الكاثوليك يحتفلون بالعيد الخميس .. والبطريرك يكتب عن أفراح الميلاد الخميس المقبل يحتفل الكاثوليك في مصر والعالم بعيد ميلاد السيد المسيح حسب التقويم الغربي وتقام قداسات العيد مساء الأربعاء حيث تدق الكنائس فرحا بذكري الميلاد المجيد وتنفرد صفحة قساوسة ورهبان بنشر عظة الميلاد للبطريرك أنطونيوس نجيب بطريرك الأقباط الكاثوليك في مصر والتي تحمل عنوان أفراح الميلاد وإلي نص العظة: ها أنا أبشركم بخبر عظيم يفرح له جميع الشعب: ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب لوقا 2:10 - 11 1- المسيح سبب الفرح من منا لا يشعر بالفرح والسرور في ليلة الميلاد إنه العيد الأمثل الذي يثير هذه المشاعر في القلوب فميلاد طفل هو مصدر فرح وابتهاج في كل بيت ينتظره الوالدان بلهفة ويستقبلون المولود الجديد بالبشر والتهليل يتقبلون التهاني ويحتفلون بعطية الله الحبيبة يحتضنونه بفيض من الحب والحنان والرعاية إنها حياة جديدة جاءت تجدد وتواصل حياتهم وتحمل معها الكثير من الآمال والتمنيات الطيبة هذا ما يجيء به كل مولود جديد. أما في ميلاد يسوع فالأمر يختلف كثيراً: ها أنا أبشركم بخبر عظيم: إنه حدث استثنائي فريد في تاريخ البشر إنه اللحظة الفارقة التي اختارها وحددها الله ليتدخل بصورة حاسمة في حياة ومسيرة البشرية اليوم ولد لكم مخلص هو المسيح الرب إنه بداية العهد الجديد الذي يحمل لنا الخلاص والعودة إلي الوحدة والمصالحة مع الله ومصالحة بعضنا مع بعض تجددت بشريتنا في الكلمة المتجسد فقادها بحياته وتعليمه إلي الخلاص والحق وطريق القداسة والحياة الأبدية بموته وقيامته فتح لنا من جديد باب السماء بعد أن أغلقه أبوانا الأولان بمعصيتهما. وقد سبق الأنبياء وتنبأوا بمجيء المسيح المخلص إله المحبة والسلام واهبا الفرح والبهجة لبني البشر أعلن أشعيا النبي السيد الرب نفسه يعطيكم هذه الآية ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل 7:14 ويعلن يوئيل النبي: لا تخافي أيتها الأرض ابتهجي وافرحي لأن الرب صنع العظائم 2:21 إننا نفرح بميلاد السيد المسيح فرحا عظيما لأنه عيد عمانوئيل أي الرب معنا متي 1:23 نفرح لأن مخلص البشر جاء وصار واحدا منا الكلمة صار جسدا وحل بيننا يوحنا 1:14 أراد الابن الكلمة أن يعيش مع البشر أن يحيا ويتكلم ويعمل معهم بل أن يبذل حياته من أجلهم أراد أن يقيم في قلوبنا وبيوتنا ومدننا وهنيئا لنا متي وجدناه وأحببناه وخدمناه في شخص إخوتنا بني البشر. 2- ظلال وأضواء أحبائي كم نحتاج إلي الفرح فالأزمنة التي نعيشها تمتلئ بأسباب تهدد الفرح القلبي والعائلي والاجتماعي بالذبول بل بالاختفاء التام فالأخبار اليومية تحمل لنا أنباء المآسي والحوادث والكوارث كم من الناس سواء بالقرب أو علي مسافة منا يعانون الجوع والمرض وكم يكتوون بويلات الحروب وأعمال الإرهاب والقرصنة فيموت الآلاف ويتيتم الأطفال ويتشرد الملايين ويصاب الكثيرون بالعاهات التي تشوه أجسادهم وتعطل طاقاتهم عن العمل من أجل حياة كريمة وكم من المؤسسات التي تنهار بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية فتصيب بالبطالة عشرات الآلاف من العاملين أصحاب العائلات الكادحة وضحايا الأنفلونزا تتزايد يوما بعد يوم مهددة صحة وحياة الناس وكم من حوادث الطرق والعمل التي تترك المئات من الموتي والمصابين وكم من الصدامات الاجتماعية والطائفية التي تثير الفزع والرعب وكم من الأفراد والعائلات التي لا تشترك في فرح هذه الليلة المباركة بسبب فقد أعزاء تركوا في قلوبهم جراحا من الحزن العميق إننا نشارك البشر في كل مكان آلامهم ونصلي من أجلهم. أمام هذا الواقع الأليم يشعر الكثيرون باليأس والأسي يتذمرون من كل ما يحيط بهم من أحوال مؤلمة وينغلق آخرون علي أنفسهم مكتفين بالبحث عن سعادة أنانية محدودة وقد ينساق البعض وراء إغراءات أصحاب المصالح الشخصية والطموحات الانتفاعية العابرة فيتجندون لزعزعة السلام وخلخلة الأمان وتمزيق الأخوة والمحبة ووسط كل ذلك يضيع الفرح من القلوب والبيوت والمجتمعات. رغم هذه الظلال تشرق أضواء كثيرة تبدد ظلال اليأس والقنوط وتبعث في القلوب مشاعر الفرح والابتهاج فالمآسي والأحزان توحد بين القلوب المحبة والمتعاطفة