وجمالياً، ربما علي اعتبار أنها كانت بداية التعامل مع الوجوه الشخصية بصفة عامة. فمن جانب اللوحة التصويرية فقد تميزت لوحة الفنان حلمي التوني التي أطلق عليها عنوان "تحية إلي العلم محمود سعيد" واللوحة تمثل أحد شخصيات محمود سعيد التي اشتهر به، والعمل إهداء من "التوني" إلي أحد روادنا في فن البورتريه، وتميز أيضا الفنان عمر الفيومي من خلال عرض للوحة زيتية لبورتريه "الأيقونة" عاد فيها بمخزونه البصري إلي الماضي مستلهما الأيقونة القبطية تأكيدا منه بتواجد الشخصية المصرية التراثية بأعماقه، كما استلهم الوجوه التراثية الفنان جميل شفيق، الذي عرض أيضا وجها يشبه الملامح الأيقونية، مع إضافة بعض الاستطالة والتعبيرية ليضفي حالة من الشموخ والروحانية، أما الفنانة أسماء الدسوقي فقدمت وجه امرأة مقسومة نصفين النصف الأول يحمل حالة من الترقب والانتظار، والنصف الثاني يحمل الكثير من الهموم والمتاعب، وتعد هذه المعالجة تعبيرية مع جانب سريالي وخيالي في رصد الهموم ضمن تفاصيل الوجه، أما الفنانة إيمان أسامة فقدمت وجه المرأة تحمل بداخلها الشاعرية والرقة في ملامحها فجعلت عيونها مثل أوراق النبات التي لا تتحمل الجرح أو التمزق وفي مجال النحت قدم الفنان آدم حنين تمثالاً من الجبس لوجه تجريدي ومختزل الملامح ويحمل مضمونًا شخصيا عن شخصية تخفي ملامحها ولا تبوح بها، وقدم كل من المثال جمال السيد، وعبد العزيز صعب وعبد المجيد الفقي بورتريهات أكاديمية الدراسة بكل تفاصيل الشخصية، وقدم المثال محمد الفيومي تمثال لوجه يحمل رأسه علي كفه من كثرة الهموم، وقدم الفنان جمال عبد الناصر تمثالاً من البرونز للوجه يتحور ويتشكل علي حسب الموقف نري ملامحه من الجانب ملامح مختلفة عن الزاوية الأمامية، ليؤكد حالة إنسانية المقال، وقدم الفنان طارق الكومي تمثالا من الجرانيت الأحمر لوجه تجريدي صارخ بهدوئه ومختزل التفاصيل.