بينما كانت تعقد الآمال خلال العام الحالي 2009 لزيادة عمليات الإقراض بالسوق وتنشيط الاستثمارات من خلال تسهيلات ائتمانية جديدة تحفزها قرارات البنك المركزي المتتالية لتخفيض أسعار الفائدة إلا أن قيمة القروض ظلت تراوح مكانها بل والأكثر من ذلك أنها انخفضت بقيمة تتجاوز النصف مليار جنيه خلال الفترة من فبراير وحتي سبتمبر الماضي بالرغم من انخفاض تكلفة الإقراض بنسبة 3.75 خلال العام وفي ظل ذلك ثارت الأسئلة حول سلبيات وإيجابيات التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة علي السوق والتي قام بها البنك المركزي خلال معظم شهور العام لاسيما وأن الهدف الرئيسي للتخفيض وهو زيادة الإقراض لم يتحقق حتي مع زيادة الودائع بشكل مطرد. ويقول إسماعيل حسن - رئيس بنك مصر إيران للتنمية أن تراجع معدلات الإقراض بالرغم من تخفيض أسعار الفائدة يرجع إلي نقطة أساسية وهي أن عملية الإقراض تتكون من طرفين البنك المقرض والعميل المقترض، وحاجة العميل للقرض لابد أن تكون مرتبطة لدي البنوك بجدارته الائتمانية وقدرته علي السداد من عدمه، مشيراً إلي أن البنوك لا تمانع من تقديم القروض إلا أن الطلبات الجادة للحصول علي ائتمان تراجعت وذلك بسبب ظروف السوق المحلية الممثلة في ركود نسبي نتيجة الأزمة العالمية. وأضاف إسماعيل حسن أن الأرقام توضح أن الزيادة في الودائع لم يقابلها زيادة في القروض وعلي البنوك أن تتوسع في الإقراض وخاصة القروض التي تساهم في إنشاء وتشغيل مشروعات حيوية مشيراً إلي أن حجم القروض المقدمة من بنك التنمية الصناعية والعمال زادت خلال العام الحالي بمعدل 35٪ وأن إجمالي نسبة ما تم ضخه في المشروعات الصناعية المنتجة بلغ 42٪ من هذه القروض المقدمة. وقال حسن إن المستثمرين يريدون أن تصل الفائدة علي القروض صفراً بينما يريد المودعون أن تصل إلي 50٪ وهذا رغبة في تحقيق مكسب أو تقليل تكلفة إلا أن هناك محددات وآليات عمل تقوم من خلالها البنوك بعمل التوازن بين أسعار الفائدة حتي لا تتعرض لمشكلات إذا ما تعثر أحد العملاء ولا تجد المخصصات اللازمة للقرض المتعثر. الخبير المصرفي أحمد آدم يؤكد أن هناك مثالب كثيرة نتجت عن التخفيضات المتتالية في أسعار الفائدة خلال عام 2009 أهمها تآكل ودائع القطاع العائلي والتي تشكل 75٪ من إجمالي الودائع وقال آدم أن أرقام العام المالي 2008 - 2009 تؤكد أن عمليات التخفيض المستمر لأسعار الفائدة نتج عنها تراجع معدل نمو الودائع المحلية إلي 8.7 ٪ مقابل معدل نمو 19٪ في الودائع المحلية في العام المالي 2007 - 2008 مشيراً إلي أن ذلك أدي إلي تراجع حجم الودائع الإجمالية (بالعملة المحلية والأجنبية ) من 15٪ إلي 7.7٪ . وأضاف آدم أنه ترتب علي تراجع معدلات نمو الودائع انخفاض معدل نمو السيولة المحلية (تتشكل من الودائع والمعروض النقدي) من 19.3 ٪ إلي 9.4٪ وأكد أحمد آدم أن انخفاض سعر الفائدة المستمر علي الودائع حرم السوق من 24 مليار جنيه كان المودعون سيجنونها إذا لم تخفض أسعار الفائدة وكانت تساهم في تنشيط السوق وحركة الاستهلاك المحلي وهو الأمر الذي أدي بالتبعية إلي زيادة المخزون السلعي. وأشار الخبير المصرفي أحمد آدم إلي أن النتيجة الإيجابية الوحيدة التي حققها الخفض المستمر في أسعار الفائدة هي تخفيض عبء خدمة الدين المحلي والذي وصل مع نهاية العام المالي 2008 - 2009 نحو 761.6 مليار جنيه موضحاً أن معدل نمو الدين المحلي خلال الخمس سنوات السابقة بلغ 100٪ ويستطرد الخبير المصرفي أن تخفيض أسعار الفائدة لم يؤثر علي زيادة معدلات الإقراض علي الاطلاق والتي تراجع معدل نموها مع نهاية يونيو 2009 إلي 0.2٪ مقارنة بنحو 5.1 ٪ في نهاية يونية 2008. من جانبها توضح بسنت فهمي - المستشار ببنك التمويل المصري السعودي أن السوق مر خلال العام الجاري 2009 بظروف جعلته غير مستقر بالشكل المناسب الذي يجعل هناك جواً مهيئاً لزيادة الإقراض فهناك انصاف من رجال الأعمال عن طلب القروض بالمقارنة بأعوام أخري وذلك لأن معدلات الاستهلاك المحلي تراجعت نتيجة انخفاض القوة الشرائية للأفراد كنتيجة مباشرة لتعطل البعض جراء الأزمة العالمية أو عودة عمال من الخارج لما حدث من مشكلات جراء الأزمة العالمية وكل ذلك جعل معدلات نمو الاستهلاك المحلي تتراجع وهو ما أعطي مؤشرا لرجال الأعمال أن الوقت الحالي غير مناسب للاقتراض وزيادة خطوط الإنتاج. وتقول بسنت إنه بالرغم من أن تخفيض أسعار الفائدة علي الإقراض لم يؤثر في زيادة عمليات الاقتراض، إلا أنه ساهم في تقليل العبء علي المقترضين ومن ثم سيساعد في التقليل من حالات التعثر. وتعترف بسنت فهمي أن البنوك بالفعل حققت أرباحاً نتيجة الفرق بين الفائدة الدائنة والفائدة المدينة وهذه الأرباح سوف تستخدم في أشياء مهمة مثل تدعيم المخصصات العامة للبنوك وذلك استعدادا لتطبيق مقررات بازل2 التي من الممكن أن تتطلب زيادات جديدة في رأس المال وإلا فبعض البنوك التي لن تستطيع ستتعرض لعمليات دمج واستحواذ.