والحوادث والكوارث تثير الهمة للمسارعة إلي المعونة والمساندة وآلام الفقر والمرض توحي للكثيرين بالمشاركة والمساعدة والافتقاد فشعبنا المصري بنوع عام طيب القلب عطوف، عطاء، شهم، كريم ومحب فلا نترك الأحداث القاتمة المخالفة لذلك وإن تكررت تغير هذه الملامح الجميلة التي تبعث الفرح وتحافظ عليه وتحميه بل بالعكس فلنعمل جاهدين علي تربية أبنائنا علي هذا النهج لنضمن لبيوتنا ومجتمعاتنا السلام والفرح والمحبة. مسيح الميلاد علمنا سر هذا التضامن في الحياة والتعامل عندما قال لنا كل ما عملتوه لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار فلي عملتوه متي 25:40 عندما نري شخص المسيح في كل إنسان لن نستطيع أن نتعامل معه إلا بالحب والعطاء والتضحية مثلما صنع هو معنا ومن يختبر ذلك يعرف كم هو مصدر فرح لا مثيل له كما أعلن بولس الرسول العطاء أكثر غبطة من الأخذ أعمال 20:35. 3- إفرحوا دائما في الرب وأقول لكم أيضا إفرحوا فيلبي 4:4 ويناشدنا القديس بولس الرسول قائلاً إفرحوا دائما في الرب وأقول أيضا إفرحوا نعم إفرحوا في الرب هذه هي دعوة عيد الميلاد لنا في هذا المساء هذا ما بشر به الملائكة رغم كل الظروف التي عاشتها العائلة المقدسة في هذا الميلاد العجيب الفرح رغم البعد عن الدار والجار ورغم إنغلاق جميع الأبواب أمام هؤلاء المسافرين الغرباء الفرح رغم فقر المغارة ومذود البقر ورغم إنشغال سائر الناس بشئونهم الخاصة ولا مبالاتهم بهذه الأسرة العابرة والفرح رغم عداوة القوة الغاشمة فها هو هيرودس يريد أن يعرف أين يوجد المولود ملك اليهود ليقضي عليه وعندما لم يرجع إليه المجوس ليخبروه بموضعه أرسل جنوده فقتلوا كل أطفال بيت لحم وجوارها من ابن سنتين فما دون متي 2:16. تعمل الكنيسة الكاثوليكية علي أن يشع الفرح الروحي والقلبي في جميع النفوس وتجند كل طاقاتها من أجل ذلك هكذا مثلا في شهر أكتوبر الماضي انعقد مجمع الأساقفة من أجل أفريقيا شارك فيه أكثر من ثلاثمائة من كرادلة وبطاركة وأساقفة وكهنة وراهبات ومؤمنين علمانيين من كل بلاد أفريقيا ومن ممثلين من باقي بلاد العالم وكان موضوعه الكنيسة في خدمة المصالحة والعدالة والسلام واشترك فيه ستة من المطارنة الكاثوليك بمصر وثلاثة مصريين آخرين عن الكهنة والراهبات والعلمانيين وتكرس الكنيسة الكاثوليكية سنة كاملة للكهنة ليتجددوا في التقوي والتضحية والمحبة فيصيروا صانعي سلام وفرح. وتسعي الكنيسة بهذه المبادرات وأمثالها إلي أن تزرع في القلوب وفي المجتمع القيم التي تحقق السلام والعدالة والمحبة وهي المناخ الضروري لحياة الفرح ولا تتردد في شجب ما يعكر السلام والمودة فمثلا في اليوم التالي مباشرة لنتيجة الاستفتاء السويسري بمنع بناء المآذن أعلن الفاتيكان استنكاره لهذا الموقف كما جاء بجريدة الأهرام لأن الكنيسة الكاثوليكية اختبرت في أماكن كثيرة في العالم ما يسببه الحرمان من أماكن ورموز الصلاة من غبن وألم ولا تريد أن يعاني منه أي شخص أو جماعة وإني أضم صوتي وصوت الكنيسة الكاثوليكية المصرية إلي صوت قداسة البابا مستنكراً إثارة الفرقة بين الأديان والشعوب. فلنبتهل إلي أمنا العذراء مريم التي أنشدت فلتبتهج روحي بالله مخلصي لوقا 1:47 وعاشت ميلاد ابنها يسوع في أصعب الظروف وأقساها وهي ممتلئة بالفرح الإلهي لأنها أعطت لنا المسيح المخلص أن تعلمنا أن نفرح كل حين في الرب ونحن نفرح اليوم وكل يوم لأن الكلمة الذي كان في البدء صار واحدا منا حباً بنا ووعدنا أن يبقي معنا إلي إنقضاء الدهر متي 28:20 ففي كل مرة نلاقي يسوع في شخصه وفي شخص إخوتنا يولد الفرح الإلهي في قلبنا في ليلة عيد الميلاد هذه نرفع تسبيحنا وحمدنا لله ولكلمته المتجسد سبب وينبوع فرحنا. ونريد أن نقدم شكرنا الجزيل لرئيسنا المحبوب السيد محمد حسني مبارك من أجل كل ما يبذله من جهد في الداخل والخارج لتحقيق السلام والوحدة والرفاهية ونلتمس من المولي سبحانه وتعالي أن يحفظه لنا قائدا للوطن وأن يحمي قواتنا المسلحة حراس بلدنا العزيز وأن يبارك ويوفق جميع المسئولين الذين يبنون أجيالنا حفظ الله مصر و شعب مصر أرض السلام والمحبة. والمجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وللناس الفرح والمسرة